- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ لِي امْرَأَةً لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَطَلِّقْهَا قَالَ إنِّي أُحِبُّهَا قَالَ فَأَمْسِكْهَا إذًا» وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْمُشْرِكَاتِ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الزُّنَاةِ وَغَيْرِ الزُّنَاةِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَهَا ابْنَةٌ مِنْ غَيْرِهِ وَلَهُ ابْنٌ مِنْ غَيْرِهَا فَفَجَرَ الْغُلَامُ بِالْجَارِيَةِ فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ مَكَّةَ رُفِعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَسَأَلَهَا فَاعْتَرَفَا فَجَلَدَهُمَا عُمَرُ الْحَدَّ وَحَرَصَ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فَأَبَى الْغُلَامُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَالِاخْتِيَارُ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَنْكِحَ زَانِيَةً وَلِلْمَرْأَةِ أَنْ لَا تَنْكِحَ زَانِيًا فَإِنْ فَعَلَا فَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَرَامٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَيْسَتْ مَعْصِيَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَفْسِهِ تُحَرِّمُ عَلَيْهِ الْحَلَالَ إذَا أَتَاهُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا زَنَتْ فَعَلِمَ قَبْلَ دُخُولِهَا عَلَيْهِ أَنَّهَا زَنَتْ قَبْلَ نِكَاحِهِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ صَدَاقِهِ مِنْهَا وَلَا فَسْخُ نِكَاحِهَا وَكَانَ لَهُ إنْ شَاءَ أَنْ يُمْسِكَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُطَلِّقَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي وَجَدَتْهُ قَدْ زَنَى قَبْلَ أَنْ يَنْكِحَهَا أَوْ بَعْدَمَا نَكَحَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي فِرَاقِهِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ بِحَالِهَا وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ حُدَّ الزَّانِي مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يُحَدَّ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ اعْتَرَفَ لَا يُحَرِّمُ زِنَا وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا زِنَاهُمَا وَلَا مَعْصِيَةٌ مِنْ الْمَعَاصِي الْحَلَالَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَ دِينَاهُمَا بِشِرْكٍ وَإِيمَانٍ.
لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} إِلَى {بِالْمَعْرُوفِ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الْآيَةُ وَقَالَ فِي الْإِمَاءِ {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): زَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ كَانَ زَوَّجَ أُخْتًا لَهُ ابْنَ عَمٍّ لَهُ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ أَرَادَ الزَّوْجُ وَأَرَادَتْ نِكَاحَهُ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا فَأَبَى مَعْقِلٌ وَقَالَ زَوَّجْتُك وَآثَرْتُك عَلَى غَيْرِك فَطَلَّقْتهَا لَا أُزَوِّجُكَهَا أَبَدًا فَنَزَلَ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ} يَعْنِي الْأَزْوَاجُ النِّسَاءَ {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} يَعْنِي فَانْقَضَى أَجَلُهُنَّ يَعْنِي عِدَّتَهُنَّ {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} يَعْنِي أَوْلِيَاءَهُنَّ {أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} إنْ طَلَّقُوهُنَّ وَلَمْ يَبُتُّوا طَلَاقَهُنَّ وَمَا أَشْبَهَ مَعْنَى مَا قَالُوا مِنْ هَذَا بِمَا قَالُوا وَلَا أَعْلَمُ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِأَنْ لَا يَعْضُلَ الْمَرْأَةَ مَنْ لَهُ سَبَبٌ إلَى الْعَضْلِ بِأَنْ يَكُونَ يَتِمُّ بِهِ نِكَاحُهَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَالزَّوْجُ إذَا طَلَّقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَيْسَ بِسَبِيلٍ مِنْهَا فَيَعْضُلُهَا وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَقَدْ يَحْرُمُ عَلَيْهَا أَنْ تَنْكِحَ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَعْضُلُهَا عَنْ نَفْسِهِ وَهَذَا أَبْيَنُ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ أَنَّ لِلْوَلِيِّ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي نَفْسِهَا حَقًّا وَأَنَّ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ لَا يَعْضُلَهَا إذَا رَضِيَتْ أَنْ تَنْكِحَ بِالْمَعْرُوفِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَجَاءَتْ السُّنَّةُ بِمِثْلِ مَعْنَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَسَعِيدٌ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ فَإِنْ أَصَابَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا».
وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ اشْتَجَرُوا وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ فَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَسَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عِكْرِمَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ جَمَعَتْ الطَّرِيقُ رَكْبًا فِيهِمْ امْرَأَةٌ ثَيِّبٌ فَوَلَّتْ رَجُلًا مِنْهُمْ أَمْرَهَا فَزَوَّجَهَا رَجُلًا فَجَلَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ النَّاكِحَ وَرَدَّ نِكَاحَهَا أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْبَد بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَدَّ نِكَاحَ امْرَأَةٍ نَكَحَتْ بِغَيْرِ وَلِيٍّ أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ نَكَحَتْ امْرَأَةٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute