حَالِهَا الْأَوَّلِ وَالسَّبِيَّةُ تَكُونُ حُرَّةَ الْأَصْلِ فَإِذَا سُبِيَتْ سَقَطَتْ الْحُرِّيَّةُ وَاسْتُوْهِبَتْ فَوُطِئَتْ بِالْمِلْكِ فَلَيْسَ انْتِقَالُهَا مِنْ الْحُرِّيَّةِ بِسَبَائِهَا بِأَوْلَى مِنْ فَسْخِ نِكَاحِ زَوْجِهَا عَنْهَا وَمَا صَارَتْ بِهِ فِي الرِّقِّ بُعْدٌ أَكْثَرُ مِنْ فُرْقَةِ زَوْجِهَا.
الْخِلَافُ فِي السَّبَايَا
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): ذَكَرْت لِبَعْضِ النَّاسِ مَا ذَهَبْت إلَيْهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فَقَالَ هَذَا كَمَا قُلْت وَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ بِهِ وَلَا يُفَسِّرُهُ هَذَا التَّفْسِيرَ الْوَاضِحَ غَيْرَ أَنَّا نُخَالِفُك مِنْهُ فِي شَيْءٍ قُلْت وَمَا هُوَ؟ قَالَ: نَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ يَسْبِيهَا الْمُسْلِمُونَ قَبْلَ زَوْجِهَا تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ، وَتُصَابُ ذَاتُ زَوْجٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ قَالَ: وَلَكِنْ إنْ سُبِيَتْ وَزَوْجُهَا مَعَهَا، فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ «سَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نِسَاءَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَنِسَاءَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ، وَأَوْطَاسَ»، وَغَيْرِهِ فَكَانَتْ سُنَّتُهُ فِيهِمْ، أَنْ لَا تُوطَأَ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا حَائِلٌ حَتَّى تَحِيضَ، وَأَمَرَ أَنْ يَسْتَبْرِئَانِ بِحَيْضَةٍ حَيْضَةٍ، وَقَدْ أَسَرَ رِجَالًا مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهَوَازِنَ فَمَا عَلِمْنَاهُ سَأَلَ عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهَا، فَاسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ السَّبَاءَ قَطْعٌ لِلْعِصْمَةِ، وَالْمَسْبِيَّةُ إنْ لَمْ يَكُنْ السِّبَاءُ يَقْطَعُ عِصْمَتَهَا مِنْ زَوْجِهَا إذَا سُبِيَ مَعَهَا لَمْ يَقْطَعْ عِصْمَتَهَا لَوْ لَمْ يُسْبَ مَعَهَا وَلَا يَجُوزُ لِعَالِمٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْكُلَ عَلَيْهِ بِدَلَالَةِ السُّنَّةِ إذْ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِنَّ ذَوَاتَ أَزْوَاجٍ بِالْحَمْلِ وَأَذِنَ بِوَطْئِهِنَّ بَعْدَ وَضْعِ الْحَمْلِ وَقَدْ أَسَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِنَّ مَعَهُنَّ أَنَّ السِّبَاءَ قَطْعٌ لِلْعِصْمَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَقَالَ إنِّي لَمْ أَقُلْ هَذَا بِخَبَرٍ وَلَكِنِّي قُلْته قِيَاسًا فَقُلْت فَعَلَى مَاذَا قِسْته؟ قَالَ قِسْته عَلَى الْمَرْأَةِ تَأْتِي مُسْلِمَةً مَعَ زَوْجِهَا فَيَكُونَانِ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ وَخَرَجَتْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ فَقُلْت لَهُ وَاَلَّذِي قِسْت عَلَيْهِ أَيْضًا خِلَافُ السُّنَّةِ فَتُخْطِئُ خِلَافَهَا وَتُخْطِئُ الْقِيَاسَ قَالَ وَأَيْنَ أَخْطَأْت الْقِيَاسَ؟ قُلْت أَجَعَلْت إسْلَامَ الْمَرْأَةِ مِثْلَ سَبْيِهَا؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَجِدُهَا إذَا أَسْلَمَتْ ثَبَتَتْ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَازْدَادَتْ خَيْرًا بِالْإِسْلَامِ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَجِدُهَا إذَا سُبِيَتْ رَقَّتْ وَقَدْ كَانَتْ حُرَّةً؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَجِدُ حَالَهَا وَاحِدَةً؟ قَالَ أَمَّا فِي الرِّقِّ فَلَا وَلَكِنْ فِي الْفَرْجِ فَقُلْت لَا فَلَا يَسْتَوِيَانِ فِي قَوْلِك فِي الْفَرْجِ قَالَ وَأَيْنَ يَخْتَلِفَانِ؟ قُلْت أَرَأَيْت إذَا سُبِيَتْ الْحُرَّةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَاسْتُؤْمِنَتْ وَهَرَبَ زَوْجُهَا وَحَاضَتْ حَيْضَةً وَاحِدَةً أَتُوطَأُ؟ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا بَأْسَ قُلْت وَهِيَ لَا تُوطَأُ إلَّا وَالْعِصْمَةُ مُنْقَطِعَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا؟ قَالَ نَعَمْ، قُلْت وَحَيْضَةُ اسْتِبْرَاءٍ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ قَالَ وَتُرِيدُ مَاذَا؟ قُلْت أُرِيدُ إنْ قُلْت تَعْتَدُّ مِنْ زَوْجٍ اعْتَدَّتْ عِنْدَك حَيْضَتَيْنِ إنْ أَلْزَمْتهَا الْعِدَّةَ بِأَنَّهَا أَمَةٌ وَإِنْ أَلْزَمْتهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَحَيْضٌ قَالَ لَيْسَتْ بِعِدَّةٍ، قُلْت أَفَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ حَالَهَا فِي النِّسَاءِ إذَا صَارَتْ سَبْيًا بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ فِيمَا يَحِلُّ بِهِ مِنْ فَرْجِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ غَيْرَ ذَاتِ زَوْجٍ؟ قَالَ إنَّهَا الْآنَ تُشْبِهُ مَا قُلْت، قُلْت لَهُ فَالْحُرَّةُ تُسْلِمُ قَبْلَ زَوْجِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ؟ قَالَ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ثَلَاثَ حِيَضٍ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ، قُلْت فَلِمَ خَالَفْت بَيْنَهُمَا فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ؟ قَالَ: مَا وَجَدْت مِنْ ذَلِكَ بُدًّا.
قُلْت لَهُ: فَلِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ فِي الْحَرَائِرِ يُسْلِمْنَ وَأُخْرَى فِي الْحَرَائِرِ يُسْبَيْنَ فَيَسْتَرْقِين وَالْأُخْرَى فِي الْإِمَاءِ لَا يَسْبِينِ فَكَيْفَ جَازَ أَنْ تَصْرِفَ سُنَّةً إلَى سُنَّةٍ وَهُمَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ سُنَّتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ بِاخْتِلَافِ حَالَاتِ النِّسَاءِ فِيهِمَا؟ وَقُلْت لَهُ فَالْحُرَّةُ تُسْلِمُ قَبْلَ زَوْجِهَا أَوْ زَوْجُهَا قَبْلَهَا أَيُّهُمَا أَسْلَمَ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute