كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِهِ وَهُوَ يَرَاهُ لِغَيْرِهِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْوَصِيَّةَ جَائِزَةٌ فِي الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُكَاتَبٍ، وَلَا خَارِجًا مِنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ (قَالَ الرَّبِيعُ) الْقَوْلُ الثَّانِي عِنْدِي هُوَ الَّذِي يَقُولُ بِهِ
الْوَصِيَّةُ لِلْمُكَاتَبِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَوْصَى سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ بِعِتْقِهِ عَتَقَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ كَأَنَّ قِيمَتَهُ كَانَتْ أَلْفًا وَاَلَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ خَمْسُمِائَةٍ فَأُعْتِقَ بِخَمْسِمِائَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ فَقَدْ وَضَعَ كِتَابَتَهُ وَإِذَا أَوْصَى فَوَضَعَ كِتَابَتَهُ فَقَدْ عَتَقَ كَأَنَّهُ كَانَ قِيمَتُهُ أَلْفًا وَبَقِيَ مِنْ كِتَابَتِهِ أَلْفَانِ فَيَعْتِقُ بِالْأَلْفِ وَإِذَا عَتَقَ سَقَطَتْ كِتَابَتُهُ، فَإِنْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ كِتَابَتَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِكِتَابَتِهِ فَهِيَ كَوَصِيَّتِهِ بِعِتْقِهِ لِأَنَّ كِتَابَتَهُ إذَا وُضِعَتْ عَنْهُ فَيَعْتِقُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ الْكِتَابَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْكِتَابَةُ دَيْنًا أَوْ حَالَّةً تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ حَالَّةً.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ مِنْ كِتَابَتِهِ كَانَ ذَلِكَ لِلْوَرَثَةِ يُعْطُونَهُ أَيَّ نَجْمٍ شَاءُوا مُتَأَخِّرًا أَوْ مُتَقَدِّمًا وَإِنْ كَانَتْ نُجُومُهُ مُخْتَلِفَةً فَأَقَلُّهَا إنْ شَاءُوا، فَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَيَّ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ شِئْتُمْ فَهَكَذَا وَإِنْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ أَيَّ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ شَاءَ هُوَ فَذَلِكَ إلَى الْمُكَاتَبِ فَأَيُّ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ شَاءَ وُضِعَ عَنْهُ مِنْ الثُّلُثِ مُتَقَدِّمًا كَانَ أَوْ مُتَأَخِّرًا وَإِنْ كَانَتْ لَهُ نُجُومٌ مُخْتَلِفَةٌ فَقَالَ ضَعُوا عَنْهُ أَوْسَطَ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ فَأَوْسَطُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ يَحْتَمِلُ أَوْسَطَهَا فِي الْعَدَدِ وَأَوْسَطَهَا فِي الْأَجَلِ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِظَاهِرِهَا مِنْ الْآخَرِ فَيُقَالُ لِلْوَرَثَةِ ضَعُوا أَوْسَطَ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِهِ إنْ شِئْتُمْ فَأَوْسَطَهَا فِي الْعَدَدِ وَإِنْ شِئْتُمْ فَأَوْسَطَهَا فِي الْأَجَلِ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ أَنَّ الَّذِي أَوْصَى لَهُ بِهِ غَيْرُ الَّذِي وَضَعَ عَنْهُ أُحْلِفَ الْوَرَثَةُ مَا يَعْلَمُونَ مَا قَالَ وَوَضَعُوا عَنْهُ الْأَوْسَطَ مِنْ أَيُّهَا شَاءُوا وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، وَكَانَتْ بَقِيَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ نُجُومٍ أَوَّلُهَا وَآخِرُهَا أَقَلُّ قِيلَ لَكُمْ أَنْ تَضَعُوا الْأَوْسَطَ مِنْ الْعَدَدِ أَوْ الْمَالِ، فَإِنْ أَرَدْتُمْ وَضْعَ الْأَوْسَطِ مِنْ الْآجَالِ فَضَعُوهُ وَهُوَ الثَّانِي الَّذِي قَبْلَهُ وَاحِدٌ وَبَعْدَهُ وَاحِدٌ، وَلَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَنْجُمٍ فَأَرَادُوا وَضْعَ الْأَوْسَطِ مِنْ النُّجُومِ الْمُؤَجَّلَةِ وَضَعُوا عَنْهُ أَيَّ النَّجْمَيْنِ شَاءُوا الثَّانِيَ أَوْ الثَّالِثَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ أَوْلَى بِاسْمِ الْأَوْسَطِ مِنْ الْآخَرِ، وَلَوْ كَانَتْ خَمْسَةً كَانَ لَهَا أَوْسَطُ وَهُوَ الثَّالِثُ؛ لِأَنَّ قَبْلَهُ نَجْمَيْنِ وَبَعْدَهُ نَجْمَيْنِ إذَا كَانَتْ نُجُومُهُ وِتْرًا فَلَهَا أَوْسَطُ نَجْمٍ وَاحِدٌ وَإِذَا كَانَتْ شَفْعًا فَلَهَا أَوْسَطَانِ، فَإِنْ كَانَتْ نُجُومُهُ مُخْتَلِفَةً عَدَدَ الْمَالِ فَكَانَ مِنْهَا عَشْرَةٌ وَمِنْهَا مِائَةٌ وَمِنْهَا ثَلَاثَةٌ فَقَالَ ضَعُوا عَنْهُ نَجْمًا مِنْ نُجُومِهِ وَضَعُوا عَنْهُ أَيَّهَا شَاءُوا، فَإِنْ قَالَ ضَعُوا عَنْهُ أَكْثَرَ نُجُومِهِ أَوْ أَقَلَّ نُجُومِهِ وَضَعُوا عَنْهُ مَا أَوْصَى بِهِ وَلَا يَحْتَمِلُ هَذَا إلَّا الْعَدَدَ فَيُوضَعُ عَنْهُ - إذَا قَالَ: أَكْثَرَ - أَكْثَرُهَا عَدَدًا، - وَإِذَا قَالَ أَقَلَّ - أَقَلُّهَا عَدَدًا.
وَإِذَا قَالَ أَوْسَطَ احْتَمَلَ مَوْضِعَ الْمَالِ وَمَوْضِعَ الْوَسَطِ وَإِنْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَوْسَطَ نُجُومِهِ مِنْ عَدَدِ الْمَالِ وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَنْجُمٍ وُضِعَ عَنْهُ الْأَوْسَطُ الَّذِي لَا أَقَلُّهَا وَلَا أَكْثَرُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةً وَاحِدٌ عَشْرٌ وَوَاحِدٌ عِشْرُونَ وَوَاحِدٌ ثَلَاثُونَ وَوَاحِدٌ أَرْبَعُونَ فَقَالَ: ضَعُوا عَنْهُ أَوْسَطَ نُجُومِهِ عَدَدًا وَضَعُوا عَنْهُ إنْ شَاءُوا الْعِشْرِينَ وَإِنْ شَاءُوا الثَّلَاثِينَ لِأَنَّهُ لَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْلَى بِاسْمِ الْأَوْسَطِ مِنْ الْآخَرِ فَعَلَى هَذَا هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ.
وَلَوْ قَالَ: ضَعُوا عَنْهُ ثُلُثَ كِتَابَتِهِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَضَعُوا عَنْهُ ثُلُثَ كِتَابَتِهِ فِي الْعَدَدِ إنْ شَاءُوا الْمُؤَخَّرَ مِنْهَا وَإِنْ شَاءُوا مَا قَبْلَهُ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ نِصْفَهَا أَوْ رُبْعَهَا أَوْ عَشَرَةً مِنْهَا.
وَلَوْ أَوْصَى لِمُكَاتَبِهِ بِمَا وَصَفْت مِنْ نَجْمٍ أَوْ ثُلُثٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمُكَاتَبُ الْوَصِيَّةَ كَانَ ذَلِكَ لِلْمُكَاتَبِ.
وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ يُوضَعُ عَنْهُ فَعَجَزَ فَقَدْ صَارَ رَقِيقًا.
وَلَوْ أَوْصَى لِمُكَاتَبٍ بِمَالٍ بِعَيْنِهِ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute