للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّافِعِيُّ) احْتَجَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَعْضُ النَّاسِ وَقَالَ هَذَا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ يُخْبِرُ أَنْ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ مُعَلَّقٍ، فَمِنْ هُنَا قُلْنَا لَا يُقْطَعُ فِي الثَّمَرِ الرَّطْبِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ إذَا ذَهَبْت هَذَا الْمَذْهَبَ فِيهِ، فَالثَّمَرُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلرَّطْبِ وَالْيَابِسِ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَغَيْرِهِ أَفَتُسْقِطُ الْقَطْعَ عَمَّنْ سَرَقَ تَمْرًا فِي بَيْتٍ؟ قَالَ لَا، قُلْنَا: فَكَذَلِكَ الثَّمَرُ الرَّطْبُ الْمُحْرَزُ؛ لِأَنَّ اسْمَ الثَّمَرِ يَقَعُ عَلَى هَذَا كَمَا يَقَعُ عَلَى هَذَا قُلْت أَرَأَيْت الذِّمِّيَّيْنِ إذَا زَنَيَا أَتَحْكُمُ بَيْنَهُمَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ أَمْ بِحُكْمِهِمْ؟ قَالَ فَإِنْ قُلْت بِحُكْمِهِمْ؟ قُلْنَا فَيَلْزَمُكَ أَنْ تُجِيزَ بَيْنَهُمْ مَا وَصَفْنَا مِمَّا أَبْطَلَهُ حُكْمُ الْإِسْلَامِ وَيَلْزَمُكَ إنْ كَانَ فِي دِينِهِمْ أَنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ أَحَدٍ كَانَ السَّارِقُ عَبْدًا لِلْمَسْرُوقِ أَنْ تَجْعَلَهُ لَهُ عَبْدًا قَالَ: لَا أَجْعَلُهُ عَبْدًا وَلَكِنْ أَقْطَعُهُ قُلْنَا: فَأَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَهُمْ مَرَّةً بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَمَرَّةً بِحُكْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَتَقُولُ إنَّكَ تُجِيزُ بَيْنَهُمْ ثَمَنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَكَيْفَ حَكَمْت مَرَّةً بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ وَحَكَمْت مَرَّةً بِخِلَافِهِ؟ وَخَالَفَهُ صَاحِبُهُ فَقَالَ: قَوْلُنَا فِي الْيَهُودِيَّيْنِ يُرْجَمَانِ وَتُحْصِنُ الْيَهُودِيَّةُ الْمُسْلِمَ ثُمَّ عَادَ فَوَافَقَهُمْ فِي أَنْ أَجَازَ بَيْنَهُمْ ثَمَنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَهَذَا فِي كِتَابٍ إلَى الطُّولِ مَا هُوَ. .

بَابُ النَّفْيِ وَالِاعْتِرَافِ فِي الزِّنَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ «أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ الْآخَرُ - وَهُوَ أَفْقَهُهُمَا - أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأْذَنْ لِي فِي أَنْ أَتَكَلَّمَ قَالَ تَكَلَّمْ قَالَ قَالَ: إنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا عَلَى هَذَا فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ فَأُخْبِرْتُ أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْت مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَجَارِيَةٍ لِي. ثُمَّ إنِّي سَأَلْت أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَخْبَرُونِي إنَّمَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ وَإِنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُك فَرَدٌّ عَلَيْكَ وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً وَغَرَّبَهُ عَامًا وَأَمَرَ أُنَيْسًا الْأَسْلَمِيَّ أَنْ يَغْدُوَ عَلَى امْرَأَةِ الْآخَرِ فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا قُلْنَا وَفِيهِ الْحُجَّةُ فِي أَنْ يُرْجَمَ مَنْ اعْتَرَفَ مَرَّةً إذَا ثَبَتَ عَلَيْهَا. وَقَدْ رَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَرَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ الْجَلْدَ وَالنَّفْيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَخَالَفَ بَعْضُ النَّاسِ هَذَا الْحَدِيثَ فِيمَا وَصَفْت لَكَ فَقَالَ: لَا يُرْجَمُ بِاعْتِرَافِ مَرَّةٍ وَلَا يُرْجَمُ حَتَّى يَعْتَرِفَ أَرْبَعًا. وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُنَيْسًا إنْ اعْتَرَفَتْ أَنْ يَرْجُمَهَا وَأَمَرَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ وَخَالَفَهُ أَيْضًا فَقَالَ: إذَا اعْتَرَفَ الزَّانِي فَالْحَقُّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَبْدَأَ فَيَرْجُمَ ثُمَّ النَّاسُ وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ رَجَمَهُمْ الشُّهُودُ ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِرَجْمِ مَاعِزٍ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَأَمَرَ أُنَيْسًا بِأَنْ يَأْتِيَ امْرَأَةً فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا وَلَمْ يَقُلْ أَعْلِمْنِي لِأَحْضُرَهَا وَلَمْ أَعْلَمْهُ أَمَرَ بِرَجْمِهِمْ فَحَضَرَهُ وَلَوْ كَانَ حُضُورُ الْإِمَامِ حَقًّا حَضَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ يَأْتِي امْرَأَةً فَإِنْ اعْتَرَفَتْ رَجَمَهَا. وَلَمْ يَقُلْ: أَعْلِمْنِي أَحْضُرُهَا وَمَا عَلِمْت إمَامًا حَضَرَ رَجْمَ مَرْجُومٍ وَلَقَدْ أَمَرَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِرَجْمِ امْرَأَةٍ وَمَا حَضَرَهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُرْجَمُ الزَّانِي الثَّيِّبُ وَلَا يُجْلَدُ وَالْجَلْدُ مَنْسُوخٌ عَنْ الثَّيِّبِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} إِلَى {سَبِيلا} وَهَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْحُدُودِ. ثُمَّ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>