للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْنَى يَحْتَمِلُ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ إذَا جَنَى عَلَيْهِ فَهَلْ قِسْنَا عَلَيْهِ مُلَفَّفًا أَوْ رَجُلًا فِي بَيْتٍ يُمْكِنُ فِيهِمَا الْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ وَهُمَا مُغَيَّبَا الْمَعْنَى؟

قَالَ: لَا، قُلْت وَلَا قِسْنَا عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ الدِّمَاءِ؟ قَالَ: لَا قُلْت وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّا تَعَبَّدْنَا بِطَاعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ وَلَمْ نَعْرِفْ سَبَبَ مَا حَكَمَ لَهُ بِهِ قُلْت فَهَكَذَا قُلْنَا فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِمَا عِمَامَةٌ وَلَا بُرْقُعٌ وَلَا قُفَّازَانِ قَالَ وَهَكَذَا قُلْنَا فِيهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَرْضَ وُضُوءٍ وَخُصَّ مِنْهُ الْخُفَّانِ خَاصَّةً فَهُوَ تَعَبُّدٌ لَا قِيَاسَ عَلَيْهِ قُلْت وَقِسْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ إذْ قَضَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ أَنَّ الْخِدْمَةَ كَالْخَرَاجِ قَالَ: نَعَمْ قُلْت: لِأَنَّا عَرَفْنَا أَنَّ الْخَرَاجَ حَادِثٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَمِنَهُ مِنْهُ وَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ قَالَ: نَعَمْ، وَفِي هَذَا كِفَايَةٌ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَرَدْت وَدَلَالَةٌ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ سُنَّةً مَقِيسٌ عَلَيْهَا وَأُخْرَى غَيْرُ مَقِيسٍ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الْقَسَامَةُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي بِالْأَمْرِ الَّذِي لَهُ اخْتَرْت أَنَّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا إلَّا فِي فِدْيَةِ الْأَذَى إذَا تَرَكَ الصَّوْمَ فَإِمَّا أَنْ يَصُومَ مَكَانَ كُلِّ مُدٍّ يَوْمًا فَيَكُونُ صَوْمُ يَوْمٍ مَكَانَ مُدٍّ فَإِنْ ثَبَتَ لَك الْمُدُّ صَحِيحٌ لَا أَسْأَلُك عَنْهُ إلَّا فِيمَا قُلْت إنَّ صَوْمَ الْيَوْمِ يَقُومُ مَقَامَ إطْعَامِ مِسْكِينٍ فَقُلْت لَهُ حَكَمَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى الْمُظَاهِرِ إذَا عَادَ لِمَا قَالَ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ - فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا} فَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ إمْسَاكَ الْمُظَاهِرِ عَنْ أَنْ يَأْكُلَ سِتِّينَ يَوْمًا كَإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَبِهَذَا الْمَعْنَى صِرْت إلَى أَنَّ إطْعَامَ مِسْكِينٍ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ قَالَ فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ مَعَ هَذَا؟ قُلْت نَعَمْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُصِيبَ لِأَهْلِهِ نَهَارًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ هَلْ تَجِدُ مَا تُعْتِقُ؟ قَالَ: لَا، فَسَأَلَهُ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ فَقَالَ لَا. فَسَأَلَهُ هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تُطْعِمَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ فَقَالَ: لَا، فَأَعْطَاهُ عَرَقَ تَمْرٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَلَى سِتِّينَ مِسْكِينًا فَأَدَّى الْمُؤَدِّي» لِلْحَدِيثِ أَنَّ فِي الْعَرَقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا قَالَ أَوْ عِشْرِينَ، وَمَعْرُوفٌ أَنَّ الْعَرَقَ يُعْمَلُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا لِيَكُونَ الْوَسْقُ بِهِ أَرْبَعَةً فَذَهَبْنَا إلَى أَنَّ إطْعَامَ الْمِسْكِينِ مُدُّ طَعَامٍ وَمَكَانَ إطْعَامِ الْمِسْكِينِ صَوْمُ يَوْمٍ، قَالَ: أَمَّا صَوْمُ يَوْمٍ مَكَانَ كُلِّ مِسْكِينٍ فَكَمَا قُلْت، وَأَمَّا إطْعَامُ الْمِسْكِينِ مُدًّا فَإِذَا قَالَ أَوْ عِشْرِينَ صَاعًا قُلْت فَهَذَا مُدٌّ وَثُلُثٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ قَالَ: فَلِمَ لَا تَقُولُ بِهِ؟ قُلْت فَهَلْ عَلِمْت أَحَدًا قَطُّ قَالَ إلَّا مُدًّا أَوْ مُدَّيْنِ؟ قَالَ: لَا قُلْت فَلَوْ كَانَ كَمَا قُلْت أَنْتَ كُنْت أَنْتَ قَدْ خَالَفْته وَلَكِنَّهُ احْتِيَاطٌ مِنْ الْمُحْدَثِ، وَهَذَا كَمَا قُلْت فِي الْعَرَقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا

وَعَلَى ذَلِكَ كَانَتْ تُعْمَلُ فِيمَا أَخْبَرَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْيَمَنِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَجْعَلُونَهَا مَعَايِيرَ كَالْمَكَايِيلِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا بِالتَّمْرِ، قَالَ: فَقَدْ زَعَمْت أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الطَّعَامِ وَإِصَابَةِ الْمَرْأَةِ تَعَبُّدٌ لِأَمْرٍ قَدْ عَرَفْته وَعَرَفْنَاهُ مَعَك فَأَبِنْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَغَيْرِهَا تَعَبُّدٌ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ

قُلْت: أَلَيْسَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِكَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ فِي الطَّعَامِ فَرَقًا بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ» فَكَانَ ذَلِكَ مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ؟ قَالَ: بَلَى قُلْت وَأَمَرَهُ فَقَالَ: أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟ قَالَ: بَلَى

قُلْت: وَقَالَ: " أَوْ اُنْسُكْ شَاةً " قَالَ: بَلَى قُلْت: فَلَوْ قِسْنَا الطَّعَامَ عَلَى الصَّوْمِ أَمَا نَقُولُ صَوْمُ يَوْمٍ مَكَانَ إطْعَامِ مِسْكِينَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى، قُلْت: وَلَوْ قِسْنَا الشَّاةَ بِالصَّوْمِ كَانَتْ شَاةٌ عَدْلَ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؟ قَالَ: بَلَى قُلْت: وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - فِي الْمُتَمَتِّعِ {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ} فَجَعَلَ الْبَدَلَ مِنْ شَاةٍ صَوْمَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ قَالَ: نَعَمْ وَقُلْت: قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} الْآيَةَ فَجَعَلَ الرَّقَبَةَ مَكَانَ إطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ قَالَ: نَعَمْ

قُلْت: وَالرَّقَبَةُ فِي الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ مَكَانَ سِتِّينَ يَوْمًا، قَالَ: نَعَمْ وَقَدْ بَانَ أَنَّ صَوْمَ سِتِّينَ يَوْمًا أَوْلَى بِالْقُرْبِ مِنْ الرَّقَبَةِ مِنْ صَوْمِ عَشَرَةٍ وَبَانَ لِي أَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ أَوْلَى بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ مِنْهُ بِإِطْعَامِ مِسْكِينَيْنِ؛ لِأَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ جُوعُ يَوْمٍ، وَإِطْعَامَ مِسْكِينٍ إطْعَامُ يَوْمٍ، فَيَوْمٌ بِيَوْمٍ أَوْلَى أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ مِنْ يَوْمَيْنِ بِيَوْمٍ وَأَوْضَحُ مِنْ أَنَّهَا أَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>