الْعَيْبُ فِي أَلْوَانِ الْأَسْنَانِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نَبَتَتْ أَسْنَانُ الرَّجُلِ سُودًا كُلُّهَا أَوْ ثَغَرَتْ سُودًا أَوْ مَا دُونَ السَّوَادِ مِنْ حُمْرَةٍ أَوْ خُضْرَةٍ أَوْ مَا قَارَبَهَا وَكَانَتْ ثَابِتَةً لَا تُنْغِضُ وَكَانَ يَعَضُّ بِمُقَدَّمِهَا وَيَمْضُغُ بِمُؤَخَّرِهَا بِلَا أَلَمٍ يُصِيبُهُ فِيمَا عَضَّ أَوْ مَضَغَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَجَنَى إنْسَانٌ عَلَى سِنٍّ مِنْهَا فَفِيهَا أَرْشُهَا تَامًّا وَإِنْ نَبَتَتْ بِيضًا ثُمَّ ثَغَرَتْ فَنَبَتَتْ سُودًا أَوْ حُمْرًا أَوْ خُضْرًا سُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَا فَإِنْ قَالُوا لَا يَكُونُ هَذَا إلَّا مِنْ حَادِثِ مَرَضٍ فِي أُصُولِهَا فَجَنَى جَانٍ عَلَى سِنٍّ مِنْهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ لَا يُبْلَغُ بِهَا عَقْلُ سِنٍّ فَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِمْ أَوْ قَالُوا تَسْوَدُّ مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ فَجَنَى إنْسَانٌ عَلَى سِنٍّ مِنْهَا فَفِيهَا أَرْشُهَا تَامًّا وَهَكَذَا إذَا نَبَتَتْ بِيضًا فَاسْوَدَّتْ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ وَإِذَا نَبَتَتْ بِيضًا فَجَنَى عَلَيْهَا جَانٍ فَاسْوَدَّتْ وَلَمْ تَنْقُصْ قُوَّتُهَا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَكَذَلِكَ إنْ اخْضَرَّتْ أَوْ احْمَرَّتْ وَتَنْقُصُ كُلُّ حُكُومَةٍ فِيهَا عَنْ السَّوَادِ؛ لِأَنَّ السَّوَادَ أَشْبَهُ وَإِنْ اصْفَرَّتْ مِنْ الْجِنَايَةِ جُعِلَ فِيهَا أَقَلُّ مِنْ كُلِّ مَا جُعِلَ فِي غَيْرِهَا وَإِذَا انْتَقَصَتْ قُوَّتُهَا مَعَ تَغَيُّرِ لَوْنِهَا زِيدَ فِي حُكُومَتِهَا وَلَوْ أَنَّ إنْسَانًا نَبَتَتْ أَسْنَانُهُ بِيضًا ثُمَّ أَكَلَ شَيْئًا يُحَمِّرُهَا أَوْ يُسَوِّدُهَا أَوْ يُخَضِّرُهَا ثُمَّ جَنَى عَلَيْهَا جَانٍ فَقَلَعَ مِنْهَا سِنًّا فَفِيهَا أَرْشُهَا تَامًّا؛ لِأَنَّ بَيِّنًا أَنَّ هَذَا مِنْ غَيْرِ مَرَضٍ وَإِذَا جَنَى رَجُلٌ عَلَى سِنِّ رَجُلٍ فَاسْوَدَّتْ مَكَانَهَا فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ، وَكَذَلِكَ إنْ آلَمَهَا ثُمَّ اسْوَدَّتْ بَعْدُ أَوْ دَمِيَتْ ثُمَّ اسْوَدَّتْ بَعْدُ وَإِنْ أَقَامَتْ مُدَّةً لَمْ تَسْوَدَّ ثُمَّ اسْوَدَّتْ بَعْدُ سُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ فَإِنْ قَالُوا: هَذَا لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ جِنَايَةِ الْجَانِي فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ إذَا ادَّعَى ذَلِكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَحَلَفَ وَإِنْ قَالُوا قَدْ يَحْدُثُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْجَانِي مَعَ يَمِينِهِ وَلَا حُكُومَةَ عَلَيْهِ (وَقَالَ) فِي الْأَسْنَانِ وَالْأَضْرَاسِ مَنْفَعَةٌ بِالْمَضْغِ وَحَبْسِ الطَّعَامِ وَالرِّيقِ وَاللِّسَانِ وَجَمَالٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْنِيَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ فَتَسْوَدَّ سِنُّهُ وَتَبْقَى لَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا شَيْءٌ إلَّا حُسْنُ اللَّوْنِ فَأَجْعَلُ فِيهَا الْأَرْشَ تَامًّا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ الْجَمَالِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ جَمَالِهَا أَيْضًا سَدُّ مَوْضِعِهَا وَلَيْسَتْ كَالْيَدِ تُشَلُّ فَتَذْهَبُ الْمَنْفَعَةُ مِنْهَا وَلَا كَالْعَيْنِ تُطْفَأُ فَتَذْهَبُ الْمَنْفَعَةُ مِنْهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْيَدَ إذَا شُلَّتْ ثُمَّ قُطِعَتْ أَوْ الْعَيْنُ إذَا طَفِئَتْ فَفُقِئَتْ لَمْ يَكُنْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا حُكُومَةٌ وَإِنَّمَا زَعَمْت أَنَّ السَّوَادَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ مِنْ مَرَضٍ فِي السِّنِّ يُنْقِصُهَا لَا يَنْقُصُ عَقْلَهَا أَنَّى جَعَلْت ذَلِكَ كَالزَّرَقِ والشهولة وَالْعَمَشِ وَالْعَيْبُ فِي الْعَيْنِ لَا يَنْقُصُ عَقْلَهَا؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِي كُلِّ طَرَفٍ فِيهِ عَمَلٌ وَجَمَالٌ أَكْثَرُ مِنْ الْجَمَالِ وَإِذَا جَنَى الرَّجُلُ عَلَى السِّنِّ السَّوْدَاءِ الَّتِي سَوَادُهَا مِنْ مَرَضٍ مَعْلُومٍ نَقَصَ عَنْهُ مِنْ عَقْلِهَا بِقَدْرِ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْت.
أَسْنَانُ الصَّبِيِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نُزِعَتْ سِنُّ الصَّبِيِّ لَمْ يَثْغَرْ انْتَظَرَ بِهِ فَإِنْ أَثْغَرَ فُوهُ كُلُّهُ وَلَمْ تَنْبُتْ السِّنُّ الَّتِي نُزِعَتْ فَفِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَإِذَا نَبَتَتْ بِطُولِ الَّتِي نَظِيرَتُهَا أَوْ مُتَقَارِبَةً فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَإِنْ نَبَتَتْ نَاقِصَةَ الطُّولِ عَنْ الَّتِي تُقَارِبُهَا نَقْصًا مُتَفَاوِتًا كَمَا وَصَفْت أُخِذَ لَهُ مِنْ أَرْشِهَا بِقَدْرِ نَقْصِهَا وَإِنْ نَبَتَتْ غَيْرَ مُسْتَوِيَةِ النَّبْتَةِ بِعِوَجٍ كَانَ إلَى دَاخِلِ الْفَمِ أَوْ خَارِجِهِ أَوْ فِي شِقٍّ كَانَتْ فِيهَا حُكُومَةٌ وَإِنْ نَبَتَتْ سَوْدَاءَ أَوْ حَمْرَاءَ أَوْ صَفْرَاءَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَا فِي الْحُكُومَةِ بِقَدْرِ كَثْرَةِ شَيْنِ السَّوَادِ عَلَى الْحُمْرَةِ وَالْحُمْرَةِ عَلَى الصُّفْرَةِ وَإِنْ نَبَتَتْ قَصِيرَةً عَنْ الَّتِي تَلِيهَا بِمَا تَفُوتُ بِهِ سِنٌّ مِمَّا يَلِيهَا فَفِيهَا بِقَدْرِ مَا نَقَصَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute