للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ لِعَطَاءٍ مَا قَوْلُهُ {أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا}؟ قَالَ إنْ أَصَابَ مَا عَدْلُهُ شَاةٌ فَصَاعِدًا أُقِيمَتْ الشَّاةُ طَعَامًا ثُمَّ جَعَلَ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا يَصُومُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَ عَطَاءٌ وَبِهِ أَقُولُ وَهَكَذَا بَدَنَةٌ إنْ وَجَبَتْ وَهَكَذَا مُدٌّ إنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي قِيمَةِ شَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ صَامَ مَكَانَهُ يَوْمًا وَإِنْ أَصَابَ مِنْ الصَّيْدِ مَا قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ مُدٍّ وَأَقَلُّ مِنْ مُدَّيْنِ صَامَ يَوْمَيْنِ وَهَكَذَا كُلُّ مَا لَمْ يَبْلُغْ مُدًّا صَامَ مَكَانَهُ يَوْمًا أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ هَذَا الْمَعْنَى.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَمِنْ أَيْنَ قُلْت مَكَانَ الْمُدِّ صِيَامُ يَوْمٍ وَمَا زَادَ عَلَى مُدٍّ مِمَّا لَا يَبْلُغُ مُدًّا آخَرَ صَوْمُ يَوْمٍ؟ قُلْت قُلْته مَعْقُولًا وَقِيَاسًا، فَإِنْ قَالَ: فَأَيْنَ الْقِيَاسُ بِهِ وَالْمَعْقُولُ فِيهِ؟ قُلْت أَرَأَيْت إذَا لَمْ يَكُنْ لِمَنْ قَتَلَ جَرَادَةً أَنْ يَدَعَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقِيمَتِهَا ثَمَرَةً أَوْ لُقْمَةً؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ مُجْزِيَةٌ لَا تُعَطَّلُ بِقِلَّةِ قِيمَتِهَا ثُمَّ جَعَلَ فِيهَا قِيمَتَهَا فَإِذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَصُومَ هَلْ يَجِدُ مِنْ الصَّوْمِ شَيْئًا يَجْزِيهِ أَبَدًا أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ؟ فَإِنْ قَالَ: لَا، قُلْت فَبِذَلِكَ عَقَلْنَا أَنَّ أَقَلَّ مَا يَجِبُ مِنْ الصَّوْمِ يَوْمٌ وَعَقَلْنَا وَقِسْنَا أَنَّ الطَّلَاقَ إذَا كَانَ لَا يَتَبَعَّضُ فَأَوْقَعَ إنْسَانٌ بَعْضَ تَطْلِيقَةٍ لَزِمَتْهُ تَطْلِيقَةٌ، وَعَقَلْنَا أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فَلَمْ تَتَبَعَّضْ الْحَيْضَةُ نِصْفَيْنِ فَجَعَلْنَا عِدَّتَهَا حَيْضَتَيْنِ.

بَابُ الْخِلَافِ فِي عَدْلِ الصِّيَامِ وَالطَّعَامِ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ: إذَا صَامَ عَنْ جَزَاءِ الصَّيْدِ صَامَ عَنْ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا، وَإِذَا أَطْعَمَ مِنْهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَطْعَمَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّيْنِ وَقَالَ هَلْ رَوَيْت فِي هَذَا عَنْ أَصْحَابِك شَيْئًا يُوَافِقُ قَوْلَنَا وَيُخَالِفُ قَوْلَك؟ قُلْت نَعَمْ أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ مُجَاهِدًا كَانَ يَقُولُ مَكَانَ كُلِّ مُدَّيْنِ يَوْمًا فَقَالَ: وَكَيْفَ لَمْ تَأْخُذْ بِقَوْلِ مُجَاهِدٍ وَأَخَذْتَ بِقَوْلِ عَطَاءٍ يُطْعِمُ الْمِسْكِينَ حَيْثُ وَجَبَ إطْعَامُهُ مُدًّا إلَّا فِي فِدْيَةِ الْأَذَى فَإِنَّك قُلْت يُطْعِمُهُ مُدَّيْنِ وَلِمَ لَمْ تَقُلْ إذْ قُلْت فِي فِدْيَةِ الْأَذَى يُطْعِمُهُ مُدَّيْنِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ؟.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ يَجْمَعُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْك جَوَابٌ وَاحِدٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَاذْكُرْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَصْلُ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ نَحْنُ وَأَنْتَ وَمَنْ نَسَبْنَاهُ مَعَنَا إلَى الْفِقْهِ فَالْفَرْضُ عَلَيْهِ فِي تَأْدِيَةِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ لَا يَقُولَ إلَّا مِنْ حَيْثُ يَعْلَمُ وَيُعْلَمُ أَنَّ أَحْكَامَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ثُمَّ أَحْكَامَ رَسُولِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ يَجْمَعُهُمَا مَعًا أَنَّهُمَا تَعَبُّدٌ ثُمَّ فِي التَّعَبُّدِ وَجْهَانِ فَمِنْهُ تَعَبُّدٌ لِأَمْرٍ أَبَانَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - أَوْ رَسُولُهُ سَبَبَهُ فِيهِ أَوْ فِي غَيْرِهِ مِنْ كِتَابِهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ فَذَلِكَ الَّذِي قُلْنَا بِهِ وَبِالْقِيَاسِ فِيمَا هُوَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُ وَمِنْهُ مَا هُوَ تَعَبُّدٌ لِمَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ شَأْنُهُ مِمَّا عَلَّمَهُ وَعَلَّمْنَا حُكْمَهُ وَلَمْ نَعْرِفْ فِيهِ مَا عَرَفْنَا مِمَّا أَبَانَ لَنَا فِي كِتَابِهِ أَوْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدَّيْنَا الْفَرْضَ فِي الْقَوْلِ بِهِ وَالِانْتِهَاءِ إلَيْهِ، وَلَمْ نَعْرِفْ فِي شَيْءٍ لَهُ مَعْنًى فَنَقِيسُ عَلَيْهِ

وَإِنَّمَا قِسْنَا عَلَى مَا عَرَفْنَا وَلَمْ يَكُنْ لَنَا عِلْمٌ إلَّا مَا عَلَّمَنَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فَقَالَ:

هَذَا كُلُّهُ كَمَا وَصَفْت لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ التَّكْشِيفِ قَالَ بِغَيْرِهِ فَقِفْنِي مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ أَعْرِفُهُ فَإِنَّ أَصْحَابَنَا يُعْطُونَ هَذِهِ الْجُمْلَةَ كَمَا وَصَفْت لَا يُغَادِرُونَ مِنْهَا حَرْفًا وَتَخْتَلِفُ أَقَاوِيلُهُمْ إذَا فَرَّعُوا عَلَيْهَا فَقُلْت فَأَقْبَلُ مِنْهُمْ الصَّوَابَ وَأَرُدُّ عَلَيْهِمْ الْغَفْلَةَ قَالَ: إنَّ ذَلِكَ لَلَازِمٌ لِي وَمَا يَبْرَأُ آدَمِيٌّ رَأَيْته مِنْ غَفْلَةٍ طَوِيلَةٍ وَلَكِنْ أَنْصِبُ لِمَا قُلْت مِثَالًا فَقُلْت: أَرَأَيْت إذْ حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ قُلْنَا وَقُلْت قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا وَهُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَتْ فِيهِ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ مَيِّتًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا فَكَانَ مُغَيَّبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>