للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَدَعُ ذَوَاتَ الْأَرْوَاحِ إنْ لَمْ يَقْوَ عَلَى سَوْقِهَا وَعَلَى مَنْعِهَا وَيَصْنَعُ فِي غَيْرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ مَا شَاءَ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: أَفَرَأَيْت الْإِمَامَ إذَا أَحْرَزَ مَا يُحْمَلُ مِنْ الْمَتَاعِ فَحَرَّقَهُ فِي بِلَادِ الشِّرْكِ وَهُوَ يُقَاتِلُ أَوْ حَرَّقَهُ عِنْدَ إدْرَاكِ الْمُشْرِكِينَ لَهُ وَخَوَّفَهُ أَنْ يَسْتَنْقِذُوهُ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ وَبَعْدَمَا قُسِمَ؟ فَقَالَ: كُلُّ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ إنْ أَحْرَقَهُ بِإِذْنِ مَنْ مَعَهُ حَلَّ لَهُ وَلَمْ يَضْمَنْ لَهُمْ سِوَاهُ وَيُعْزَلُ الْخُمُسُ لِأَهْلِهِ فَإِنْ سَلَّمَ بِهِ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ خَاصَّةً وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَمَتَى حَرَّقَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ ضَمِنَهُ لَهُمْ إنْ شَاءُوا وَكَذَلِكَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ حَرَّقَهُ يَضْمَنُ مَا حَرَّقَ مِنْهُ إنْ حَرَّقَهُ بَعْدَ أَنْ يَحُوزَهُ الْمُسْلِمُونَ فَأَمَّا إذَا أَحْرَقَهُ قَبْلَ أَنْ يُحْرِزَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

السَّبْيُ يُقْتَلُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا أُسِرَ الْمُشْرِكُونَ فَصَارُوا فِي يَدِ الْإِمَامِ فَفِيهِمْ حُكْمَانِ، أَمَّا الرِّجَالُ الْبَالِغُونَ فَلِلْإِمَامِ إنْ شَاءَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ أَوْ بَعْضَهُمْ أَوْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا صَنَعَ مِنْ ذَلِكَ أَسَرَتْهُمْ الْعَامَّةُ أَوْ أَحَدٌ أَوْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِمْ أَوْ وَالٍ هُوَ أَسَرَهُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمْ إلَّا عَلَى النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ تَقْوِيَةِ دِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَوْهِينِ عَدُوِّهِ وَغَيْظِهِمْ وَقَتْلِهِمْ بِكُلِّ حَالٍ مُبَاحٍ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمُنَّ عَلَيْهِمْ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ يَرَى لَهُ سَبَبًا مِمَّنْ مَنَّ عَلَيْهِ يَرْجُو إسْلَامَهُ أَوْ كَفَّهُ الْمُشْرِكِينَ أَوْ تَخْذِيلَهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ تَرْهِيبَهُمْ بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ وَإِنْ فَعَلَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْمَعْنَى كُرِهْتُ لَهُ وَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَكَذَلِكَ لَهُ أَنْ يُفَادِيَ بِهِمْ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانَ لَهُ الْمَنُّ بِلَا مُفَادَاةٍ فَالْمُفَادَاةُ أَوْلَى أَنْ تَكُونَ لَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَمَنْ أُرِقَّ مِنْهُمْ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ فِدْيَةٌ فَهُوَ كَالْمَالِ الَّذِي غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ وَيُخَمَّسُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَدُونَ الْبَالِغِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إذَا أُسِرُوا بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ الْإِسَارُ فَهُمْ كَالْمَتَاعِ الْمَغْنُومِ لَيْسَ لَهُ تَرْكُ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَا قَتْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لِقِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْجُنْدِ إنْ فَعَلَ كَانَ ضَامِنًا لِقِيمَةِ مَا اسْتَهْلَكَ مِنْهُمْ وَأَتْلَفَ.

سِيَرُ الْوَاقِدِيِّ

(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَصْلُ فَرْضِ الْجِهَادِ وَالْحُدُودِ عَلَى الْبَالِغِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالْفَرَائِضِ عَلَى البوالغ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ مَوْضِعَيْنِ فَأَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} فَأَخْبَرَ أَنَّ عَلَيْهِمْ إذَا بَلَغُوا الِاسْتِئْذَانَ فَرْضًا كَمَا كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ الْبَالِغِينَ وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} وَكَانَ بُلُوغُ النِّكَاحِ اسْتِكْمَالَ خَمْسَ عَشَرَةَ وَأَقَلَّ فَمَنْ بَلَغَ النِّكَاحَ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشَرَةَ أَوْ قَبْلَهَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْفَرْضُ كُلُّهُ وَالْحُدُودُ وَمَنْ أَبْطَأَ عَنْهُ بُلُوغُ النِّكَاحِ فَالسِّنُّ الَّتِي يَلْزَمُهُ بِهَا الْفَرَائِضُ مِنْ الْحُدُودِ وَغَيْرِهِمَا اسْتِكْمَالُ خَمْسَ عَشَرَةَ وَالْأَصْلُ فِيهِ مِنْ السُّنَّةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ الْجِهَادِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشَرَةَ سَنَةً وَأَجَازَهُ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً وَعَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ طَالِبَانِ لَأَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ مُجَاهِدًا فِي الْحَالَيْنِ فَأَجَازَهُ إذَا بَلَغَ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>