عَلَيْهِمَا فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَا سُجُودَ سَهْوٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أُحِبُّ هَذَا كُلَّهُ فِي رُكْبَتَيْهِ بَلْ أُحِبُّ أَنْ تَكُونَ رُكْبَتَاهُ مُسْتَتِرَتَيْنِ بِالثِّيَابِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْ رُكْبَتَيْهِ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئًا لِأَنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَمَرَ بِالْإِفْضَاءِ بِرُكْبَتَيْهِ إلَى الْأَرْضِ وَأُحِبُّ إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّجُلُ مُتَخَفِّفًا أَنْ يُفْضِيَ بِقَدَمَيْهِ إلَى الْأَرْضِ وَلَا يَسْجُدَ مُنْتَعِلًا فَتَحُولُ النَّعْلَانِ بَيْنَ قَدَمَيْهِ وَالْأَرْضِ فَإِنْ أَفْضَى بِرُكْبَتَيْهِ إلَى الْأَرْضِ، أَوْ سَتَرَ قَدَمَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْجُدُ مُنْتَعِلًا مُتَخَفِّفًا وَلَا يُفْضِي بِقَدَمَيْهِ إلَى الْأَرْضِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي هَذَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى جَمِيعِ أَعْضَائِهِ الَّتِي أَمَرْته بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا وَيَكُونَ حُكْمُهَا غَيْرَ حُكْمِ الْوَجْهِ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهَا كُلِّهَا مُتَغَطِّيَةً فَتَجْزِيهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ السُّجُودِ يَقَعُ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَتْ مَحُولًا دُونَهَا بِشَيْءٍ فَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ إنْ تَرَكَ جَبْهَتَهُ فَلَمْ يُوقِعْهَا الْأَرْضَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إيقَاعِهِ الْأَرْضَ فَلَمْ يَسْجُدْ كَمَا إذَا تَرَكَ جَبْهَتَهُ فَلَمْ يُوقِعْهَا الْأَرْضَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَسْجُدْ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ كَفِيهِ لَمْ يَجْزِهِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ عَلَى بُطُونِهَا وَكَذَلِكَ إنْ سَجَدَ عَلَى حُرُوفِهَا وَإِنْ مَاسَّ الْأَرْضَ بِبَعْضِ يَدَيْهِ أَصَابِعِهِمَا، أَوْ بَعْضِهِمَا، أَوْ رَاحَتَيْهِ، أَوْ بَعْضِهِمَا، أَوْ سَجَدَ عَلَى مَا عَدَا جَبْهَتَهُ مُتَغَطِّيًا أَجْزَأَهُ وَهَكَذَا هَذَا فِي الْقَدَمَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا مَذْهَبٌ يُوَافِقُ الْحَدِيثَ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ إذَا سَجَدَ عَلَى جَبْهَتِهِ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا دُونَ مَا سِوَاهَا أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِالسُّجُودِ قَصْدَ الْوَجْهِ تَعَبُّدَ اللَّهِ تَعَالَى «وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ» وَأَنَّهُ أَمَرَ بِكَشْفِ الْوَجْهِ وَلَمْ يَأْمُرْ بِكَشْفِ رُكْبَةٍ وَلَا قَدَمٍ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا هَوَى لِيَسْجُدَ فَسَقَطَ عَلَى بَعْضِ جَسَدِهِ ثُمَّ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ فَمَاسَّتْ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَذَا السُّجُودِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ وَلَوْ انْقَلَبَ يُرِيدُهُ فَمَاسَّتْ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ أَجْزَأَهُ السُّجُودُ وَهَكَذَا لَوْ هَوَى عَلَى وَجْهِهِ لَا يُرِيدُ سُجُودًا فَوَقَعَ عَلَى جَبْهَتِهِ لَمْ يَعْتَدَّ بِهَذَا لَهُ سُجُودًا وَلَوْ هَوَى يُرِيدُ السُّجُودَ وَكَانَ عَلَى إرَادَتِهِ فَلَمْ يُحْدِثْ إرَادَةً غَيْرَ إرَادَتِهِ السُّجُودَ أَجْزَأَهُ السُّجُودُ وَلَا يَجْزِيهِ إذَا سَجَدَ السَّجْدَةَ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ يَسْتَوِي قَاعِدًا حَتَّى يَعُودَ كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ إلَى مِفْصَلِهِ ثُمَّ يَنْحَطَّ فَيَسْجُدَ الثَّانِيَةَ فَإِنْ سَجَدَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ هَذَا لَمْ يَعُدَّهَا سَجْدَةً لِمَا وَصَفْت مِنْ حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ وَعَلَيْهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَسَجْدَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ مَا وَصَفْت وَكَذَلِكَ كُلُّ رَكْعَةٍ وَقِيَامٍ ذَكَرْته فِي الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ فِيهِ مِنْ الِاعْتِدَالِ وَالْفِعْلِ مَا وَصَفْت.
بَابُ التَّجَافِي فِي السُّجُودِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّاسِ بْنِ سَهْلٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَجَدَ جَافَى بَيْنَ يَدَيْهِ» وَرَوَى صَالِحٌ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا سَجَدَ يُرَى بَيَاضُ إبْطَيْهِ مِمَّا يُجَافِي بَدَنَهُ» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ دَاوُد بْنِ قَيْسِ الْفَرَّاءِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَقْرَمَ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: «رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْقَاعِ مِنْ نَمِرَةَ، أَوْ النَّمِرَةِ شَكَّ الرَّبِيعُ سَاجِدًا فَرَأَيْت بَيَاضَ إبْطَيْهِ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا أُحِبُّ لِلسَّاجِدِ أَنْ يَكُونَ مُتَخَوِّيًا وَالتَّخْوِيَةُ أَنْ يَرْفَعَ صَدْرَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ وَأَنْ يُجَافِي مِرْفَقَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَا يَسْتُرُ تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ رَأَيْت عُفْرَةَ إبْطَيْهِ وَلَا يُلْصِقُ إحْدَى رُكْبَتَيْهِ بِالْأُخْرَى وَيُجَافِي رِجْلَيْهِ وَيَرْفَعُ ظَهْرَهُ وَلَا يَحْدَوْدِبُ وَلَكِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute