الْعَبْدِ خَطَأً فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ تَحْمِلَهُ الْعَاقِلَةُ عَنْهُ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى نَفْسٍ مُحَرَّمَةٍ. وَالثَّانِي لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهُ قِيمَةٌ لَا دِيَةٌ، وَإِذَا جَنَى الْحُرُّ جِنَايَةَ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهَا بِحَالٍ مِثْلَ أَنْ يَقْتُلَ ذِمِّيًّا أَوْ وَثَنِيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ لَا تَضْمَنُ الْعَاقِلَةُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ إذَا جَنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ جَائِفَةً أَوْ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَهُوَ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ، وَإِذَا جَنَى الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ جِنَايَةَ خَطَأٍ ضَمِنَتْهَا الْعَاقِلَةُ، وَإِنْ جَنَيَا عَمْدًا فَقَدْ قِيلَ تَعْقِلُهَا الْعَاقِلَةُ كَالْخَطَأِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقِيلَ لَا تَعْقِلُهَا الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَضَى أَنْ تَحْمِلَ الْعَاقِلَةُ الْخَطَأَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيَدْخُلُ هَذَا أَنَّا إنْ قَضَيْنَا بِهِ عَمْدًا إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنَّمَا يَقْضِي بِدِيَةِ الْعَمْدِ حَالَّةً وَإِنْ قَضَيْنَا بِهَا حَالَّةً فَلَمْ يَقْضِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِدِيَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ جِنَايَةَ عَمْدٍ بِحَالٍ. .
جِمَاعُ الدِّيَاتِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْم عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِيَ جَدْعًا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ». بَابُ دِيَةِ الْأَنْفِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَفِيمَا قُطِعَ مِنْ الْمَارِنِ فَفِيهِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ الْمَارِنِ إنْ قُطِعَ نِصْفُهُ فَفِيهِ النِّصْفُ أَوْ ثُلُثُهُ فَفِيهِ الثُّلُثُ (قَالَ): وَيُحْسَبُ بِقِيَاسِ مَارِنِ الْأَنْفِ نَفْسِهِ وَلَا يَفْضُلُ وَاحِدَةٌ مِنْ صَفْحَتَيْهِ عَلَى وَاحِدَةٍ وَلَا رَوْثَتُهُ عَلَى شَيْءٍ لَوْ قُطِعَ مِنْ مُؤَخَّرِهِ وَلَا الْحَاجِزُ مِنْ مَنْخِرَيْهِ مِنْهُ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ أَوْعَيْت الرَّوْثَةُ إلَّا الْحَاجِزَ كَانَ فِيمَا أَوْعَيْت سِوَى الْحَاجِزِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ وَإِذَا شُقَّ فِي الْأَنْفِ شَقٌّ ثُمَّ الْتَأَمَ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَإِذَا شُقَّ فَلَمْ يَلْتَئِمْ فَتَبَيَّنَ انْفِرَاجُهُ أُعْطِيَ مِنْ دِيَةِ الْمَارِنِ بِقَدْرِ مَا ذَهَبَ مِنْهُ وَحُكُومَةٌ إنْ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ (قَالَ): قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ عِنْدَ أَبِي كِتَابٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ «وَفِي الْأَنْفِ إذَا قُطِعَ الْمَارِنُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): حَدِيثُ ابْنِ طَاوُسٍ فِي الْأَنْفِ أَبْيَنُ مِنْ حَدِيثِ آلِ حَزْمٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَنْفَ هُوَ الْمَارِنُ؛ لِأَنَّهُ غُضْرُوفٌ يَقْدِرُ عَلَى قَطْعِهِ بِلَا قَطْعٍ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا الْعَظْمُ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى قَطْعِهِ إلَّا بِمُؤْنَةٍ وَضَرَرٍ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ قَطْعٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ أَلَمٍ شَدِيدٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ وَمَذْهَبُ مَنْ لَقِيت أَنَّ فِي الْمَارِنِ الدِّيَةَ وَإِذَا قُطِعَ بَعْضُ الْمَارِنِ فَأُبِينَ فَأَعَادَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ فَالْتَأَمَ فَفِيهِ عَقْلٌ تَامٌّ كَمَا يَكُونُ لَوْ لَمْ يَعُدْ وَلَوْ لَمْ يَلْتَئِمْ وَلَوْ قُطِعَتْ مِنْهُ قِطْعَةٌ فَلَمْ تُوعَبْ وَتَدَلَّتْ فَأُعِيدَتْ فَالْتَأَمَتْ كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُجْدَعْ إنَّمَا الْجَدْعُ الْقَطْعُ، وَإِذَا ضَرَبَ الْأَنْفَ فَاسْتُحْشِفَ حَتَّى لَا يَتَحَرَّكَ غُضْرُوفُهُ وَلَا الْحَاجِزُ بَيْنَ مَنْخِرَيْهِ وَلَا يَلْتَقِي مَنْخِرَاهُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لَا أَرْشٌ تَامٌّ، وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ فِي هَذَا عَمْدًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَوَدٌ وَلَوْ خُلِقَ هَكَذَا أَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ فَصَارَ هَكَذَا، ثُمَّ قَطَعَ كَانَتْ فِيهِ حُكُومَةٌ أَكْثَرُ مِنْ حُكُومَتِهِ إذَا اُسْتُحْشِفَ وَمَا أَصَابَهُ مِنْ هَذَا الِاسْتِحْشَافِ وَبَقِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute