عَمَلَيْنِ فَعَمِلَ أَحَدَهُمَا
وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّةٍ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ رَدَّ جَمِيعَ الْإِجَارَةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ سَفَرَهُمَا وَعَمَلَهُمَا وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَلَا يَأْتِي بِعَمَلِ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَنْوِيَ جَامِعًا بَيْنَ عَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا مَعًا عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ؛ لِأَنَّهُ نَوَى أَحَدَهُمَا عَنْ نَفْسِهِ فَصَارَا مَعًا عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ عَمَلَ نَفْسِهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ عَمَلِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يَتَمَيَّزْ عَمَلُ نَفْسِهِ مِنْ عَمَلِ غَيْرِهِ،
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ رَجُلًا يَحُجُّ عَنْ مَيِّتٍ فَأَهَلَّ بِحَجٍّ عَنْ مَيِّتٍ ثُمَّ نَوَاهُ عَنْ نَفْسِهِ كَانَ الْحَجُّ عَنْ الَّذِي نَوَى الْحَجَّ عَنْهُ وَكَانَ الْقَوْلُ فِي الْأُجْرَةِ وَاحِدًا مِنْ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مُبْطِلٌ لَهَا لِتَرْكِ حَقِّهِ فِيهَا، وَالْآخَرُ أَنَّهَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلَانِ رَجُلًا يَحُجُّ عَنْ أَبَوَيْهِمَا، فَأَهَلَّ بِالْحَجِّ عَنْهُمَا مَعًا كَانَ مُبْطِلًا لِإِجَارَتِهِ، وَكَانَ الْحَجُّ عَنْ نَفْسِهِ، لَا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْهُمَا أَوْ عَنْ أَحَدِهِمَا كَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَبَطَلَتْ إجَارَتُهُ.
وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَحُجَّ قَطُّ فَتَطَوَّعَ مُتَطَوِّعٌ قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ بِأَنْ يَحُجَّ عَنْهُ فَحَجَّ عَنْهُ أَجْزَأَ عَنْهُ ثُمَّ لَمْ يَكُنْ لِوَصِيِّهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا لِيَحُجَّ عَنْهُ غَيْرُهُ وَلَا أَنْ يُعْطِيَ هَذَا شَيْئًا لِحَجِّهِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَجَّ عَنْهُ مُتَطَوِّعًا، وَإِذَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَثْعَمِيَّةَ أَنْ تَحُجَّ عَنْ أَبِيهَا وَرَجُلًا أَنْ يَحُجَّ عَنْ أُمِّهِ وَرَجُلًا أَنْ يَحُجَّ عَنْ أَبِيهِ لَنَذَرَ نَذْرَهُ أَبُوهُ دَلَّ هَذَا دَلَالَةً بَيِّنَةً أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُحْرِمَ الْمَرْأَةُ عَنْ الرَّجُلِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذَا كَانَ أَنْ يُحْرِمَ الرَّجُلُ عَنْ الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ عَنْ الْمَرْأَةِ أَوْلَى، مِنْ قِبَلِ أَنَّ الرَّجُلَ أَكْمَلُ إحْرَامًا مِنْ الْمَرْأَةِ وَإِحْرَامُهُ كَإِحْرَامِ الرَّجُلِ فَأَيُّ رَجُلٍ حَجَّ عَنْ امْرَأَةٍ أَوْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ حَجَّتْ عَنْ امْرَأَةٍ أَوْ عَنْ رَجُلٍ أَجْزَأَ ذَلِكَ الْمَحْجُوجَ عَنْهُ، إذَا كَانَ الْحَاجُّ قَدْ حَجَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ.
بَابُ مِنْ أَيْنَ نَفَقَةُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَحُجَّ
؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ وَطَاوُوسٍ أَنَّهُمَا قَالَا: الْحَجَّةُ الْوَاجِبَةُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَالَ غَيْرُهُمَا لَا يُحَجُّ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَ، فَإِنْ أَوْصَى حُجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثِهِ إذَا بَلَغَ ذَلِكَ الثُّلُثَ وَبُدِئَ عَلَى الْوَصَايَا؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ لَمْ يُحَجَّ عَنْهُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ إذَا أَنْزَلْت الْحَجَّ عَنْهُ وَصِيُّهُ حَاصَّ أَهْلَ الْوَصَايَا وَلَمْ يَبْدَأْ غَيْرَهُ مِنْ الْوَصَايَا، وَمَنْ قَالَ هَكَذَا فَكَانَ يَبْدَأُ بِالْعِتْقِ بَدَأَ عَلَيْهِ (قَالَ): وَالْقِيَاسُ فِي هَذَا أَنَّ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، فَمَنْ قَالَ هَذَا قَضَى أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَنْهُ بِأَقَلَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ أَنْ يُسْتَأْجَرَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِيقَاتِهِ أَوْ قُرْبِهِ لِتَخِفَّ مُؤْنَتُهُ وَلَا يُسْتَأْجَرُ رَجُلٌ مِنْ بَلَدِهِ إذَا كَانَ بَلَدُهُ بَعِيدًا إلَّا أَنْ يُبَدَّلَ ذَلِكَ بِمَا يُوجَدُ بِهِ رَجُلٌ قَرِيبٌ، وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَالَهُ فِي الْحَجِّ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهِ وَرَآهُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَقَالَهُ فِي كُلِّ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ وَقَالَهُ فِي كُلِّ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَخْرَجٌ مِنْهُ إلَّا بِأَدَائِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فِيهِ مِثْلُ زَكَاةِ الْمَالِ وَمَا كَانَ، لَا يَكُونُ أَبَدًا إلَّا وَاجِبًا عَلَيْهِ شَاءَ أَوْ كَرِهَ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ هُوَ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ إنَّمَا وَجَبَتْ لَهُمْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهَذَا مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، أَمَرَ أَنْ يُؤَدِّيَهُ إلَى صِنْفٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ فَجَمَعَ أَنْ وَجَبَ وُجُوبَ الْحَجِّ بِفَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ كَانَ كَمَا وَصَفْت لِلْآدَمِيّين، وَمَنْ قَالَ هَذَا بَدَأَ هَذَا عَلَى جَمِيعِ مَا مَعَهُ مِنْ الْوَصَايَا وَالتَّدْبِيرِ وَحَاصَّ بِهِ أَهْلَ الدَّيْنِ قَبْلَ الْوَرَثَةِ إذَا جَعَلَهُ اللَّهُ وَاجِبًا وُجُوبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute