للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَدِّ قَالَ أَبُو يُوسُفَ حَدَّثَنِي مُحَدِّثٌ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: لَهَا مَهْرٌ وَنِصْفُ مَهْرٍ مِثْلُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَدَخَلَتْ الدَّارَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى قَالَا: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَقُلْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَقَالَ: هَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ وَبِهِ يَأْخُذُ أَبُو حَنِيفَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ فِي ذَلِكَ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَا الْعَتَاقُ وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا طَلَاقَ وَلَا عَتَاقَ.

وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: هِيَ عَلَى الطَّلَاقِ كُلِّهِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: هِيَ عَلَى مَا بَقِيَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ ثُمَّ أَصَابَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَنَكَحَتْ الزَّوْجَ الْأَوَّلَ فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ الطَّلَاقِ يَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي الثَّلَاثَ وَلَا يَهْدِمُ الْوَاحِدَةَ وَلَا الثِّنْتَيْنِ وَقَوْلُنَا هَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَعَدَدٍ مِنْ كِبَارِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ خَالَفَنَا فِي بَعْضِ هَذَا بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ: إذَا هَدَمَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا هَدَمَ وَاحِدَةً وَاثْنَتَيْنِ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَسَأَلَنَا فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الزَّوْجَ يَهْدِمُ الثَّلَاثَ وَلَا يَهْدِمُ مَا هُوَ أَقَلَّ مِنْهَا؟ قُلْنَا: زَعَمْنَاهُ بِالْأَمْرِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَهُ قَالَ وَمَا هُوَ؟ قُلْنَا: حَرَّمَهَا اللَّهُ بَعْدَ الثَّلَاثِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ النِّكَاحَ الَّذِي أَحَلَّهَا اللَّهُ بِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ إصَابَةُ الزَّوْجِ وَكَانَتْ مُحَرَّمَةً قَبْلَ الزَّوْجِ لَا تَحِلُّ بِحَالٍ إلَّا بِالزَّوْجِ فَكَانَ لِلزَّوْجِ حُكْمُ هَدْمِ الثَّلَاثِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَكَانَتْ فِي الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ حَلَالًا فَلَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجِ هَا هُنَا حُكْمٌ فَزَعَمْنَا أَنَّهُ يَهْدِمُ حَيْثُ كَانَتْ لَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِهِ وَكَانَ حُكْمُهُ قَائِمًا وَلَا يَهْدِمُ حَيْثُ لَا حُكْمَ لَهُ وَحَيْثُ كَانَتْ حَلَالًا بِغَيْرِهِ وَكَانَ أَصْلُ الْمَعْقُولِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَحِلُّ لَهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ شَيْءٌ فَلَمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ أَحْلَلْنَا لَهُ حَيْثُ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ نَقِيسَ عَلَيْهِ مَا خَالَفَهُ لَوْ كَانَ الْأَصْلُ لِلْمَعْقُولِ فِيهِ وَقَدْ رَجَعَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بَعْدَمَا كَانَ يَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ الْحُدُودِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَى الْبِكْرِ وَجُلِدَ مِائَةَ جَلْدَةٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَا أَنْفِيهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ بَلَغْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ كَفَى بِالنَّفْيِ فِتْنَةً وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: يُنْفَى سَنَةً إلَى بَلَدٍ غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي فَجَرَ بِهِ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُنْفَى الزَّانِيَانِ الْبِكْرَانِ مِنْ مَوْضِعِهِمَا الَّذِي زَنَيَا بِهِ إلَى بَلَدٍ غَيْرِهِ بَعْدَ ضَرْبِ مِائَةٍ وَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الزَّانِيَ وَنَفَى أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَقَدْ خَالَفَ هَذَا بَعْضُ النَّاسِ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ بِحُجَجِهِ.

وَإِذَا زَنَى الْمُشْرِكَانِ وَهُمَا ثَيِّبَانِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: لَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرَّجْمُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: عَلَيْهِمَا الرَّجْمُ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ «رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ رَجَمَ يَهُودِيًّا وَيَهُودِيَّةً» وَبِهِ يَأْخُذُ

أَبُو يُوسُفَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا تُقَامُ

<<  <  ج: ص:  >  >>