لَأَبْدَأَنَّ بِعُقُوبَتِك قَالَ فَخَرَجْت فَلَقِيتُ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَشَهِدَ مَعِي وَأَمْسَكَ عُمَرُ وَأَسْلَمَ وَفَرَضَ لَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَبُولُ مَنْ قَبِلَ مِنْ الْهُرْمُزَانِ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ عُمَرَ يُوَافِقُ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلَ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ حِينَ حَصَرَهُمْ وَجَهِدَ بِهِمْ الْحَرْبُ أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْبَلَ الْإِمَامُ مِنْ أَهْلِ الْحِصْنِ عَقْلَهُ وَنَظَرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَذَلِكَ أَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ قَبُولَ الْإِمَامِ إنَّمَا كَانَ لِمَنْ وَصَفْت مِنْ أَهْلِ الْقَنَاعَةِ وَالثِّقَةِ فَلَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ عِنْدِي أَنْ يَقْبَلَ خِلَافَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْقَنَاعَةِ وَالثِّقَةِ وَالْعَقْلِ فَيَكُونُ قَبِلَ خِلَافَ مَا قَبِلُوا مِنْهُ وَلَوْ فَعَلَ كَانَ قَدْ تَرَكَ النَّظَرَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مَنْ لَعَلَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ؟ قِيلَ لَمَّا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَذِنَ بِالْمَنِّ وَالْفِدَاءِ فِي الْأُسَارَى مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ لِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ أَبَدًا أَنْ يَمُنَّ أَوْ يُفَادِيَ أَوْ يَقْتُلَ أَوْ يَسْتَرِقَّ فَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ فَقَدْ جَاءَ بِهِ كِتَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ثُمَّ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ وَصَفْنَا أَنَّ لِلْإِمَامِ فِي الْأَسَارَى الْخِيَارُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى النَّظَرِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ فَيَقْتُلُ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَوْهَنُ وَأَطْفَأُ لِلْحَرْبِ وَيَدْعُ إنْ كَانَ ذَلِكَ أَشَدَّ لِنَشْرِ الْحَرْبِ وَأَطْلَبَ لِلْعَدُوِّ عَلَى نَحْوِ مَا أَشَارَ بِهِ أَنَسٌ عَلَى عُمَرَ وَمَتَى سَبَقَ مِنْ الْإِمَامِ قَوْلٌ فِيهِ أَمَانٌ ثُمَّ نَدِمَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَقْضُ الْأَمَانِ بَعْدَمَا سَبَقَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ كُلُّ قَوْلٍ يُشْبِهُ الْأَمَانَ مِثْلُ قَوْلِ عُمَرَ تَكَلَّمْ لَا بَأْسَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا قَوَدَ عَلَى قَاتِلِ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ الْهُرْمُزَانَ قَاتَلَ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ وَمَجْزَأَةَ بْنَ ثَوْرٍ فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ عُمَرُ قَوَدًا وَقَوْلُ عُمَرَ فِي هَذَا مُوَافِقٌ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَاءَهُ قَاتِلُ حَمْزَةَ مُسْلِمًا فَلَمْ يَقْتُلْهُ بِهِ قَوَدًا وَجَاءَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ كُلُّهُمْ قَاتِلٌ مَعْرُوفٌ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ قَوَدًا وَقَوْلُ عُمَرَ لِتَأْتِينِي بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَأَبْدَأَنَّ بِعُقُوبَتِك يَحْتَمِلُ أَنْ لَمْ يَذْكُرْ مَا قَالَ لِلْهُرْمُزَانِ مِنْ أَنْ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ احْتِيَاطًا كَمَا احْتَاطَ فِي الْأَخْبَارِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدَيْهِ فَجَعَلَ الشَّاهِدَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ دَافِعٌ عَمَّنْ هُوَ بِيَدَيْهِ وَأَشْبَهَ ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ احْتِيَاطًا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - سَأَلَهُ " إذَا حَاصَرْتُمْ الْمَدِينَةَ كَيْفَ تَصْنَعُونَ " قَالَ: نَبْعَثُ الرَّجُلَ إلَى الْمَدِينَةِ وَنَصْنَعُ لَهُ هَنَةً مِنْ جُلُودٍ قَالَ: " أَرَأَيْت إنْ رُمِيَ بِحَجَرٍ " قَالَ إذًا يُقْتَلُ قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَسُرّنِي أَنْ تَفْتَحُوا مَدِينَةً فِيهَا أَرْبَعَةُ آلَافِ مُقَاتِلٍ بِتَضْيِيعِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): مَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ هَذَا احْتِيَاطٌ وَحُسْنُ نَظَرٍ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنِّي أَسْتَحِبُّ لِلْإِمَامِ وَلِجَمِيعِ الْعُمَّالِ وَلِلنَّاسِ كُلِّهِمْ أَنْ لَا يَكُونُوا مُعْتَرِضِينَ لِمِثْلِ هَذَا وَلَا لِغَيْرِهِ مِمَّا الْأَغْلَبُ عَلَيْهِ مِنْهُ التَّلَفُ وَلَيْسَ هَذَا بِمُحَرَّمٍ عَلَى مَنْ عَرَضَهُ وَالْمُبَارَزَةُ لَيْسَتْ هَكَذَا لِأَنَّ الْمُبَارَزَةَ إنَّمَا يَبْرُزُ لِوَاحِدٍ فَلَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ مُخَاطِرٌ إنَّمَا الْمُخَاطِرُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى جَمَاعَةِ أَهْلِ الْحِصْنِ فَيُرْمَى أَوْ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَحْدَهُ الْأَغْلَبُ أَنْ لَا يَدَانِ لَهُ بِهِمْ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى أَنْ لَا بَأْسَ بِالتَّقَدُّمِ عَلَى الْجَمَاعَةِ؟ قِيلَ بَلَغَنَا «أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إلَامَ يَضْحَكُ اللَّهُ مِنْ عَبْدِهِ؟ قَالَ غَمْسُهُ يَدَهُ فِي الْعَدُوِّ حَاسِرًا فَأَلْقَى دِرْعًا كَانَتْ عَلَيْهِ وَحَمَلَ حَاسِرًا حَتَّى قُتِلَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَتَحَرَّزَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute