مِائَةَ إرْدَبِّ طَعَامٍ فَقَبَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ الْبَائِعُ الْمُوفِي أَنْ يُقِيلَهُ مِنْهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَقَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ الْكُلِّ وَلَا يُقِيلُهُ مِنْ الْبَعْضِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَنَّ نَفَرًا اشْتَرَوْا مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا فَأَقَالَهُ بَعْضُهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا كَيْلًا فَلَمْ يَكِلْهُ وَرَضِيَ أَمَانَةَ الْبَائِعِ فِي كَيْلِهِ ثُمَّ سَأَلَهُ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهِ قَبْلَ كَيْلِهِ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قَابِضًا حَتَّى يَكْتَالَهُ، وَعَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُوَفِّيَهُ الْكَيْلَ، فَإِنْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَهُ الْكُلَّ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بِكَيْلِهِ، وَالْقَوْلُ فِي الْكَيْلِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَعْرِفُ الْكَيْلَ فَأَحْلِفُ عَلَيْهِ، قِيلَ لِلْبَائِعِ ادَّعِ فِي الْكَيْلِ مَا شِئْت، فَإِذَا ادَّعَى قِيلَ لِلْمُشْتَرِي إنْ صَدَّقْته فَلَهُ فِي يَدَيْك هَذَا الْكَيْلُ، وَإِنْ كَذَّبْته فَإِنْ حَلَفْت عَلَى شَيْءٍ تُسَمِّيهِ فَأَنْتَ أَحَقُّ بِالْيَمِينِ، وَإِنْ أَبَيْت فَأَنْتَ رَادٌّ لِلْيَمِينِ عَلَيْهِ حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَى وَأَخَذَهُ مِنْك.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): الشَّرِكَةُ وَالتَّوْلِيَةُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَحِلُّ فِيهِ مَا يَحِلُّ فِي الْبُيُوعِ وَيَحْرُمُ فِيهِ مَا يَحْرُمُ فِي الْبُيُوعِ فَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَشْرَكَ فِيهِ رَجُلًا أَوْ يُوَلِّيهِ إيَّاهُ فَالشَّرِكَةُ بَاطِلَةٌ وَالتَّوْلِيَةُ، وَهَذَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَالْإِقَالَةُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَاكْتَالَ بَعْضَهُ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ ثُمَّ سَأَلَ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْ بَعْضِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ سَلَّفَ رَجُلًا فِي طَعَامٍ فَاسْتَغْلَاهُ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَنَا شَرِيكُك فِيهِ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ بَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَقَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ وَغَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ نَدِمَ الْبَائِعُ فَاسْتَقَالَهُ وَزَادَهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْإِقَالَةَ لَيْسَتْ بِبَيْعٍ، فَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُجَدِّدَ فِيهِ بَيْعًا بِذَلِكَ فَجَائِزٌ، وَقَالَ مَالِكٌ لَا بَأْسَ بِهِ، وَهُوَ بَيْعٌ مُحْدَثٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ بَاعَ طَعَامًا حَاضِرًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ فِي ذَلِكَ الثَّمَنِ طَعَامًا، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ طَعَامًا فَاسْتُحِقَّ رَجَعَ بِالثَّمَنِ لَا بِالطَّعَامِ؟ وَهَكَذَا إنْ أَحَالَهُ بِالثَّمَنِ عَلَى رَجُلٍ قَالَ مَالِكٌ لَا خَيْرَ فِيهِ كُلِّهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ ابْتَاعَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ طَعَامًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ طَعَامًا حَالًّا أَوْ إلَى أَجَلٍ أَوْ يُعْطِيَ بِالنِّصْفِ ثَوْبًا أَوْ دِرْهَمًا أَوْ عَرَضًا فَالْبَيْعُ حَرَامٌ لَا يَجُوزُ، وَهَذَا مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ بَاعَ طَعَامًا بِنِصْفِ دِرْهَمِ الدِّرْهَمِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطِيَهُ دِرْهَمًا يَكُونُ نِصْفُهُ لَهُ بِالثَّمَنِ وَيَبْتَاعُ مِنْهُ بِالنِّصْفِ طَعَامًا أَوْ مَا شَاءَ إذَا تَقَابَضَا مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَفَرَّقَا وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ الصِّنْفِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ بَيْعَةٌ جَدِيدَةٌ لَيْسَتْ فِي الْعُقْدَةِ الْأُولَى
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ طَعَامًا بِدِينَارٍ حَالًّا فَقَبَضَ الطَّعَامَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الدِّينَارَ ثُمَّ اشْتَرَى الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي طَعَامًا بِدِينَارٍ فَقَبَضَ الطَّعَامَ وَلَمْ يَقْبِضْ الدِّينَارَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ الدِّينَارُ قِصَاصًا مِنْ الدِّينَارِ، وَلَيْسَ أَنْ يَبِيعَ الدِّينَارَ بِالدِّينَارِ فَيَكُونُ دَيْنًا بِدَيْنٍ وَلَكِنْ يُبْرِئُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ الدِّينَارِ الَّذِي عَلَيْهِ بِلَا شَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطٍ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
بَابُ بَيْعِ الْآجَالِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَصْلُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَنْ ذَهَبَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ أَنَّهُمْ رَوَوْا أَنْ عَالِيَةَ بِنْتِ أَنْفَعَ أَنَّهَا