عَادَتْ إلَى الدِّينِ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ مِنْ الْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ حَلَّتْ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَعُدْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهُمَا فَأَمَّا مَنْ دَانَ دِينَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ غَيْرَ بَنِي إسْرَائِيلَ فِي فَسْخِ النِّكَاحِ وَمَا يَحْرُمُ مِنْهُ وَيَحِلُّ فَكَأَهْلِ الْأَوْثَانِ وَعِدَّةُ الْحُرَّةِ سَوَاءٌ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً تَحْتَ وَثَنِيٍّ أَسْلَمَ وَلَمْ يُسْلِمْ إذَا حَكَمْنَا عَلَيْهِ وَعِدَّةُ كُلِّ أَمَةٍ سَوَاءٌ مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِمُسْلِمٍ أَوْ أَمَةٍ حَرْبِيَّةٍ لِحُرٍّ حَرْبِيٍّ كُلُّ مَنْ حَكَمْنَا عَلَيْهِ فَإِنَّمَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ حُكْمَ الْإِسْلَامِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجَانِ حَرْبِيَّيْنِ كِتَابِيَّيْنِ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ كَانَا عَلَى النِّكَاحِ وَأَكْرَهُ نِكَاحَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَوْ نَكَحَ وَهُوَ مُسْلِمٌ حَرْبِيَّةً كِتَابِيَّةً لَمْ أَفْسَخْهُ وَإِنَّمَا كَرِهْته لِأَنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يَفْتِنَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى دِينِهِ أَوْ يَظْلِمُوهُ وَأَخَافُ عَلَى وَلَدِهِ أَنْ يُسْتَرَقَّ أَوْ يُفْتَنَ عَنْ دِينِهِ فَأَمَّا أَنْ تَكُونَ الدَّارُ تُحَرِّمُ شَيْئًا أَوْ تُحِلُّهُ فَلَا وَلَوْ حُرِّمَ عَلَيْهِ وَحَلَّ بِالدَّارِ لَزِمَهُ أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ مُسْلِمَةٍ مُقِيمَةٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهَذَا لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الدَّارُ لَا تُحِلُّ شَيْئًا مِنْ النِّكَاحِ وَلَا تُحَرِّمُهُ إنَّمَا يُحِلُّهُ وَيُحَرِّمُهُ الدِّينُ لَا الدَّارُ.
الرَّجُلُ يُسْلِمُ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ ابْنُ عُلَيَّةَ أَوْ غَيْرُهُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ غَيْلَانَ بْنَ سَلَمَةَ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ أَوْ دَعْ سَائِرَهُنَّ» أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُخْبِرُ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ نَوْفَلِ بْنِ مُعَاوِيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ انْتِهَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْعَدَدِ بِالنِّكَاحِ إلَى أَرْبَعٍ تَحْرِيمُ أَنْ يَجْمَعَ رَجُلٌ بِنِكَاحٍ بَيْنَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعٍ إلَى الزَّوْجِ فَيَخْتَارُ إنْ شَاءَ الْأَقْدَمَ نِكَاحًا أَوْ الْأَحْدَثَ وَأَيَّ الْأُخْتَيْنِ شَاءَ كَانَ الْعَقْدُ وَاحِدًا أَوْ فِي عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ لِأَنَّهُ عَفَا لَهُمْ عَنْ سَالِفِ الْعَقْدِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْأَلْ غَيْلَانَ عَنْ أَيِّهِنَّ نَكَحَ أَوَّلًا ثُمَّ جَعَلَ لَهُ حِينَ أَسْلَمَ وَأَسْلَمْنَ أَنْ يُمْسِكَ أَرْبَعًا وَلَمْ يَقُلْ الْأَوَائِلَ أَوْ لَا تَرَى أَنَّ نَوْفَلَ بْنَ مُعَاوِيَةَ يُخْبِرُ أَنَّهُ طَلَّقَ أَقْدَمَهُنَّ صُحْبَةً وَيُرْوَى «عَنْ الدَّيْلَمِيِّ أَوْ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أُخْتَانِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُمْسِكَ أَيَّتَهُمَا شَاءَ وَيُطَلِّقَ الْأُخْرَى» فَدَلَّ مَا وَصَفْت عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ كُلُّ عَقْدِ نِكَاحٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ عِنْدَهُمْ نِكَاحًا إذَا كَانَ يَجُوزُ مُبْتَدَؤُهُ فِي الْإِسْلَامِ بِحَالٍ وَأَنَّ فِي الْعَقْدِ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَقْدُ الْفَائِتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْآخَرُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَبْقَى بِالْعَقْدِ فَالْفَائِتُ لَا يُرَدُّ إذَا كَانَ الْبَاقِي بِالْفَائِتِ يَصْلُحُ بِحَالٍ وَكَانَ ذَلِكَ كَحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الرِّبَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ إذَا أَسْلَمَ وَعِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَمْسَكَ الْأَوَائِلَ لِأَنَّ عَقْدَهُنَّ صَحِيحٌ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَقْدِ الْجَاهِلِيَّةِ صَحِيحٌ لِمُسْلِمٍ لِأَنَّهُ بِشَهَادَةِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَلَكِنَّهُ كَمَا وَصَفْت مَعْفُوٌّ لَهُمْ عَنْهُ كَمَا عُفِيَ عَمَّا مَضَى مِنْ الرِّبَا فَسَوَاءٌ مَا كَانَ عِنْدَهُمْ لَا يَخْتَلِفُ فَكَانَ فِي أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِرَدِّ مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَا قُبِضَ مِنْهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُرَدُّ لِأَنَّهُ تَمَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَنَّ مَا عُقِدَ وَلَمْ يَتِمَّ بِالْقَبْضِ حَتَّى جَاءَ الْإِسْلَامُ يُرَدُّ فَكَذَلِكَ حُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَمَامِ الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ وَإِنْ كَانَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يُعْقَدَ مِثْلُهُ فِي الْإِسْلَامِ بِحَالٍ فَإِذَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute