دِينَارًا جَعَلْت فِي عَيْنِ الرَّجُلِ الْقَائِمَةِ خُمْسَ دِيَتِهِ، وَإِنْ قَالُوا خَمْسَةً وَثَلَاثُونَ دِينَارًا جَعَلْت فِي عَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خُمْسًا وَنِصْفَ خُمْسٍ وَهُوَ خُمْسٌ وَعُشْرُ دِيَتِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا كُلُّ مَا سِوَى هَذَا فَإِنْ قَالُوا بَلْ نَقَصَهَا هَذَا الْبَخْقُ نِصْفَ قِيمَتِهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ قَائِمَةَ الْعَيْنِ فَلَا أَحْسَبُ هَذَا إلَّا خَطَأً وَلَا أَحْسَبُهُمْ يَقُولُونَهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيَنْقُصُ مِنْ النِّصْفِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا جَعَلَ فِي الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ الْقَائِمَةُ كَالْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ، وَقَدْ قَضَى زَيْدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَلَعَلَّهُ قَضَى بِهِ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى. .
فِي السَّمْعِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا قَوَدَ فِي ذَهَابِ السَّمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَصِّلُ إلَى الْقَوَدِ فِيهِ فَإِذَا ذَهَبَ السَّمْعُ كُلُّهُ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَإِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَقَالَ قَدْ صَمَمْت سُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالصَّمَمِ فَإِنْ قَالُوا لَهُ مُدَّةٌ إنْ بَلَغَهَا وَلَمْ يَسْمَعْ تَمَّ صَمَمُهُ لَمْ أَقْضِ لَهُ بِشَيْءٍ حَتَّى يَبْلُغَ تِلْكَ الْمُدَّةَ فَإِنْ قَالُوا مَالَهُ غَايَةٌ تُغُفِّلَ وَصِيحَ بِهِ فَإِنْ أَجَابَ فِي بَعْضِ مَا تُغُفِّلَ بِهِ جَوَابَ مَنْ يَسْمَعُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَأُحْلِفَ الْجَانِي مَا ذَهَبَ سَمْعُهُ فَإِنْ لَمْ يُجِبْ عِنْدَ مَا غُفِّلَ بِهِ أَوْ عِنْدَ وُقُوعِ جَوَابِ مَنْ يَسْمَعُ أُحْلِفَ لَقَدْ ذَهَبَ سَمْعُهُ فَإِذَا حَلَفَ فَلَهُ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَإِنْ أَحَطْنَا أَنَّ سَمْعَ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ يَذْهَبُ وَيَبْقَى سَمْعُ الْأُذُنِ الْأُخْرَى فَفِيهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ نِصْفُ السَّمْعِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ نَقَصَ سَمْعُهُ كُلُّهُ فَكَانَ يُحَدُّ نَقْصُهُ بِحَدٍّ مِثْلُ أَنْ يَعْرِفَ آخَرَ حَدٍّ يُدْعَى مِنْهُ فَيُجِيبُ كَانَ لَهُ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ يُحَدُّ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَلَا أَحْسَبُهُ يُحَدُّ بِحَالٍ وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَسْمَعُ بِإِحْدَى أُذُنَيْهِ وَكَانَتْ الْأُذُنُ الصَّحِيحَةُ إذَا سُدَّتْ بِشَيْءٍ عُرِفَ ذَهَابُ سَمْعِ الْأُذُنِ الْأُخْرَى أَمْ لَا سُدَّتْ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ قُبِلَ قَوْلِ الَّذِي ادَّعَى أَنَّ سَمْعَهُ ذَهَبَ مَعَ يَمِينِهِ وَقُضِيَ لَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ وَالْأُذُنَانِ غَيْرُ السَّمْعِ فَإِذَا قُطِعَتَا فَفِيهِمَا الْقَوَدُ وَفِي السَّمْعِ إذَا ذَهَبَ الدِّيَةُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا غَيْرُ صَاحِبِهِ.
الرَّجُلُ يَعْمِدُ الرَّجُلَيْنِ بِالضَّرْبَةِ أَوْ الرَّمْيَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا عَمَدَ الرَّجُلُ الرَّجُلَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ مُصْطَفَّيْنِ قَائِمَيْنِ أَوْ قَاعِدَيْنِ أَوْ مُضْطَجِعَيْنِ بِضَرْبَةٍ تَعَمَّدَهُمَا بِهَا بِسَيْفٍ أَوْ بِمَا يَعْمَلُ بِهِ عَمَلَهُ فَقَتَلَهُمَا فَعَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَوَدُ، وَلَوْ قَالَ: لَمْ أَعْمِدْ إلَّا أَحَدَهُمَا فَسَبَقَ السَّيْفُ إلَى الْآخَرِ لَمْ يُصَدَّقْ؛ لِأَنَّ السَّيْفَ إنَّمَا يَقَعُ بِهِمَا وُقُوعًا وَاحِدًا، وَلَوْ عَمَدَ أَنْ يَطْعَنَهُمَا بِرُمْحٍ وَالرُّمْحُ لَا يَصِلُ إلَى أَحَدِهِمَا إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ ضَرَبَهُمَا بِسَيْفٍ، وَأَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ فَقَالَ عَمَدْتهمَا مَعًا وَقَتَلْتُهُمَا مَعًا كَانَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقَوَدُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَالَ حِينَ رَمَى أَوْ طَعَنَ أَوْ ضَرَبَ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يَصِلُ مَا صَنَعَ بِأَحَدِهِمَا إلَى الَّذِي مَعَهُ إلَّا بَعْدَ وُصُولِهِ إلَى الْأَوَّلِ عَمَدْت الْأَوَّلَ الَّذِي طَعَنْته أَوْ رَمَيْته أَوْ ضَرَبَتْهُ وَلَمْ أَعْمِدْ الْآخَرَ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الْأَوَّلِ وَكَانَتْ عَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ فِي الْآخَرِ؛ لِأَنَّ صِدْقَهُ بِمَا ادَّعَى يُمْكِنُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ عَمَدْت الَّذِي نَفَذَتْ إلَيْهِ الرَّمْيَةُ أَوْ الطَّعْنَةُ آخِرًا وَلَمْ أَعْمَدْ الْأَوَّلَ وَهُوَ يَشْهَدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَمَاهُ أَوْ طَعَنَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَهُوَ يَرَاهُ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ فِيهِمَا فِي الْأَوَّلِ بِالْعَمْدِ وَأَنَّهُ ادَّعَى مَا لَا يَصَدَّقُ بِمِثْلِهِ وَعَلَيْهِ الْقَوَدُ فِي الْآخَرِ بِقَوْلِهِ عَمَدْته (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَلَيْهِ الْبَيْضَةُ وَالدِّرْعُ فَقَتَلَهُ بَعْدَ قَطْعِ جُنَّتِهِ أُقِيدَ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ إلَّا الْبَيْضَةَ وَالدِّرْعَ لَمْ يَصْدُقْ إذَا كَانَ عَلَيْهِ سِلَاحٌ فَهُوَ كَبَدَنِهِ. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute