الْمِيرَاثِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْيَمِينُ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمِهِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْت لَك مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا وَرِثَ الرَّجُلُ دَارًا، أَوْ غَيْرَهَا فَادَّعَى رَجُلٌ فِيهَا دَعْوَى سَأَلْنَاهُ عَنْ دَعْوَاهُ فَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا كَانَ فِي يَدَيْ الْمَيِّتِ أَحْلَفْنَا الْوَارِثَ عَلَى عِلْمِهِ مَا يَعْلَمُ لَهُ فِيهَا حَقًّا، ثُمَّ أَبْرَأْنَاهُ وَإِنْ ادَّعَى فِيهَا شَيْئًا كَانَ فِي يَدَيْ الْوَارِثِ أَحَلَفْنَاهُ عَلَى الْبَتِّ نُحَلِّفُهُ فِي كُلِّ مَا كَانَ فِي يَدَيْهِ عَلَى الْبَتِّ وَمَا كَانَ فِي يَدَيْ غَيْرِهِ فَوَرِثَهُ عَلَى الْعِلْمِ، وَإِذَا اسْتَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى دَعْوَاهُ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تِلْكَ الدَّعْوَى فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَشُرَيْحٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ أَحَقُّ أَنْ تُرَدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ وَبِهَذَا يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا أَقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ وَبَعْدَ فَصْلِ الْقَضَاءِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ الدَّعْوَى وَلَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ وَأَحْلَفَهُ الْقَاضِي فَحَلَفَ، ثُمَّ جَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ قَبِلْتُهَا وَقَضَيْت لَهُ بِهَا وَلَمْ أَمْنَعْ الْبَيِّنَةَ الْعَادِلَةَ الَّتِي حَكَمَ الْمُسْلِمُونَ بِالْإِعْطَاءِ بِهَا بِالْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ.
بَابُ الْوَصَايَا
وَإِذَا، أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِسُكْنَى دَارٍ، أَوْ بِخِدْمَةِ عَبْدٍ، أَوْ بِغَلَّةِ بُسْتَانٍ، أَوْ أَرْضٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُهُ، أَوْ أَقَلُّ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرُ الْوَقْتِ فِي قَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى سَوَاءٌ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَإِذَا، أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِغَلَّةِ دَارِهِ، أَوْ ثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِذَا، أَوْصَى لَهُ بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ الْعَبْدَ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ الْعَبْدَ جَازَ لَهُ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثَ وَرَدَّ مَا لَمْ يَحْمِلْ؛
وَإِذَا، أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ فِي حَيَاتِهِ وَهُمْ كِبَارٌ، ثُمَّ رَدُّوا ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ لَا تَجُوزُ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْوَصِيَّةُ وَلَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهَا لِأَنَّهُمْ أَجَازُوا وَهُمْ لَا يَمْلِكُونَ الْإِجَازَةَ وَلَا يَمْلِكُونَ الْمَالَ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَشُرَيْحٍ وَبِهَذَا يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إجَازَتُهُمْ جَائِزَةٌ عَلَيْهِمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى شَيْءٍ مِنْهَا، وَلَوْ أَجَازُوهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ أَرَادُوا أَنْ يَرْجِعُوا فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَنْفُذَ الْوَصِيَّةُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ، وَكَانَتْ إجَازَتُهُمْ جَائِزَةً فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا، أَوْصَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَأَجَازَ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ وَهُوَ حَيٌّ، ثُمَّ أَرَادُوا الرُّجُوعَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ مَاتَ فَذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَجَازُوا مَا لَمْ يَمْلِكُوا، وَلَوْ مَاتَ فَأَجَازُوهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ أَرَادُوا الرُّجُوعَ قَبْلَ الْقَسَمِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمْ أَجَازُوا مَا مَلَكُوا فَإِذَا أَجَازُوا ذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ وَصَاحِبُهُمْ مَرِيضٌ، أَوْ صَحِيحٌ كَانَ لَهُمْ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُمْ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا غَيْرُ مَالِكَيْنِ أَجَازُوا مَا لَمْ يَمْلِكُوا
(قَالَ): وَإِذَا، أَوْصَى رَجُلٌ بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ وَبِمَالِهِ كُلِّهِ لِآخَرَ فَرَدَّ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ كُلَّهُ إلَى الثُّلُثِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا يَضْرِبُ صَاحِبُ الْجَمِيعِ بِحِصَّةِ الْوَرَثَةِ مِنْ الْمَالِ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ يَضْرِبُ صَاحِبُ الْمَالِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ وَيَضْرِبُ صَاحِبُ الثُّلُثِ بِسَهْمٍ وَاحِدٍ وَبِهِ يَأْخُذُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا، أَوْصَى الرَّجُلُ لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ الْوَرَثَةُ أُقْسِمُ الْوَصِيَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ الْكُلِّ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ قِيَاسًا عَلَى عَوْلِ الْفَرَائِضِ وَمَعْقُولٌ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ أَرَادَ هَذَا بِثَلَاثَةٍ وَهَذَا بِوَاحِدٍ.