حَمَالَةُ الْعَبِيدِ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: كَتَبْتُ عَلَى رَجُلَيْنِ فِي بَيْعِ إنَّ حَيَّكُمَا مِنْ مَيِّتِكُمَا وَمَلِيَّكُمَا عَنْ مُعْدِمِكُمَا قَالَ: يَجُوزُ، وَقَالَهَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى وَقَالَ زَعَامَةٌ: يَعْنِي حَمَالَةً، (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ): قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: فَقُلْت لِعَطَاءٍ: كَاتَبْت عَبْدَيْنِ لِي وَكَتَبْت ذَلِكَ عَلَيْهِمَا قَالَ: لَا يَجُوزُ فِي عَبِيدك وَقَالَهَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ فَقُلْت لِعَطَاءٍ لِمَ لَا يَجُوزُ؟ قَالَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أَفْلَسَ رَجَعَ عَبْدًا لَمْ يَمْلِكْ مِنْك شَيْئًا فَهُوَ مَغْرَمٌ لَكَ، هَذَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ سِلْعَةً يَخْرُجُ مِنْكَ فِيهَا مَالٌ قَالَ: قُلْت لَهُ: فَقَالَ لِي رَجُلٌ: كَاتِبْ غُلَامَك هَذَا وَعَلَيَّ كِتَابَتُهُ فَفَعَلَتْ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ عَجَزَ قَالَ: لَا يَغْرَمُ لَك عَنْهُ. وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْعَبْدَيْنِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا قَالَ عَطَاءٌ فِي كُلِّ مَا قَالَ مِنْ هَذَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبِيدَهُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُكَاتِبِ أَنْ يُثْبِتَ عَلَى نَفْسِهِ دَيْنًا عَلَى غَيْرِهِ لِسَيِّدِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ فِي الْحَمَالَةِ شَيْءٌ يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ، وَلَا شَيْءَ يَخْرُجُ مِنْ أَيْدِيهمَا بِإِذْنِهِمَا وَيَقْبِضُ، فَإِنْ كَاتَبُوا عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ فَأَدُّوا عَتَقُوا بِكِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ وَرَجَعَ السَّيِّدُ بِفَضْلٍ إنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِمْ، فَأَيُّهُمْ أَدَّى مُتَطَوِّعًا عَنْ أَصْحَابِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِمْ، وَأَيُّهُمْ أَدَّى بِإِذْنِهِمْ رَجَعَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ رَجُلٌ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ حُرًّا كَانَ الرَّجُلُ، أَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ، أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ بِالْكِتَابَةِ دَيْنٌ يَثْبُتُ كَثُبُوتِ دُيُونِ النَّاسِ، وَإِنَّ الْكِتَابَةَ شَيْءٌ إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَائِهِ بَطَلَ عَنْهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذِمَّةٌ يَرْتَجِعُ بِهَا الْحَمِيلِ عَلَيْهِ.
(قَالَ): وَإِنْ عَقَدَ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ كِتَابَةً عَلَى أَنَّ فُلَانًا حَمِيلٌ بِهَا وَفُلَانٌ حَاضِرٌ رَاضٍ، أَوْ غَائِبٌ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِهِ حَمِيلًا يَرْضَاهُ فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْكِتَابَةَ فَالْمُكَاتَبُ حُرٌّ، كَمَا يَعْتِقُ بِالْحِنْثِ وَالْيَمِينِ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَدَاءَهَا فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ قَبُولِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا فَاسِدَةٌ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَادَ الْحَمِيلُ أَدَاءَهَا فَلِلسَّيِّدِ الِامْتِنَاعُ مِنْ قَبُولِهَا، فَإِذَا قَبِلَهَا فَالْعَبْدُ حُرٌّ وَإِذَا أَدَّاهَا الْحَمِيلُ عَنْ الْحَمَّالَةِ لَهُ إلَى السَّيِّدِ فَأَرَادَ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَى السَّيِّدِ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهَا وَإِذَا رَجَعَ بِهَا، أَوْ لَمْ يَرْجِعْ فَعَلَى الْمُكَاتَبِ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ بِكِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ وَيَجْعَلُ مَا أَخَذَ مِنْهُ قِصَاصًا مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَهَكَذَا كُلَّمَا أَعْتَقْت الْعَبْدَ بِكِتَابَةٍ فَاسِدَةٍ جَعَلْت عَلَى الْعَبْدِ قِيمَتَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَحَسَبْتَ لِلْعَبْدِ مِنْ يَوْمِ كَاتَبَ الْكِتَابَةَ الْفَاسِدَةَ مَا أَخَذَ مِنْهُ سَيِّدُهُ وَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ عَبْدٌ لَهُ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ لَهُ عَبْدُهُ عَنْ عَبْدٍ لَهُ وَلَا عَنْ عَبْدِهِ لِغَيْرِهِ وَلَا عَنْ عَبْدٍ أَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ ثَابِتٌ بِكِتَابَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (قَالَ): وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُكَاتِبَ الْعَبِيدُ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ وَلَا أَنْ يُكَاتِبَ ثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حَتَّى يُؤَدُّوا الْمِائَةَ كُلَّهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ كَالْحَمَالَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، فَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَيْهِ، أَوْ عَبِيدَهُ عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ حُمَلَاءُ عَنْ بَعْضٍ، أَوْ كَاتَبَ اثْنَيْنِ عَلَى مِائَةٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ السَّيِّدُ الْمِائَةَ كُلَّهَا فَالْكِتَابَةُ فَاسِدَةٌ، فَإِنْ تَرَافَعَاهَا نُقِضَتْ وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعَاهَا فَهِيَ مُنْتَقَضَةٌ، وَإِنْ جَاءَ الْعَبْدَانِ بِالْمَالِ فَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ إلَيْهِمَا وَالْإِشْهَادُ عَلَى نَقْضِ الْكِتَابَةِ وَتَرْكِ الرِّضَا بِهَا، فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ فَلَهُ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ عَلَى غَيْرِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ مَالُ عَبْدِهِ، أَوْ عَبْدَيْهِ وَأَصَحُّ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute