عَلَيْهِ؟ قَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِنْ احْتَجَجْت بِاَلَّذِي قَالَ بِالْإِشَادَةِ فَقُلْت إنَّمَا أُرِيدَ بِالْإِشَادَةِ أَنْ يَكُونَ يُذْهِبُ التُّهْمَةَ وَيَكُونُ أَمْرُهُمَا عِنْدَ غَيْرِ الزَّوْجَيْنِ أَنَّهُمَا زَوْجَانِ قُلْت: فَإِنْ قَالَ لَك قَائِلٌ هَذَا فِي الْمُتَنَازِعَيْنِ فِي الْبَيْعِ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِمَنْ يَذْكُرُ أَنَّهُ سَمِعَ فِي الْإِشَادَةِ أَنَّ فُلَانًا اشْتَرَى دَارَ فُلَانٍ أَتَجْعَلُ هَذِهِ بَيْعًا؟ قَالَ: لَا قُلْت فَإِنْ كَانُوا أَلْفًا؟ قَالَ فَإِنِّي لَا أَقْبَلُ إلَّا الْبَيِّنَةَ الْقَاطِعَةَ قُلْت: فَهَكَذَا نَقُولُ لَك فِي النِّكَاحِ بَلْ النِّكَاحُ أَوْلَى لِأَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ، وَأَصْلَ الْبَيْعِ يَحِلُّ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أُشِيدَ بِنِكَاحِ امْرَأَةٍ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ أَكُنَّا نُلْزِمُهَا النِّكَاحَ بِلَا بَيِّنَةٍ؟
بَابُ طُهْرِ الْحَائِضِ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا انْقَطَعَ عَنْ الْحَائِضِ الدَّمُ لَمْ يَقْرُبْهَا زَوْجُهَا حَتَّى تَطْهُرَ لِلصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَتْ وَاجِدَةً لِلْمَاءِ فَحَتَّى تَغْتَسِلَ وَإِنْ كَانَتْ مُسَافِرَةً غَيْرَ وَاجِدَةٍ لِلْمَاءِ فَحَتَّى تَتَيَمَّمَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} أَيْ حَتَّى يَنْقَطِعَ الدَّمُ وَيَرَيْنَ الطُّهْرَ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يَعْنِي - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - الطَّهَارَةَ الَّتِي تَحِلُّ بِهَا الصَّلَاةُ لَهَا وَلَوْ أَتَى رَجُلٌ امْرَأَتَهُ حَائِضًا أَوْ بَعْدَ تَوْلِيَةِ الدَّمِ وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَلَا يَعُدْ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ، وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ لَوْ كَانَ ثَابِتًا أَخَذْنَا بِهِ وَلَكِنَّهُ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ.
بَابٌ فِي إتْيَانِ الْحَائِضِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا فَاعْتَزِلُوهُنَّ فِي غَيْرِ الْجِمَاعِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ فِي الْجِمَاعِ فَيَكُونُ اعْتِزَالُهُنَّ مِنْ وَجْهَيْنِ وَالْجِمَاعُ أَظْهَرُ مَعَانِيه لِأَمْرِ اللَّهِ بِالِاعْتِزَالِ ثُمَّ قَالَ {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} فَأَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بَيِّنًا وَبِهَذَا نَقُولُ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرَ بِاعْتِزَالِهِنَّ وَيَعْنِي أَنَّ اعْتِزَالَهُنَّ الِاعْتِزَالُ فِي الْجِمَاعِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا قُلْنَا بِمَعْنَى الْجِمَاعِ مَعَ أَنَّهُ ظَهْرَ الْآيَةِ بِالِاسْتِدْلَالِ بِالسُّنَّةِ.
الْخِلَافُ فِي اعْتِزَالِ الْحَائِضِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ بَعْضُ النَّاسِ إذَا اجْتَنَبَ الرَّجُلُ مَوْضِعَ الدَّمِ مِنْ امْرَأَتِهِ وَجَارِيَتِهِ حَلَّ لَهُ مَا سِوَى الْفَرْجِ الَّذِي فِيهِ الْأَذَى، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ بِاعْتِزَالِ الدَّمِ.
قُلْت: فَلَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنْ يَعْتَزِلْنَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ} وقَوْله تَعَالَى {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} فَإِذَا تَطَهَّرْنَ كَانَتْ الْآيَةُ مُحْتَمِلَةً اعْتِزَالَهَا اعْتِزَالًا غَيْرَ اعْتِزَالِ الْجِمَاعِ فَلَمَّا نَهَى أَنْ يَقْرُبْنَ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يُجَامِعْنَ قَالَ إنَّهَا تَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَلَكِنْ كَيْفَ قُلْت يَعْتَزِلُ مَا تَحْتَ الْإِزَارِ دُونَ سَائِرِ بَدَنِهَا؟ قُلْت لَهُ احْتَمَلَ اعْتِزَالُهُنَّ اعْتَزِلُوا جَمِيعَ أَبْدَانِهِنَّ وَاحْتَمَلَ بَعْضَ أَبْدَانِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ فَاسْتَدْلَلْنَا بِالسُّنَّةِ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ اعْتِزَالِهِنَّ فَقُلْت بِهِ كَمَا بَيَّنَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute