وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ نِضْوُ الْخَلْقِ ضَعِيفُ الْأَصَابِعِ قَصِيرُهَا أَوْ قَبِيحُهَا أَوْ مَعِيبٌ بَعْضُهَا عَيْبًا لَيْسَ بِشَلَلٍ وَالْقَاطِعُ تَامُّ الْيَدِ وَالْأَصَابِعِ حَسَنُهَا قُطِعَتْ بِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَقْطُوعُ هُوَ التَّامُّ الْيَدِ وَالْقَاطِعُ هُوَ الناقصها كَانَتْ لَهُ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا فِي الْقِصَاصِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قَطَعَ الرَّجُلُ يَدَ الرَّجُلِ وَفِيهَا أُصْبُعٌ شَلَّاءُ أَوْ مَقْطُوعَةُ أُنْمُلَةٍ وَالْقَاطِعُ تَامُّ الْأَصَابِعِ لَمْ يُقَدْ مِنْهُ لِلْمَقْطُوعِ لِنَقْصِ يَدِهِ عَنْ يَدِهِ وَلَوْ قَالَ: اقْطَعُوا لِي مِنْ أَصَابِعِهِ بِقَدْرِ أَصَابِعِي وَأُبْطِلُ حَقِّي فِي الْكَفِّ قُطِعَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ مِنْ قَطْعِ الْكَفِّ كُلِّهَا. وَإِذَا كَانَتْ فِي الرَّجُلِ الْحَيَاةُ وَإِنْ كَانَ أَعْمَى أَصَمَّ فَقَتَلَهُ صَحِيحٌ قُتِلَ بِهِ لَيْسَ فِي النَّفْسِ نَقْصُ حُكْمٍ عَنْ النَّفْسِ وَفِيمَا سِوَى النَّفْسِ نَقْصٌ عَنْ مِثْلِهِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ إذَا كَانَ النَّقْصُ عَدَمًا أَوْ شَلَلًا أَوْ فِي مَوْضِعِ شَجَّةٍ وَغَيْرِهَا. فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا شَجَّ رَجُلًا فِي قَرْنِهِ وَالشَّاجُّ أَسْلَخُ الْقَرْنِ فَلِلْمَشْجُوجِ الْخِيَارُ فِي الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذُ الْأَرْشِ. وَلَوْ كَانَ الْمَشْجُوجُ أَسْلَخَ الْقَرْنِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَشْجُوجِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ أَنْقَصُ الشَّعْرِ عَنْ الشَّاجِّ.
وَلَوْ كَانَ خَفِيفَ الشَّعْرِ أَوْ فِيهِ قَرَعٌ قَلِيلٌ يَكْتَسِي بِالشَّعْرِ إنْ طَالَ شَيْءٌ كَانَ لَهُ الْقِصَاصُ (قَالَ الرَّبِيعُ) قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ: لَا تُقْطَعُ أُصْبُعٌ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ وَلَا نَاقِصَةُ أُنْمُلَةٍ وَلَهُ حُكُومَةٌ فِي الشَّلَّاءِ وَأَرْشُ الْمَقْطُوعَةِ الْأُنْمُلَةِ. .
ذَهَابُ الْبَصَرِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا جَنَى الرَّجُلُ عَلَى عَيْنِ الرَّجُلِ فَفَقَأَهَا فَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ سَأَلَ أَنْ يُمْتَحَنَ فَيُعْلَمَ أَنَّهُ لَا يُبْصِرُ بِهَا فَلَيْسَ فِي هَذَا مُثْلَةٌ وَفِي هَذِهِ الْقَوَدُ إنْ كَانَ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْعَقْلَ فَإِذَا شَاءَ الْعَقْلَ فَفِيهَا خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي دُونَ عَاقِلَتِهِ.
وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَفِيهَا خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثَا الْخَمْسِينَ فِي مُضِيِّ سَنَةٍ، وَثُلُثُ الْخَمْسِينَ فِي مُضِيِّ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ: فَإِنْ جُرِحَتْ عَيْنُ رَجُلٍ أَوْ ضُرِبَتْ وَابْيَضَّتْ فَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ: قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهَا سُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَا فَإِنْ قَالُوا قَدْ نُحِيطُ بِذَهَابِ الْبَصَرِ عِلْمًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُمْ عَلَى ذَهَابِ الْبَصَرِ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَفِيهَا الْقَوَدُ إلَّا شَاهِدَانِ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ عَدْلَانِ. وَقُبِلَ إنْ كَانَتْ خَطَأً لَا قَوَدَ فِيهَا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وَشَاهِدٌ وَيَمِينُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَسْأَلُ مَنْ يَقْبَلُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْبَصَرِ فَإِنْ قَالُوا إذَا ذَهَبَ الْبَصَرُ لَمْ يَعُدْ وَقَالُوا: نَحْنُ نَعْلَمُ ذَهَابَهُ وَمَكَانَهُ قُضِيَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْأَرْشَ أَوْ الْأَرْشَ فِي الْخَطَأِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَصَرِ فَقَالُوا مَا يَكُونُ عِلْمُنَا بِذَهَابِ الْبَصَرِ عِلْمًا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُدَّةٌ، ثُمَّ نَنْظُرُ إلَى بَصَرِهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ عَلَى مَا نَرَاهُ فَقَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ لَمْ يُقْضَ لَهُ حَتَّى تَأْتِيَ تِلْكَ الْمُدَّةُ مَا لَمْ يَحْدُثْ عَلَيْهِ حَادِثٌ.
وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ هَكَذَا عَدَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصَرِ وَخَالَفَهُمْ غَيْرُهُمْ لَمْ أَقْضِ لَهُ حَتَّى تَأْتِيَ تِلْكَ الْمُدَّةُ الَّتِي يُجْمَعُونَ عَلَى أَنَّهَا إذَا كَانَتْ وَلَمْ يُبْصِرْ فَقَدْ ذَهَبَ الْبَصَرُ وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْبَصَرِ فِي أَنَّهَا لَا تَعُودُ لِيُبْصِرَ بِهَا أَحَلَفْت الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مَعَ شَاهِدِهِ فِي الْخَطَأِ وَقَضَيْت بِذَهَابِ بَصَرِهِ فَإِذَا شَهِدَ مَنْ أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ أَنَّ بَصَرَهُ قَدْ ذَهَبَ وَأَخَّرْته إلَى الْمُدَّةِ الَّتِي وَصَفُوا أَنَّهُ إذَا بَلَغَهَا قَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ الَّذِينَ يَجْتَمِعُونَ لَا يَعُودُ بَصَرُهُ فَمَاتَ قَبْلَهَا أَوْ أَصَابَ عَيْنَهُ شَيْءٌ بَخَقَهَا فَذَهَابُهَا مِنْ الْجَانِي الْأَوَّلِ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ أَنَّ ذَهَابَ بَصَرِهَا مِنْ وَجَعٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي الْآخَرِ إلَّا حُكُومَةٌ: وَكَانَ عَلَى الْجَانِي الْأَوَّلِ الْقَوَدُ إنْ كَانَ عَمْدًا وَالْعَقْلُ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً. وَإِنْ قَالَ الْجَانِي الْأَوَّلُ أَحْلِفُوا لِي الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مَا عَادَ بَصَرُهُ مُنْذُ جَنَيْت عَلَيْهِ إلَى أَنْ جَنَى هَذَا عَلَيْهِ فَعَلْنَاهُ.
وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَحْلِفُوا وَرَثَتَهُ أَحَلَفْنَاهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute