للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الذَّبْحِ أَنْ يَجْتَمِعَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ لَا شَيْءَ دُونَ ذَلِكَ وَتَمَامُهَا الْوَدَجَيْنِ وَلَوْ قُطِعَ الْوَدَجَانِ وَلَمْ يُقْطَعْ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ لَمْ تَكُنْ ذَكَاةً مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْوَدَجَيْنِ قَدْ يُقْطَعَانِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَيَحْيَا وَأَمَّا الذَّكَاةُ فِيمَا لَا حَيَاةَ فِيهِ إذَا قُطِعَ فَهُوَ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ لِأَنَّهُمَا أَظْهَرُ مِنْهُمَا فَإِذَا أَتَى عَلَيْهِمَا حَتَّى اُسْتُؤْصِلَا فَلَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ إبَانَةِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ.

وَإِذَا أَرْسَلَ الرَّجُلُ كَلْبَهُ أَوْ سَهْمَهُ وَسَمَّى اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَهُوَ يَرَى صَيْدًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ رَأَى صَيْدًا وَنَوَاهُ وَإِنْ أَصَابَ غَيْرَهُ وَإِنْ أَرْسَلَهُمَا وَلَا يَرَى صَيْدًا وَنَوَى فَلَا يَأْكُلُ وَلَا تَعْمَلُ النِّيَّةُ إلَّا مَعَ عَيْنٍ تَرَاهُ وَهَكَذَا لَوْ رَمَى صَيْدًا مُجْتَمِعًا وَنَوَى أَنَّهُ أَصَابَ أَكَلَ مَا أَصَابَ مِنْهُ وَلَوْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ إذَا رَمَى إلَّا مَا نَوَى بِعَيْنِهِ كَانَ الْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا عَلَى مِائَةِ طَيْرٍ أَوْ كَلْبًا عَلَى مِائَةِ ظَبْيٍ لَمْ يَقْتُلْهَا كُلَّهَا وَإِذَا نَوَاهَا كُلَّهَا فَأَصَابَ وَاحِدًا فَالْوَاحِدُ الْمُصَابُ غَيْرُ مَنْوِيٍّ بِعَيْنِهِ وَكَانَ يَلْزَمُ مَنْ قَالَ لَا يَأْكُلُ الصَّيْدَ إلَّا أَنْ يَرْمِيَهُ بِعَيْنِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ هَذِهِ شَيْئًا لِأَنَّ الْعِلْمَ يُحِيطُ أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهَا كُلَّهَا فَإِذَا أَحَاطَ الْعِلْمُ بِهَذَا فَاَلَّذِي نَوَى بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ مَا أَصَابَ كَلْبٌ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ حَجَرٌ أَوْ بُنْدُقَةٌ أَوْ شَيْءٌ غَيْرُ سِلَاحٍ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا أَنْ تُدْرَكَ ذَكَاتُهُ فَيَكُونُ مَأْكُولًا بِالذَّكَاةِ كَمَا تُؤْكَلُ الْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ إذَا ذُكِّيَتْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ كِلَابُ الصَّيْدِ فِي غَيْرِ أَيْدِيهِمْ إلَّا أَنَّهَا تَتْبَعُهُمْ وَإِذَا اسْتَشْلَى الرَّجُلُ كَلْبَهُ عَلَى الصَّيْدِ قَرِيبًا كَانَ مِنْهُ أَوْ بَعِيدًا فَانْزَجَرَ وَاسْتَشْلَى بِاسْتِشْلَائِهِ فَأَخَذَ الصَّيْدَ أَكَلَ وَإِنْ قَتَلَهُ، وَكَانَ كَإِرْسَالِهِ إيَّاهُ مِنْ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ الْكَلْبُ قَدْ تَوَجَّهَ لِلصَّيْدِ قَبْلَ اسْتِشْلَاءِ صَاحِبِهِ فَمَضَى فِي سُنَنِهِ فَأَخَذَهُ فَلَا يَأْكُلْهُ إلَّا بِإِدْرَاكِ ذَكَاتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَزْجُرُهُ فَيَقِفَ أَوْ يَنْعَرِجَ ثُمَّ يَسْتَشْلِيَهُ فَيَتَحَرَّكَ بِاسْتِشْلَائِهِ الْآخَرِ فَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ وَاسْتَشْلَى بِاسْتِشْلَاءٍ مُسْتَأْنَفٍ فَيَأْكُلُ مَا أَصَابَ كَمَا يَأْكُلُهُ لَوْ أَرْسَلَهُ فَيَقِفُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي سُنَنِهِ فَاسْتَشْلَاهُ فَلَمْ يَحْدُثْ عَرْجَةٌ وَلَا وُقُوفًا وَازْدَادَ فِي سُنَنِهِ اسْتِشْلَاءً فَلَا يَأْكُلُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ اسْتِشْلَاءُ صَاحِبِهِ أَوْ غَيْرِ صَاحِبِهِ مِمَّنْ تَجُوزُ ذَكَاتُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَصَيْدُ الصَّبِيِّ أَسْهَلُ مِنْ ذَبِيحَتِهِ فَلَا بَأْسَ بِصَيْدِهِ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْكَلَامُ وَالذَّكَاةُ بِغَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَبِيحَتِهِ إذَا أَطَاقَ الذَّبْحَ وَأَتَى مِنْهُ عَلَى مَا يَكُونُ ذَكَاةً وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَكُلُّ مَنْ تَجُوزُ ذَكَاتُهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ وَيَهُودِيٍّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا رَمَى لِرَجُلٍ الصَّيْدَ أَوْ طَعَنَهُ أَوْ ضَرَبَهُ أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ كَلْبَهُ فَقَطَعَهُ قِطْعَتَيْنِ أَوْ قَطَعَ رَأْسَهُ أَوْ قَطَعَ بَطْنَهُ وَصُلْبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ النِّصْفِ أَكَلَ الطَّرَفَيْنِ مَعًا وَهَذِهِ ذَكَاتُهُ وَكُلُّ مَا كَانَ ذَكَاةً لِبَعْضِهِ كَانَ ذَكَاةً لِكُلِّ عُضْوٍ فِيهِ وَلَكِنَّهُ لَوْ قَطَعَ مِنْهُ يَدًا أَوْ رِجْلًا أَوْ إرْبًا أَوْ شَيْئًا يُمْكِنُ لَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَعِيشَ بَعْدَهُ سَاعَةً أَوْ مُدَّةً أَكْثَرَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا ثُمَّ قَتَلَهُ بَعْدُ بِرَمْيَةٍ أَكَلَ مَا كَانَ بَاقِيًا فِيهِ مِنْ أَعْضَائِهِ وَلَمْ يَأْكُلْ الْعُضْوَ الَّذِي بَانَ مِنْهُ وَفِيهِ الْحَيَاةُ الَّتِي يَبْقَى بَعْدَهَا لِأَنَّهُ عُضْوٌ مَقْطُوعٌ مِنْ حَيٍّ وَلَا يُؤْكَلُ مَا قُطِعَ مِنْ حَيٍّ أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ أَوْ لَمْ تُدْرَكْ وَلَوْ كَانَ مَوْتُهُ مِنْ الْقَطْعِ الْأَوَّلِ أَكَلَهُمَا مَعًا وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا ضَرَبَهُ فَقَطَعَهُ نِصْفَيْنِ أَكَلَ وَإِنْ قَطَعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَكَانَ الْأَقَلُّ مِمَّا يَلِي الْعَجُزَ أَكَلَ الَّذِي يَلِي الرَّأْسَ وَلَمْ يَأْكُلْ الَّذِي يَلِي الْعَجُزَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ الَّتِي مَاتَ مِنْهَا ذَكَاةً لِبَعْضِهِ كَانَتْ ذَكَاةً لِكُلِّهِ وَلَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُؤْكَلَ مِنْهُمَا وَاحِدٌ دُونَ صَاحِبِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ مَا كَانَ يَعِيشُ فِي الْمَاءِ مِنْ حُوتٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَخْذُهُ ذَكَاتُهُ لَا ذَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَوْ ذَكَّاهُ لَمْ يَحْرُمْ وَلَوْ كَانَ مِنْ شَيْءٍ تَطُولُ حَيَاتُهُ فَذَبَحَهُ لَأَنْ يَسْتَعْجِلَ مَوْتَهُ مَا كَرِهْته وَسَوَاءٌ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ مَجُوسِيٍّ أَوْ وَثَنِيٍّ لَا ذَكَاةَ لَهُ لِأَنَّهُ ذَكِيٌّ فِي نَفْسِهِ فَلَا يُبَالِي مِنْ أَخْذِهِ وَسَوَاءٌ مَا كَانَ مِنْهُ يَمُوتُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ الْمَاءِ وَمَا كَانَ يَعِيشُ إذَا كَانَ مَنْسُوبًا إلَى الْمَاءِ وَفِيهِ أَكْثَرُ عَيْشِهِ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَسَوَاءٌ مَا لَفَظَ الْبَحْرُ وَطَفَا مِنْ مَيْتَتِهِ وَمَا أُخْرِجَ مِنْهُ وَقَدْ خَالَفْنَا بَعْضَ الْمَشْرِقِيِّينَ فَزَعَمَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِمَا لَفَظَ الْبَحْرُ مَيِّتًا وَمَا أَخَذَهُ الْإِنْسَانُ مَيِّتًا قَبْلَ أَنْ يَطْفُوَ فَإِذَا طَفَا فَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>