نَقَصَ الْعَبِيدُ لَمْ يُنْقِصْ الْإِبِلَ وَكَيْفَ إذَا نَقَصَ مِنْ دِيَةِ الْعَبْدِ لَمْ يُنْقِصْ أَقَلَّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ النُّقْصَانِ أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ أَنْقِصْهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ فَاجْعَلْهُ نِصْفَ امْرَأَةٍ لِأَنَّ حَدَّهُ نِصْفُ حَدِّهَا أَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ آخَرُ لَا بَلْ اجْعَلْ دِيَتَهُ مُؤَقَّتَةً كَمَا قَدْ تَكُونُ دِيَةُ الْأَحْرَارِ مُؤَقَّتَةً أَلَا يَكُونُ هَؤُلَاءِ أَقْرَبَ أَنْ يَكُونَ لِقَوْلِهِمْ عِلَّةٌ تَشْتَبِهُ إذَا كَانَ لَا شُبْهَةَ لِقَوْلِهِ أَنْقِصْهُ مَا تُقْطَعُ فِيهِ الْيَدُ أَوْ رَأَيْت لَوْ قَالَ آخَرُ بَلْ أَنْقِصْهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، أَوْ قَالَ آخَرُ بَلْ أَنْقِصْهُ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا انْتَهَى إلَيْهِ النَّبِيُّ فِي الْجِرَاحِ مَا الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ هَذَا كُلَّهُ لَيْسَ مِنْ طَرِيقِ الْقِيمَةِ وَلَا طَرِيقِ الدِّيَةِ، أَوْ رَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ مُكَاتَبًا وَعَبْدًا لِلْمُكَاتَبِ وَقِيمَةُ الْمُكَاتَبِ مِائَةٌ وَقِيمَةُ عَبْدِهِ تِسْعَةُ آلَافٍ أَلَيْسَ يُجْعَلُ فِي عَبْدِ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرُ مِمَّا يُجْعَلُ فِي سَيِّدِهِ؟ وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ احْتَجَّ بِشَيْءٍ لَهُ وَجْهٌ وَلَا شَيْءٍ إلَّا وَهُوَ يُخْطِئُ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إنْ كَانَتْ حَجَّتُهُ بِأَنَّ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ قَالَهُ فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرَهُ مِنْ التَّابِعِينَ لَيْسُوا بِحُجَّةٍ عَلَى أَحَدٍ.
بَابُ مِيرَاثِ الْقَاتِلِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَنْ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا مِنْ الْقَوَدِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ شَيْئًا وَوَرِثَ ذَلِكَ أَقْرَبُ النَّاسِ مِنْ الْمَقْتُولِ بَعْدَ الْقَاتِلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا فَإِنَّهُ لَا يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ بِقَتْلِهِ إذْ الْقَلَمُ مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا وَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْقَتْلِ عَمْدًا وَقَالُوا فِي الْقَتْلِ خَطَأً لَا يَرِثُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَرِثُ مِنْ مَالِهِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ كَيْفَ فَرَّقُوا بَيْنَ دِيَتِهِ وَمَالِهِ يَنْبَغِي إنْ وَرِثَ مِنْ مَالِهِ أَنْ يَرِثَ مِنْ دِيَتِهِ هَلْ رَأَيْتُمْ وَارِثًا وَرِثَ مِنْ مِيرَاثِ رَجُلٍ مِيرَاثًا مِنْ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ إمَّا أَنْ يَرِثَ هُوَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِمَّا أَنْ لَا يَرِثَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا. أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ النَّخَعِيِّ قَالَ لَا يَرِثُ قَاتِلٌ مِمَّنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَلَكِنْ يَرِثُهُ أَوْلَى النَّاسِ بِهِ بَعْدَهُ. أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَتَلَ أَخَاهُ خَطَأً فَلَمْ يُوَرِّثْهُ وَقَالَ لَا يَرِثُ قَاتِلٌ شَيْئًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): يُدْخَلُ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ يُوَرِّثُ الصَّبِيَّ وَالْمَغْلُوبَ عَلَى عَقْلِهِ إذَا قَتَلَا شَبِيهٌ بِمَا أُدْخِلَ عَلَى أَصْحَابِنَا لِأَنَّهُ هُوَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِيهِ هُوَ يَزْعُمُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا الدِّيَةَ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَالِغِ الدِّيَةَ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّهُ لَا مَأْثَمَ عَلَى قَاتِلِ خَطَأٍ إذَا تَعَمَّدَ غَيْرَ الَّذِي قَتَلَ مِثْلَ أَنْ يَرْمِيَ صَيْدًا وَلَا يَرْمِيَ إنْسَانًا فَيَعْرِضَ الْإِنْسَانُ فَيُصِيبَهُ السَّهْمُ وَهَذَا عِنْدَهُ مِمَّا رُفِعَ عَنْهُ الْقَلَمُ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «وَضَعَ اللَّهُ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهُوَ يُدْخِلُ عَلَى أَصْحَابِنَا مَا أُدْخِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أَنَّهُمْ يُوَرِّثُونَ قَاتِلَ الْخَطَأِ مِنْ الْمَالِ دُونَ الدِّيَةِ وَهِيَ لَوْ كَانَتْ فِي مَالِ الْقَاتِلِ لَمْ تَعْدُ أَنْ تَكُونَ دَيْنًا عَلَيْهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ لِأَبِيهِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمَاتَ أَبُوهُ وَرِثَهُ مِنْ مَالِهِ وَوَرِثَهُ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لَهُ، وَلَيْسَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ أَنْ يَرِثَ قَاتِلُ الْخَطَأِ وَلَا يَرِثَ قَاتِلُ الْعَمْدِ خَبَرٌ يُتَّبَعُ إلَّا خَبَرُ رَجُلٍ فَإِنَّهُ يَرْفَعُهُ وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا كَانَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ شَيْءٌ وَيَرِدَ آخَرُ لَا مُعَارِضَ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute