للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «سَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى خَيْبَرَ فَانْتَهَى إلَيْهَا لَيْلًا وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا طَرَقَ قَوْمًا لَيْلًا لَمْ يُغِرْ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُصْبِحَ فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا يُصَلُّونَ أَغَارَ عَلَيْهِمْ حِينَ يُصْبِحُ فَلَمَّا أَصْبَحَ رَكِبَ وَرَكِبَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَخَرَجَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ وَمَعَهُمْ مَكَاتِلُهُمْ وَمَسَاحِيهُمْ فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا مُحَمَّدٌ وَالْخَمِيسُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرَ إنَّا إذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ فَسَاءَ صَبَاحُ الْمُنْذَرِينَ قَالَ أَنَسٌ وَإِنِّي لَرَدِيفُ أَبِي طَلْحَةَ وَإِنَّ قَدَمِي لَتَمَسُّ قَدَمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي رِوَايَةِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يُغِيرُ حَتَّى يُصْبِحَ لَيْسَ بِتَحْرِيمٍ لِلْإِغَارَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا غَارِّينَ فِي حَالٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَلَكِنَّهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ يُبْصِرُ مَنْ مَعَهُ كَيْفَ يُغِيرُونَ احْتِيَاطًا مِنْ أَنْ يُؤْتَوْا مِنْ كَمِينٍ أَوْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ وَقَدْ تَخْتَلِطُ الْحَرْبُ إذَا أَغَارُوا لَيْلًا فَيَقْتُلُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضًا وَقَدْ أَصَابَهُمْ ذَلِكَ فِي قَتْلِ ابْنِ عَتِيكٍ فَقَطَعُوا رِجْلَ أَحَدِهِمْ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ بِتَحْرِيمٍ أَنْ يُغِيرَ أَحَدٌ لَيْلًا؟ قِيلَ: قَدْ أَمَرَ بِالْغَارَةِ عَلَى غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْيَهُودِ فَقَتَلُوهُ.

الْفِدَاءُ بِالْأُسَارَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «أَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ فَأَوْثَقُوهُ وَطَرَحُوهُ فِي الْحَرَّةِ فَمَرَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْنُ مَعَهُ أَوْ قَالَ أَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ عَلَى حِمَارٍ وَتَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَنَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: مَا شَأْنك قَالَ: فِيمَ أُخِذْت وَفِيمَ أَخَذْت سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ قَالَ أُخِذْت بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرَكَهُ وَمَضَى فَنَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَرَحِمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَالَ مَا شَأْنُك قَالَ: إنِّي مُسْلِمٌ فَقَالَ لَوْ قُلْتهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك أَفْلَحْت كُلَّ الْفَلَاحِ قَالَ فَتَرَكَهُ وَمَضَى فَنَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَرَجَعَ إلَيْهِ فَقَالَ: إنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي قَالَ. وَأَحْسَبُهُ قَالَ وَإِنِّي عَطْشَانُ فَاسْقِنِي قَالَ: هَذِهِ حَاجَتُك فَفَدَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْهُمَا ثَقِيفٌ وَأَخَذَ نَاقَتَهُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُخِذْت بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٍ» إنَّمَا هُوَ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مُشْرِكٌ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ لِشِرْكِهِ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ وَالْعَفْوُ عَنْهُ مُبَاحٌ فَلَمَّا كَانَ هَكَذَا لَمْ يُنْكِرْ أَنْ يَقُولَ أُخِذْت أَيْ حُبِسْت بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِكُمْ ثَقِيفٌ وَيَحْبِسُهُ بِذَلِكَ لِيَصِيرَ إلَى أَنْ يُخَلُّوا مَنْ أَرَادَ وَيَصِيرُوا إلَى مَا أَرَادَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَدْ غَلِطَ بِهَذَا بَعْضُ مَنْ يُشَدِّدُ الْوِلَايَةَ فَقَالَ: يُؤْخَذُ الْوَلِيُّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مُشْرِكٌ يَحِلُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِكُلِّ جِهَةٍ وَقَدْ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَجُلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ هَذَا ابْنُك؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ أَمَّا إنَّهُ لَا يَجْنِي عَلَيْك وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَقَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى» وَلَمَّا كَانَ حَبْسُ هَذَا حَلَالًا بِغَيْرِ جِنَايَةِ غَيْرِهِ وَإِرْسَالُهُ مُبَاحًا كَانَ جَائِزًا أَنْ يُحْبَسَ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَيُخْلَى تَطَوُّعًا إذَا نَالَ بِهِ بَعْضَ مَا يُحِبُّ حَابِسُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): «وَأَسْلَمَ هَذَا الْأَسِيرُ فَرَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَسْلَمَ لَا بِنِيَّةٍ فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>