بَابُ إرْسَالِ الْمُسْلِمِ وَالْمَجُوسِيِّ الْكَلْبَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ وَالْمَجُوسِيُّ كَلْبًا وَاحِدًا أَوْ كَلْبَيْنِ مُتَفَرِّقَيْنِ أَوْ طَائِرَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ فَأَصَابَا الصَّيْدَ ثُمَّ لَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ فَلَا يُؤْكَلُ فَهُوَ كَذَبِيحَةِ مُسْلِمٍ وَمَجُوسِيٍّ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَإِذَا دَخَلَ فِي الذَّبِيحَةِ مَا لَا يَحِلُّ لَمْ تَحِلَّ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعَانَهُ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ وَسَوَاءٌ أَنَفَذَ السَّهْمُ أَوْ الْكَلْبُ الْمُعَلَّمُ مَقَاتِلَهُ أَوْ لَمْ يَنْفُذْهَا إذَا أَصَابَهُ عَلَى قَتْلِهِ غَيْرُهُ مِمَّا لَا يَحِلُّ لِأَنَّ مَقَاتِلَهُ قَدْ تُنْفَذُ فَيَحْيَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ بَلَغَ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ الذَّبْحُ التَّامُّ بِالْمَذْبُوحِ مِمَّا لَا يَعِيشُ بَعْدَهُ طُرْفَةَ عَيْنٍ وَمِمَّا تَكُونُ حَرَكَتُهُ كَحَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ كَحُشَاشَةِ رُوحِ الْحَيَاةِ الَّتِي لَمْ يَتَتَامَّ خُرُوجُهُ فَإِنْ خَرَجَ إلَى هَذَا فَلَا يَضُرُّهُ مَا أَصَابَهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَصَابَهُ وَهُوَ مَيِّتٌ.
بَابُ إرْسَالِ الصَّيْدِ فَيَتَوَارَى عَنْك ثُمَّ تَجِدُ الصَّيْدَ مَقْتُولًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا رَمَى الرَّجُلُ الصَّيْدَ أَوْ أَرْسَلَ عَلَيْهِ بَعْضَ الْمُعَلَّمَاتِ فَتَوَارَى عَنْهُ وَوَجَدَهُ قَتِيلًا فَالْخَبَرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَأْكُلَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ غَيْرُ مَا أُرْسِلَ عَلَيْهِ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ: إنِّي أَرْمِي فَأُصْمِيَ وَأُنْمِي فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ " كُلْ مَا أَصْمَيْتَ وَدَعْ مَا أَنْمَيْت ".
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَا أَصْمَيْتَ مَا قَتَلَهُ الْكَلْبُ وَأَنْتَ تَرَاهُ وَمَا أَنْمَيْت مَا غَابَ عَنْك مَقْتَلُهُ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ وَهُوَ يَرَاهُ مِثْلَ مَا وَصَفْت مِنْ الذَّبْحِ ثُمَّ تَرَدَّى فَتَوَارَى أَكَلَهُ فَأَمَّا إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ فَقَدْ يَعِيشُ بَعْدَمَا يَنْفُذُ بَعْضَ الْمَقَاتِلِ وَلَا يَجُوزُ فِيهِ عِنْدِي إلَّا هَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ جَاءَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْءٌ فَإِنِّي أَتَوَهَّمُهُ فَيَسْقُطُ كُلُّ شَيْءٍ خَالَفَ أَمْرَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَقُومُ مَعَهُ رَأْيٌ وَلَا قِيَاسٌ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَطَعَ الْعُذْرَ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَصَابَتْ الرَّمْيَةُ الصَّيْدَ وَالرَّامِي لَا يَرَاهُ فَذَبَحَتْهُ أَوْ بَلَغَتْ بِهِ مَا شَاءَتْ لَمْ يَأْكُلْهُ وَوَجَدَ بِهِ أَثَرًا مِنْ غَيْرِهَا أَوْ لَمْ يَجِدْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْتُلُهُ مَا لَا أَثَرَ لَهُ فِيهِ وَإِذَا أَدْرَكَ الرَّجُلُ الصَّيْدَ وَلَمْ يَبْلُغْ سِلَاحُهُ مِنْهُ أَوْ مُعَلَّمُهُ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ الذَّبْحُ مِنْ أَنْ لَا يَبْقَى فِيهِ حَيَاةٌ فَأَمْكَنَهُ أَنْ يَذْبَحَهُ فَلَمْ يَذْبَحْهُ فَلَا يَأْكُلُهُ وَإِمْكَانُهُ أَنْ يَكُونَ مَا يُذَكِّي بِهِ حَاضِرًا وَيَأْتِي عَلَيْهِ مُدَّةٌ يُمْكِنُهُ فِيهَا أَنْ يَذْبَحَهُ فَلَا يَذْبَحُهُ لِأَنَّ الذَّكَاةَ ذَكَاتَانِ إحْدَاهُمَا مَا قَدَرَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَا يُذَكَّى إلَّا بِالنَّحْرِ وَالذَّبْحِ وَالْأُخْرَى مَا لَمْ يُقْدَرُ عَلَيْهِ فَيُذَكَّى بِمَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَبْلُغْ ذَكَاتَهُ وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَلَا يُجْزِي فِيهِ إلَّا الذَّبْحُ أَوْ النَّحْرُ فَإِنْ أَغْفَلَ السِّكِّينَ وَقَدَرَ عَلَى الذَّبْحِ فَرَجَعَ لَهُ فَمَاتَ لَمْ يَأْكُلْهُ إنَّمَا يَأْكُلُهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ مِنْ حِينِ يَصِيدُهُ عَلَى ذَكَاتِهِ وَلَوْ أَجَزْنَا لَهُ أَكْلَهُ بِالرُّجُوعِ بِلَا تَذْكِيَةٍ أَجَزْنَا لَهُ إنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ مَا يُذَكِّيهِ بِهِ يَوْمًا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَجِدَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَإِذَا أَدْرَكْته وَمَعَك مَا تُذَكِّيهِ بِهِ فَلَمْ يُمْكِنْك مَذْبَحُهُ وَلَمْ تُفَرِّطْ فِيهِ حَتَّى مَاتَ فَكُلْهُ وَإِنْ أَمْكَنَك مَذْبَحُهُ فَلَمْ تُفَرِّطْ وَأَدْنَيْت السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَضَعَهَا عَلَى حَلْقِهِ فَكُلْهُ وَإِنْ وَضَعْتهَا عَلَى حَلْقِهِ وَلَمْ تُمِرَّهَا حَتَّى مَاتَ وَلَمْ تَتَوَانَ فَكُلْهُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُك فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا ذَكَاتُهُ وَإِنْ أَمْرَرْتهَا فَكَلَّتْ وَمَاتَ فَلَا تَأْكُلْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ قَدْ مَاتَ خَنْقًا وَالذَّكَاةُ الَّتِي إذَا بَلَغَهَا الذَّابِحُ أَوْ الرَّامِي أَوْ الْمُعَلَّمُ أَجْزَأَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute