بَابُ الْجَعَالَة وَلَيْسَ فِي التَّرَاجِمِ
وَفِي آخِرِ اللُّقَطَةِ الْكَبِيرَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا جَعْلَ لِأَحَدٍ جَاءَ بِآبِقٍ، وَلَا ضَالَّةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَ لَهُ فِيهِ فَيَكُونُ لَهُ مَا جَعَلَ لَهُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ مَنْ يُعْرَفُ بِطَلَبِ الضَّوَالِّ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ بِهِ وَمَنْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَالَ الْآخَرُ: إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا ثُمَّ جَاءَا بِهِ جَمِيعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ جَعْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ نِصْفَ مَا جَعَلَ عَلَيْهِ كَانَ صَاحِبُ الْعَشَرَةِ قَدْ سَمِعَ قَوْلَهُ لِصَاحِبِ الْعِشْرِينَ، أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِثَلَاثَةٍ فَقَالَ: لِأَحَدِهِمْ إنْ جِئْتنِي بِهِ فَلَكَ كَذَا، وَلِآخَرَ وَلِآخَرَ. فَجَعَلَ أَجْعَالًا مُخْتَلِفَةً ثُمَّ جَاءُوا بِهِ مَعًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ثُلُثُ جَعْلِهِ
كِتَابُ الْفَرَائِضِ
" بَابُ الْمَوَارِيثِ "
مَنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ الْمِيرَاثَ وَكَانَ يَرِثُ، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى مِيرَاثَ الْوَالِدَيْنِ وَالْإِخْوَةِ وَالزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ فَكَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ كَانَ وَالِدًا، أَوْ أَخًا مَحْجُوبًا وَزَوْجًا وَزَوْجَةً، فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَرِثُوا وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ سُمِّيَ لَهُ مِيرَاثٌ إذَا كَانَ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَقَاوِيلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ أَهْلَ الْمَوَارِيثِ إنَّمَا وَرِثُوا إذَا كَانُوا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ.
قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: وَهَكَذَا نَصُّ السُّنَّةِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ هَكَذَا دَلَالَتُهَا، قُلْت وَكَيْفَ دَلَالَتُهَا؟ قَالَ: أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: قَوْلًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ مَنْ سُمِّيَ لَهُ مِيرَاثٌ لَا يَرِثُ. فَيُعْلَمُ أَنَّ حُكْمَ اللَّهِ تَعَالَى لَوْ كَانَ عَلَى أَنْ يَرِثَ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ الْأُبُوَّةِ وَالزَّوْجَةِ وَغَيْرِهِ عَامًّا لَمْ يَحْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَحَدٍ لَزِمَهُ اسْمُ الْمِيرَاثِ بِأَنْ لَا يَرِثَ بِحَالٍ. قِيلَ: لِلشَّافِعِيِّ فَاذْكُرْ الدَّلَالَةَ فِيمَنْ لَا يَرِثُ مَجْمُوعَةً. قَالَ: لَا يَرِثُ أَحَدٌ مِمَّنْ سُمِّيَ لَهُ مِيرَاثٌ حَتَّى يَكُونَ دِينُهُ دِينَ الْمَيِّتِ الْمَوْرُوثِ وَيَكُونُ حُرًّا، وَيَكُونُ بَرِيئًا مِنْ أَنْ يَكُونَ قَاتِلًا لِلْمَوْرُوثِ، فَإِذَا بَرِئَ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ الْخِصَالِ وَرِثَ، وَإِذَا كَانَتْ فِيهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَمْ يَرِثْ، فَقُلْت: فَاذْكُرْ مَا وَصَفْت، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ، وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ» وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: إنَّمَا وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ عَلِيٌّ، وَلَا جَعْفَرٌ. قَالَ: فَلِذَلِكَ تَرَكْنَا نَصِيبَنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute