للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ الْقَوَدَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَجْهَلُ السُّمَّ فَيَكُونُ سُمًّا قَاتِلًا وَلَا قَاتِلًا وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أَعْلَمْهُ سُمًّا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ حَيَّةً فَأَنْهَشَهُ إيَّاهَا أَوْ عَقْرَبًا فَمَاتَ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الَّذِي أَنْهَشَهُ إنْ كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ بِالْبَلَدِ الَّذِي أَنْهَشَهُ بِهِ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْهُ مِثْلُ الْحَيَّاتِ بِالسَّرَاةِ أَوْ حَيَّاتِ الأصحر بِنَاحِيَةِ الطَّائِفِ وَالْأَفَاعِي بِمَكَّةَ وَدُونَهَا وَالْقُرَّةِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ مِثْلَ الثُّعْبَانِ بِالْحِجَازِ وَالْعَقْرَبِ الصَّغِيرَةِ فَقَدْ قِيلَ: لَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ الْعَقْلُ بِهِ مِثْلُ خَطَأِ شِبْهِ الْعَمْدِ، ثُمَّ يَصْنَعُ هَذَا بِكُلِّ بِلَادٍ فَإِنْ أَلْدَغَهُ بِنَصِيبِينَ عَقْرَبًا أَوْ أَنْهَشَهُ بِمِصْرَ ثُعْبَانًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ هَذَا يُقْتَلُ بِهَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا أَلْدَغَهُ حَيَّةً أَوْ عَقْرَبًا فَمَاتَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ وَسَوَاءٌ قِيلَ: هَذِهِ حَيَّةٌ لَا يَقْتُلُ مِثْلُهَا أَوْ يَقْتُلُ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ يَقْتُلُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً فَنَهَشَتْهُ الْحَيَّةُ أَوْ ضَرَبَتْهُ الْعَقْرَبُ لَكَانَ آثِمًا عَلَيْهِ الْعُقُوبَةُ وَلَا قَوَدَ وَلَا عَقْلَ لَوْ قَتَلَتْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُ فِي فِعْلِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ وَأَنَّهُمَا يُحْدِثَانِ فِعْلًا بَعْدَ الْإِرْسَالِ لَيْسَ هُوَ الْإِرْسَالَ وَلَا هُوَ كَأَخْذِهِ إيَّاهُمَا وَإِدْنَائِهِمَا حَتَّى يُمَكِّنَهُمَا وَيَنْهَشَا فَهَذَا فِعْلُ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُمَا نَهَشَا بِضَغْطِهِ إيَّاهُمَا، وَكَذَلِكَ بِأَخْذِهِ وَإِنْ لَمْ يُضْغَطَا؛ لِأَنَّ مَعْقُولًا أَنَّ مِنْ طِبَاعِهِمَا أَنَّهُمَا يَعْبَثَانِ إذَا أُخِذَتَا فَتَنْهَشُ هَذِهِ وَتَضْرِبُ هَذِهِ فَتَكُونَانِ كَالْمُضْطَرَّيْنِ إلَى أَنْ تَضْرِبَ هَذِهِ وَتَنْهَشَ هَذِهِ مِنْهُ وَكَذَا الْأَسَدُ وَالذِّئْبُ وَالنَّمِرُ وَالْعَوَادِي كُلُّهَا بِأَسْرِهَا مَنْ يَضْغَطُهَا فَتَضْرِبُ أَوْ تَعْقِرُ فَتَقْتُلُ يَكُونُ عَلَيْهِ فِيمَا صَنَعَهُ بِمَا الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ فَفِيهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ نَالَهُ بِمَا الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهِ قَوَدٌ وَفِيهِ الدِّيَةُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَرْسَلَ الْكَلْبَ وَالْحَيَّةَ وَالْأَسَدَ وَالنَّمِرَ وَالذِّئْبَ عَلَى رَجُلٍ فَأَخَذَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَتَلَهُ فَهُوَ آثِمٌ وَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ.

(قَالَ): وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَهْرُبُ فَيَعْجِزُ وَيَهْرُبُ عَنْهُ بَعْضُهَا أَوْ يَقُومُ مَعَهُ فَلَا يَنَالُهُ بِشَيْءٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ حَبَسَ بَعْضَ القواتل فِي مَجْلِسٍ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِ رَجُلًا وَالْأَغْلَبُ مِمَّنْ يُلْقِي عَلَيْكُمْ هَذَا أَنَّهُ إذَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ قَتَلَهُ: مِثْلُ الْأَسَدِ وَالذِّئْبِ وَالنَّمِرِ فَقَتَلَهُ بِفَرْسٍ لَمْ يُقْلِعْ عَنْهُ حَتَّى قَتَلَهُ أَوْ شَقَّ لِبَطْنِهِ أَوْ غُمَّ لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ قُتِلَ بِهِ فَأَمَّا الْحَيَّةُ فَلَيْسَتْ هَكَذَا فَإِنْ أَصَابَتْهُ الْحَيَّةُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ مِنْ السِّبَاعِ مَا يَكُونُ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ لَا يَفْرِسُ مَنْ أَلْقَى عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَوَدٌ وَلَا عَقْلٌ وَإِنْ كَانَ الْأَغْلَبُ أَنَّهُ يَفْرِسُ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ إذَا حَبَسَ السَّبُعَ ثُمَّ أَلْقَاهُ أَوْ حَبَسَهُ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِ السَّبُعَ فِي مَجْلِسٍ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ السَّبُعُ وَلَوْ قَيَّدَهُ أَوْ أَوْثَقَهُ ثُمَّ أَلْقَاهُ عَلَيْهِ فِي صَحْرَاءَ كَانَ مُسِيئًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا قَوَدٌ إنْ أَصَابَهُ؛ لِأَنَّ السَّبُعَ غَيْرُ مُضْطَرٍّ بِمَحْبِسِهِ إلَى أَنْ يَقْتُلَهُ وَإِذَا أَصَابَهُ السَّبُعُ بِالشَّيْءِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَوْ أَصَابَهُ إنْسَانٌ فِي الْحِينِ الَّذِي أَجْعَلُ عَلَى الْمُلْقِي جِنَايَةَ السَّبُعِ فَمَاتَ فَعَلَى مُلْقِيهِ الدِّيَةُ وَالْعُقُوبَةُ وَلَا قَوَدَ.

الْمَرْأَةُ تَقْتُلُ حُبْلَى وَتُقْتَلُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا قُتِلَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا يَتَحَرَّكُ وَلَدُهَا أَوْ لَا يَتَحَرَّكُ فَفِيهَا الْقَوَدُ وَلَا شَيْءَ فِي جَنِينِهَا حَتَّى يَزُولَ مِنْهَا فَإِذَا زَايَلَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ فِيهِ غُرَّةٌ قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَإِذَا زَايَلَهَا حَيًّا قَبْلَ مَوْتِهَا أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ وَلَا قِصَاصَ فِيهِ إذَا مَاتَ وَفِيهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا فَمِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَخَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ قَتَلَهَا رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ.

وَإِذَا قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ مَنْ عَلَيْهَا فِي قَتْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>