عَقَلَ الصَّلَاةَ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَمْلُوكًا كَانَ أَوْ حُرًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْقِلُ الصَّلَاةَ صَلَّيْنَ عَلَى الْمَيِّتِ صَفًّا مُنْفَرِدَاتٍ، وَإِنْ أَمَّتْهُنَّ إحْدَاهُنَّ، وَقَامَتْ وَسَطَهُنَّ لَمْ أَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، فَقَدْ «صَلَّى النَّاسُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْرَادًا لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ» وَذَلِكَ لِعِظَمِ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَنَافُسِهِمْ فِي أَنْ لَا يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَاحِدٌ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَسُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَوْتَى، وَالْأَمْرُ الْمَعْمُولُ بِهِ إلَى الْيَوْمِ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِمْ بِإِمَامٍ، وَلَوْ صُلِّيَ عَلَيْهِمْ أَفْرَادًا أَجْزَأَهُمْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأُحِبُّ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ صَلَاةً وَاحِدَةً هَكَذَا رَأَيْت صَلَاةَ النَّاسِ لَا يَجْلِسُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لِصَلَاةٍ مَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَاءَ، وَلِيٌّ لَهُ، وَلَا يُخَافُ عَلَى الْمَيِّتِ التَّغَيُّرُ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَالَ): وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ انْصَرَفَ فَتَوَضَّأَ، وَكَبَّرَ مَنْ خَلْفَهُ مَا بَقِيَ مِنْ التَّكْبِيرِ فُرَادَى لَا يَؤُمُّهُمْ أَحَدٌ، وَلَوْ كَانَ فِي مَوْضِعِ وُضُوئِهِ قَرِيبًا فَانْتَظَرُوهُ فَبَنَى عَلَى التَّكْبِيرِ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ، وَلَا يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ فِي مِصْرٍ إلَّا طَاهِرًا.
(قَالَ): وَلَوْ سُبِقَ رَجُلٌ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ لَمْ يُنْتَظَرْ بِالْمَيِّتِ حَتَّى يَقْضِيَ تَكْبِيرَهُ وَلَا يَنْتَظِرُ الْمَسْبُوقُ الْإِمَامَ أَنْ يُكَبِّرَ ثَانِيَةً وَلَكِنَّهُ يَفْتَتِحُ لِنَفْسِهِ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إذَا خَافَ الرَّجُلُ فِي الْمِصْرِ فَوْتَ الْجِنَازَةِ تَيَمَّمَ وَصَلَّى، وَهَذَا لَا يُجِيزُ التَّيَمُّمَ فِي الْمِصْرِ لِصَلَاةٍ نَافِلَةٍ، وَلَا مَكْتُوبَةٍ إلَّا لِمَرِيضٍ زَعَمَ، وَهَذَا غَيْرُ مَرِيضٍ، وَلَا تَعْدُو الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ أَنْ تَكُونَ كَالصَّلَوَاتِ لَا تُصَلَّى إلَّا بِطَهَارَةِ الْوُضُوءِ، وَلَيْسَ التَّيَمُّمُ فِي الْمِصْرِ لِلصَّحِيحِ الْمُطِيقِ بِطَهَارَةٍ أَوْ تَكُونَ كَالذِّكْرِ فَيُصَلِّيَ عَلَيْهَا إنْ شَاءَ غَيْرَ طَاهِرٍ، خَافَ الْفَوْتَ أَوْ لَمْ يَخَفْ، كَمَا يُذْكَرُ غَيْرَ طَاهِرٍ
بَابُ اجْتِمَاعِ الْجَنَائِزِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَوْ اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ رِجَالٍ، وَنِسَاءٍ، وَصِبْيَانٍ، وَخَنَاثَى، جُعِلَ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَقُدِّمَ إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُهُمْ ثُمَّ الصِّبْيَانُ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الْخَنَاثَى يَلُونَهُمْ ثُمَّ النِّسَاءُ خَلْفَهُمْ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ وَإِنْ تَشَاحَّ وُلَاةُ الْجَنَائِزِ، وَكُنَّ مُخْتَلِفَاتٍ صَلَّى وَلِيُّ الْجِنَازَةِ الَّتِي سَبَقَتْ ثُمَّ إنْ شَاءَ وَلِيُّ سِوَاهَا مِنْ الْجَنَائِزِ اسْتَغْنَى بِتِلْكَ الصَّلَاةِ، وَإِنْ شَاءَ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَلَى جِنَازَتِهِ، وَإِنْ تَشَاحُّوا فِي مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ فَالسَّابِقُ أَحَقُّ إذَا كَانُوا رِجَالًا، فَإِنْ كُنَّ رِجَالًا، وَنِسَاءً وُضِعَ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، وَلَمْ يُنْظَرْ فِي ذَلِكَ إلَى السَّبْقِ لِأَنَّ مَوْضِعَهُنَّ هَكَذَا، وَكَذَلِكَ الْخُنْثَى، وَلَكِنْ إنْ سَبَقَ، وَلِيُّ الصَّبِيِّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُزِيلَ الصَّبِيَّ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَوَضَعَ وَلِيُّ الرَّجُلِ الرَّجُلَ خَلْفَهُ إنْ شَاءَ أَوْ يَذْهَبُ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ غَيْرِهِ، فَإِنْ افْتَتَحَ الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ الصَّلَاةَ فَكَبَّرَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى وُضِعَتْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا لِأَنَّهُ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ يَنْوِي بِهَا غَيْرَ هَذِهِ الْجِنَازَةِ الْمُؤَخَّرَةِ.
(قَالَ): وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ عَلَى الْجِنَازَةِ غَيْرَ مُتَوَضِّئٍ، وَمَنْ خَلْفَهُ مُتَوَضِّئُونَ أَجْزَأَتْ صَلَاتُهُمْ، وَإِنْ كَانَ كُلُّهُمْ غَيْرَ مُتَوَضِّئِينَ أَعَادُوا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ثَلَاثَةٌ فَصَاعِدًا مُتَوَضِّئُونَ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ سَبَقَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ ثُمَّ جَاءَ وَلِيُّ غَيْرِهِ أَحْبَبْت أَنْ لَا تُوضَعَ لِلصَّلَاةِ ثَانِيَةً، وَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَالَ): وَلَوْ سَقَطَ لِرَجُلٍ شَيْءٌ لَهُ قِيمَةٌ فِي قَبْرٍ فَدُفِنَ، كَانَ لَهُ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُ حَتَّى يَأْخُذَ مَا سَقَطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute