قَبْلَ أَنْ تَصِحَّ جَازَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا مِنْ الْخُلْعِ وَكَانَ الْفَضْلُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَصِيَّةً يُحَاصَّ أَهْلَ الْوِصَايَةِ بِهَا وَلَا تَرِثُ الْمُخْتَلِعَةُ فِي الْمَرَضِ وَلَا فِي الصِّحَّةِ زَوْجَهَا وَلَا يَرِثُهَا وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ
(قَالَ): وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ دَارٍ بِعَيْنِهَا وَقِيمَةُ الْعَبْدِ وَالدَّارِ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ ثُمَّ مَاتَتْ مِنْ مَرَضِهَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ أَوْ الدَّارِ أَوْ يَرْجِعَ بِمَهْرِ مِثْلِهَا نَقْدًا كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهُ كَانَ لَهُ إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ بَاطِلَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ أَحَدَهُمَا حَرَامٌ وَالْآخَرَ حَلَالٌ فَبَطَلَتْ كُلُّهَا، وَهَكَذَا الْخُلْعُ عَلَى عَبْدٍ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَلَهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَالْعَبْدُ مَرْدُودٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْمَرْأَةِ مِيرَاثٌ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ بِحَالِهِ أَصَابَ مِنْهُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مِثْلَ صَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ الصَّدَاقُ الَّذِي أَعْطَاهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ إنَّمَا الْخُلْعُ كَالْبَيْعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْخُلْعَ يَفْسُدُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبُيُوعِ الْفَائِتَةِ الْفَاسِدَةِ بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ وَمَالِ الْمِيرَاثِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ حَتَّى تَمُوتَ الْمَرْأَةُ وَهُوَ زَوْجٌ وَالْخُلْعُ الَّذِي هُوَ عِوَضٌ مِنْ الْبُضْعِ.
مَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِهِ الْخُلْعُ وَمَا لَا يَجُوزُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: جِمَاعُ مَا يَجُوزُ بِهِ الْخُلْعُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى كُلِّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْخُلْعُ فَإِنْ كَانَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا فَالْخُلْعُ بِهِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا فَهُوَ مَرْدُودٌ وَكَذَلِكَ إنْ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ مُسْتَأْجِرًا فَهُوَ كَالْمَبِيعِ (قَالَ): وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُخَالِعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ بِجَنِينٍ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ عَبْدٍ آبِقٍ أَوْ طَائِرٍ فِي السَّمَاءِ أَوْ حُوتٍ فِي مَاءٍ أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ أَوْ بِمَا فِي يَدِهَا وَلَا يَعْرِفُ الَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ أَوْ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ أَوْ بِعَبْدٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَا صِفَةٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى مَيْسَرَةٍ أَوْ إلَى مَا شَاءَ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ أَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَى هَذَا أَوْ يُخَالِعُهَا بِحُكْمِهِ أَوْ بِمَا شَاءَ فُلَانٌ أَوْ بِمَالِهَا كُلِّهِ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ أَوْ بِمَا فِي بَيْتِهَا وَهُوَ لَا يَعْرِفُهُ (قَالَ): وَإِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى هَذَا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ لَا يُرَدُّ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا أَبَدًا بِمَهْرِ مِثْلِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ دَارِ رَجُلٍ فَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لَا يَجُوزُ فِيهِمَا حِينَ عُقِدَ وَهَكَذَا إنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وَجَدَ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا رَجَعَ عَلَيْهَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا لَا قِيمَةِ مَا خَالَعَهَا عَلَيْهِ وَلَا مَا أَخَذَتْ مِنْهُ مِنْ الْمَهْرِ كَمَا يَشْتَرِي الشَّيْءَ شِرَاءً فَاسِدًا فَيَهْلِكُ فِي يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى الْفَائِتِ لَا بِقِيمَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ وَالطَّلَاقُ لَا يَرْجِعُ فَهُوَ كَالْمُسْتَهْلِكِ فَيَرْجِعُ بِمَا فَاتَ مِنْهُ وَقِيمَةُ مَا فَاتَ مِنْهُ صَدَاقُ مِثْلِهَا كَقِيمَةِ السِّلْعَةِ الْفَائِتَةِ
(قَالَ): وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ يَرُدَّ الْعَبْدَ وَيَرْجِعَ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا كَحُكْمِهِ لَوْ اشْتَرَاهُ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهُ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَقَوْلُ الشَّافِعِيُّ الَّذِي نَأْخُذُ بِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ بَطَلَ كُلُّهُ وَرَجَعَ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا
(قَالَ): وَكَذَلِكَ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّهُ بَرِيءٌ مِنْ سُكْنَاهَا كَانَ الطَّلَاقُ وَاقِعًا وَكَانَ مَا اخْتَلَعَتْ بِهِ غَيْرَ جَائِزٍ لِأَنَّ إخْرَاجَهَا مِنْ الْمَسْكَنِ مُحَرَّمٌ وَلَهَا السُّكْنَى وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنَّ عَلَيْهَا رَضَاعَ ابْنِهَا وَقْتًا مَعْلُومًا كَانَ جَائِزًا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ تَصِحُّ عَلَى الرَّضَاعِ بِوَقْتٍ مَعْلُومٍ فَلَوْ مَاتَ الْمَوْلُودُ وَقَدْ مَضَى نِصْفُ الْوَقْتِ رَجَعَ عَلَيْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute