خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَكُلِّ خُطْبَةٍ فِيمَا يَعْنِيهِ وَيَعْنِي غَيْرَهُ بِكَلَامِ النَّاسِ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيمَا لَا يَعْنِيه وَلَا يَعْنِي النَّاسَ وَلَا بِمَا يُقَبَّحُ مِنْ الْكَلَامِ وَكُلُّ مَا أَجَزْت لَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، أَوْ كَرِهْته فَلَا يُفْسِدُ خُطْبَتَهُ وَلَا صَلَاتَهُ.
كَيْفَ اُسْتُحِبَّ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَةُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ: إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى حَتَّى يَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ يَوْمًا فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ أَلَا إنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، أَلَا وَإِنَّ الْآخِرَةَ أَجَلٌ صَادِقٌ يَقْضِي فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، أَلَا وَإِنَّ الْخَيْرَ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي الْجَنَّةِ، أَلَا وَإِنَّ الشَّرَّ كُلَّهُ بِحَذَافِيرِهِ فِي النَّارِ أَلَا فَاعْمَلُوا وَأَنْتُمْ مِنْ اللَّهِ عَلَى حَذَرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مَعْرُوضُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ».
مَا يُكْرَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْخُطْبَةِ وَغَيْرِهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ رُفَيْعٍ عَنْ تَمِيمِ بْنِ طَرَفَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: «خَطَبَ رَجُلٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُسْكُتْ فَبِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، ثُمَّ قَالَ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رَشَدَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى، وَلَا تَقُلْ وَمَنْ يَعْصِهِمَا»، (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): فَبِهَذَا نَقُولُ فَيَجُوزُ أَنْ تَقُولَ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى؛ لِأَنَّك أَفْرَدْت مَعْصِيَةَ اللَّهِ وَقُلْت " وَرَسُولَهُ " اسْتِئْنَافَ كَلَامٍ وَقَدْ قَالَ: اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ اسْتِئْنَافَ كَلَامٍ (قَالَ): وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ أَطَاعَ رَسُولَهُ وَمَنْ عَصَى اللَّهَ فَقَدْ عَصَى رَسُولَهُ وَمَنْ أَطَاعَ رَسُولَهُ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ، وَمَنْ عَصَى رَسُولَهُ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَبْدٌ مِنْ عِبَادِهِ قَامَ فِي خَلْقِ اللَّهِ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَفَرَضَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ طَاعَتَهُ لِمَا وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ رُشْدِهِ وَمَنْ قَالَ: " وَمَنْ يَعْصِهِمَا " كَرِهْت ذَلِكَ الْقَوْلَ لَهُ حَتَّى يُفْرِدَ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَذْكُرَ بَعْدَهُ اسْمَ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَذْكُرُهُ إلَّا مُنْفَرِدًا.
(قَالَ: الشَّافِعِيُّ): «وَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْت، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمِثْلَانِ؟ قُلْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْت» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَابْتِدَاءُ الْمَشِيئَةِ مُخَالَفَةٌ لِلْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعْصِيَتَهُ تَبَعٌ لِطَاعَةِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَمَعْصِيَتِهِ؛ لِأَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ مَنْصُوصَتَانِ بِفَرْضِ الطَّاعَةِ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَرَ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَازَ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لِمَا وَصَفْت، وَالْمَشِيئَةُ إرَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): قَالَ: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute