للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حِصَّتِهِمَا مِنْهَا شَيْئًا، وَسَوَاءٌ كَاتَبَ الْعَبِيدَ كِتَابَةً وَاحِدَةً فَسَمُّوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، أَوْ لَمْ يُسَمُّوا، كَمَا سَوَاءٌ أَنْ يُبَاعُوا صَفْقَةً فَيُسَمِّي كَمْ حِصَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ لَا يُسَمِّي فَالْكِتَابَةُ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ قِيمَتِهِمْ يَوْمَ يُكَاتَبُونَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِمْ قَبْلَ الْكِتَابَةِ وَلَا بَعْدَهَا، وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كَانَ الْعَبِيدُ ذَوِي رَحِمٍ، أَوْ غَيْرَ ذِي رَحِمٍ، أَوْ رَجُلًا وَوَلَدَهُ، أَوْ رَجُلًا وَأَجْنَبِيَّيْنِ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْكِتَابَةِ.

فَإِنْ كَاتَبَ رَجُلٌ وَابْنَانِ لَهُ بَالِغَانِ فَمَاتَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ وَتَرَكَ مَالًا، أَوْ الْأَبُ وَبَقِيَ الِابْنَانِ وَتَرَكَ مَالًا قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ وَيَرْفَعُ عَنْ الْمُكَاتَبِينَ مَعَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَأَيُّهُمْ عَجَزَ فَلِسَيِّدِهِ تَعْجِيزُهُ وَأَيُّهُمْ شَاءَ أَنْ يَعْجَزَ فَذَلِكَ لَهُ، وَأَيُّهُمْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ فَالْعِتْقُ جَائِزٌ، وَأَيُّهُمْ أَبْرَأهُ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ فَهُوَ حُرٌّ، وَتُرْفَعُ حِصَّتُهُ مِنْ الْكِتَابَةِ عَنْ شُرَكَائِهِ، وَأَيُّهُمْ أَدَّى عَنْ أَصْحَابِهِ مُتَطَوِّعًا فَيَعْتِقُوا مَعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمْ بِمَا أَدَّى عَنْهُمْ، فَإِنْ أَدَّى عَنْهُمْ بِإِذْنِهِمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِمَا أَدَّى عَنْهُمْ فَإِنْ أَدَّى عَنْ اثْنَيْنِ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا وَغَيْرِ أَمْرِ الْآخَرِ رَجَعَ عَلَى الَّذِي أَدَّى عَنْهُ بِأَمْرِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.

مَا يَعْتِقُ بِهِ الْمُكَاتَبُ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَجِمَاعُ الْكِتَابَةِ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ عَبِيدَهُ عَلَى نَجْمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِمَالٍ صَحِيحٍ يَحِلُّ بَيْعُهُ وَمِلْكُهُ، كَمَا تَكُونُ الْبُيُوعُ الصَّحِيحَةُ بِالْحَلَالِ إلَى الْآجَالِ الْمَعْلُومَةِ، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَكَانَ مِمَّنْ تَجُوزُ كِتَابَتُهُ مِنْ الْمَالِكِينَ وَمِمَّنْ تَجُوزُ كِتَابَتُهُ مِنْ الْمَمْلُوكِينَ كَانَتْ الْكِتَابَةُ صَحِيحَةً وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَقُولَ فِي الْمُكَاتَبَةِ: فَإِذَا أَدَّيْتَ إلَيَّ هَذَا وَيَصِفُهُ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ مَا شَرَطَ عَلَيْهِ، فَهُوَ حُرٌّ بِالْأَدَاءِ، وَكَذَلِكَ إذَا أَبْرَأهُ السَّيِّدُ مِمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ عَجْزٍ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ مَانِعَهُ مِنْ الْعِتْقِ أَنْ يَبْقَى لِسَيِّدِهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ قَالَ: قَدْ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا وَلَمْ يَقُلْ لَهُ: إذَا أَدَّيْتَهُ فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ إنْ أَدَّاهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} قِيلَ: هَذَا مِمَّا أَحْكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ جُمْلَتَهُ إبَاحَةَ الْكِتَابَةِ بِالتَّنْزِيلِ فِيهِ وَأَبَانَ فِي كِتَابِهِ أَنَّ عِتْقَ الْعَبْدِ إنَّمَا يَكُونُ بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهِ إيَّاهُ فَقَالَ {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} فَكَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ تَحْرِيرَهَا إعْتَاقُهَا، وَأَنَّ عِتْقَهَا إنَّمَا هُوَ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمَمْلُوكِ: أَنْتَ حُرٌّ كَمَا كَانَ بَيِّنًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا هُوَ بِإِيقَاعِهِ بِكَلَامِ الطَّلَاقِ الْمُصَرِّحِ لَا التَّعْرِيضِ وَلَا مَا يُشْبِهُ الطَّلَاقَ هَكَذَا عَامَّةً مِنْ جُمَلِ الْفَرَائِضِ أُحْكِمَتْ جُمَلُهَا فِي آيَةٍ وَأُبِينَتْ أَحْكَامُهَا فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ إجْمَاعٍ، فَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ: إنْ أَدَّيْتَ إلَيَّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَدَّى فَلَا يَعْتِقُ، وَذَلِكَ خَرَاجٌ أَدَّاهُ إلَيْهِ، وَكُلُّ هَذَا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ، أَوْ خَرِسَ وَلَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ الْكِتَابَةِ وَلَا مَعَهَا قَوْلًا، إنَّ قَوْلِي قَدْ كَاتَبْتُكَ إنَّمَا كَانَ مَعْقُودًا عَلَى أَنَّك إذَا أَدَّيْتَ فَأَنْتَ حُرٌّ، فَإِذَا قَالَ: هَذَا فَأَدَّى فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ يُشْبِهُ الْعِتْقَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: اذْهَبْ، أَوْ اعْتِقْ نَفْسَك يَعْنِي بِهِ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ، وَكَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اذْهَبِي أَوْ تَقَنَّعِي يُعْنَى بِهِ الطَّلَاقَ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَا يَقَعُ فِي التَّعْرِيضِ طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ إلَّا بِأَنْ يَقُولَ: قَدْ عَقَدْت الْقَوْلَ عَلَى نِيَّةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ. .

<<  <  ج: ص:  >  >>