فَدَوْهَا. وَهِيَ أَعْظَمُ ضَرَرًا مِنْ الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَالْفَأْرِ. وَكُلُّ مَا لَمْ تَكُنْ الْعَرَبُ تَأْكُلُهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ.
وَكَانَتْ تَدَعُهُ عَلَى التَّقَذُّرِ بِهِ مُحَرَّمٌ وَذَلِكَ مِثْلُ الْحِدَأِ. وَالْبُغَاثِ. وَالْعُقْبَانِ. وَالْبُزَاةِ. وَالرَّخَمِ. وَالْفَأْرَةِ. وَاللُّحَكَاءِ. وَالْخَنَافِسِ. وَالْجِعْلَانِ. وَالْعَظَاءِ. وَالْعَقَارِبِ. وَالْحَيَّاتِ. وَالذَّرِّ. وَالذِّبَّانِ. وَمَا أَشْبَهَ هَذَا.
وَكُلُّ مَا كَانَتْ تَأْكُلُهُ لَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ. وَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى مَا نَصَّ تَحْرِيمَهُ. أَوْ يَكُونُ عَلَى تَحْرِيمِهِ دَلَالَةٌ.
فَهُوَ حَلَالٌ. كَالْيَرْبُوعِ. وَالضَّبُعِ. وَالثَّعْلَبِ. وَالضَّبِّ وَمَا كَانَتْ لَا تَأْكُلُهُ. وَلَمْ يَنْزِلْ تَحْرِيمُهُ مِثْلُ الْبَوْلِ. وَالْخَمْرِ. وَالدُّودِ. وَمَا فِي هَذَا الْمَعْنَى. وَعِلْمُ هَذَا مَوْجُودٌ عِنْدَهَا إلَى الْيَوْمِ. وَكُلُّ مَا قُلْت: حَلَالٌ. حَلَّ ثَمَنُهُ. وَيَحِلُّ بِالذَّكَاةِ. وَكُلُّ مَا قُلْت حَرَامٌ. حَرُمَ ثَمَنُهُ وَلَمْ يَحِلَّ بِالذَّكَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَكْلُ التِّرْيَاقِ الْمَعْمُولِ بِلُحُومِ الْحَيَّاتِ. إلَّا أَنْ يَجُوزَ فِي حَالِ ضَرُورَةٍ. وَحَيْثُ تَجُوزُ الْمَيْتَةُ. وَلَا تَجُوزُ مَيْتَةٌ بِحَالٍ.
الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} فَبَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ أَنَّ مَالَ الْمَرْأَةِ مَمْنُوعٌ مِنْ زَوْجِهَا الْوَاجِبُ الْحَقُّ عَلَيْهَا إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهَا وَأَبَاحَهُ بِطِيبِ نَفْسِهَا لِأَنَّهَا مَالِكَةٌ لِمَالِهَا، مَمْنُوعٌ بِمِلْكِهَا، مُبَاحٌ بِطِيبِ نَفْسِهَا كَمَا قَضَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ، وَهَذَا بَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مَالِكًا فَمَالُهُ مَمْنُوعٌ بِهِ مُحَرَّمٌ إلَّا بِطِيبِ نَفْسِهِ بِإِبَاحَتِهِ، فَيَكُونُ مُبَاحًا بِإِبَاحَةِ مَالِكِهِ لَهُ، لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، وَبَيَّنَ أَنَّ سُلْطَانَ الْمَرْأَةِ عَلَى مَالِهَا، كَسُلْطَانِ الرَّجُلِ عَلَى مَالِهِ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ وَجَمَعَتْ الرُّشْدَ وَقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} يَدُلُّ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إذَا لَمْ يَسْتَثْنِ فِيهِ إلَّا بِطِيبِ أَنْفُسِ الْيَتَامَى، عَلَى أَنَّ طِيبَ نَفْسِ الْيَتِيمِ لَا يُحِلُّ أَكْلَ مَالِهِ، وَالْيَتِيمُ وَالْيَتِيمَةُ فِي ذَلِكَ وَاحِدٌ، وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّطٍ عَلَى مَالِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ النَّاسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَاحِدٌ مِنْ اثْنَيْنِ، مُخَلًّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، فَمَا حَلَّ لَهُ فَأُحِلُّهُ لِغَيْرِهِ، حِلٌّ، أَوْ مَمْنُوعٌ مِنْ مَالِهِ، فَمَا أَبَاحَ مِنْهُ لَمْ يَجُزْ لِمَنْ أَبَاحَهُ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّطٍ عَلَى إبَاحَتِهِ لَهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ لِلْحَجْرِ فِي الْقُرْآنِ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ؟ قِيلَ: نَعَمْ، إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} الْآيَةَ (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَحْلُبَن أَحَدُكُمْ مَاشِيَةَ أَخِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرَبَتُهُ فَتُكْسَرَ فَيُنْتَقَلَ مَتَاعُهُ»؟ وَقَدْ رُوِيَ حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْحَائِطَ فَلْيَأْكُلْ وَلَا يَتَّخِذْ خُبْنَةً» وَمَا لَا يَثْبُتُ لَا حُجَّةَ فِيهِ. وَلَبَنُ الْمَاشِيَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute