اللَّهُ عَمَّا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ قُلْت وَقَوْلُهُ {وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} قَالَ وَمَنْ عَادَ فِي الْإِسْلَامِ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَعَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْكَفَّارَةُ زِيَادَةً قَالَ وَإِنْ عَمَدَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ؟ قُلْت لَهُ: هَلْ فِي الْعَوْدِ مِنْ حَدٍّ يُعْلَمُ؟ قَالَ لَا. قُلْت: أَفَتَرَى حَقًّا عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُعَاقِبَهُ فِيهِ: قَالَ: لَا، ذَنْبٌ أَذْنَبَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَيَفْتَدِي
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُعَاقِبُهُ الْإِمَامُ فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا ذَنْبٌ جُعِلَتْ عُقُوبَتُهُ فَدِيَتَهُ إلَّا أَنْ يَزْعُمَ أَنَّهُ يَأْتِي ذَلِكَ عَامِدًا مُسْتَخِفًّا
بَابُ أَيْنَ مَحَلُّ هَدْيِ الصَّيْدِ؟
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمَّا كَانَ كُلُّ مَا أُرِيدَ بِهِ هَدْيٌ مِنْ مِلْكِ ابْنِ آدَمَ هَدْيًا كَانَتْ الْأَنْعَامُ كُلُّهَا وَكُلُّ مَا أَهْدَى فَهُوَ بِمَكَّةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ خَفِيَ عَنْ أَحَدٍ أَنَّ هَذَا هَكَذَا مَا انْبَغَى - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ الصَّيْدُ إذَا جَزَى بِشَيْءٍ مِنْ النَّعَمِ لَا يُجْزِئُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُجْزِئَ بِمَكَّةَ فَعُلِمَ أَنَّ مَكَّةَ أَعْظَمُ أَرْضِ اللَّهِ - تَعَالَى - حُرْمَةً وَأَوْلَاهُ أَنْ تُنَزَّهَ عَنْ الدِّمَاءِ لَوْلَا مَا عَقَلْنَا مِنْ حُكْمِ اللَّهِ فِي أَنَّهُ لِلْمَسَاكِينِ الْحَاضِرِينَ بِمَكَّةَ، فَإِذَا عَقَلْنَا هَذَا عَنْ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَكَانَ جَزَاءُ الصَّيْدِ بِطَعَامٍ لَمْ يَجُزْ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - إلَّا بِمَكَّةَ وَكَمَا عَقَلْنَا عَنْ اللَّهِ ذِكْرَ الشَّهَادَةِ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ بِالْعَدْلِ وَفِي مَوَاضِعَ فَلَمْ يَذْكُرْ الْعَدْلَ وَكَانَتْ الشَّهَادَاتُ وَإِنْ افْتَرَقَتْ تَجْتَمِعُ فِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِهَا اكْتَفَيْنَا أَنَّهَا كُلَّهَا بِالْعَدْلِ، وَلَمْ نَزْعُمْ أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي لَمْ يَذْكُرْ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِيهِ الْعَدْلَ مَعْفُوٌّ عَنْ الْعَدْلِ فِيهِ، فَلَوْ أَطْعَمَ فِي كَفَّارَةِ صَيْدٍ بِغَيْرِ مَكَّةَ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ وَأَعَادَ الْإِطْعَامَ بِمَكَّةَ أَوْ بِ مِنًى فَهُوَ مِنْ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُ لِحَاضِرِ الْحَرَمِ وَمِثْلُ هَذَا كُلُّ مَا وَجَبَ عَلَى مُحْرِمٍ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مِنْ فِدْيَةِ أَذًى أَوْ طِيبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُخَالِفُهُ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ كُلَّهُ مِنْ جِهَةِ النُّسُكِ وَالنُّسُكُ إلَى الْحَرَمِ، وَمَنَافِعُهُ لِلْمَسَاكِينِ الْحَاضِرِينَ الْحَرَمَ (قَالَ): وَمَنْ حَضَرَ الْكَعْبَةَ حِينَ يَبْلُغُهَا الْهَدْيُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ الطَّعَامِ مِنْ مِسْكِينٍ كَانَ لَهُ أَهْلٌ بِهَا أَوْ غَرِيبٌ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَعْطَوْا بِحَضْرَتِهَا، وَإِنْ قَلَّ فَكَانَ يُعْطِي بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ أَجْزَأَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَسَاكِينَ الْغُرَبَاءِ دُونَ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَسَاكِينَ أَهْلَ مَكَّةَ دُونَ مَسَاكِينَ الْغُرَبَاءِ وَأَنْ يَخْلِطَ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ آثَرَ بِهِ أَهْلَ مَكَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ الْحُضُورَ وَالْمَقَامَ لَكَانَ كَأَنَّهُ أَسْرَى إلَى الْقَلْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ قَالَ هَذَا أَحَدٌ يُذْكَرُ قَوْلُهُ؟ قِيلَ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْت لِعَطَاءٍ {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ} قَالَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَصَابَهُ فِي حَرَمٍ يُرِيدُ الْبَيْتَ كَفَّارَةُ ذَلِكَ عِنْدَ الْبَيْتِ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ عَطَاءً قَالَ لَهُ مَرَّةً أُخْرَى يَتَصَدَّقُ الَّذِي يُصِيبُ الصَّيْدَ بِمَكَّةَ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} قَالَ فَيَتَصَدَّقُ بِمَكَّةَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): يُرِيدُ عَطَاءً: مَا وَصَفْت مِنْ الطَّعَامِ، وَالنَّعَمُ كُلُّهُ هَدْيٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَابٌ كَيْفَ يَعْدِلُ الصِّيَامَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا} الْآيَةَ، أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute