بَائِنَةً فَأَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي عِدَّتِهَا خَامِسَةً فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَا أُجِيزُ ذَلِكَ وَأَكْرَهُهُ لَهُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: هُوَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ بِخُلْعٍ أَوْ فَسْخِ نِكَاحٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ أَرْبَعًا وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَ لَهُ إنْ كَانَ لَا يَجِدُ طُولًا لِحُرَّةٍ وَخَافَ الْعَنَتَ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَنْكِحَ أَمَةً مُسْلِمَةً لِأَنَّ الْمُفَارِقَةَ الَّتِي لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ.
وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةً ثَلَاثًا وَهُوَ مَرِيضٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: إنْ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهَا الْمِيرَاثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا أَوْ تَطْلِيقَةً لَمْ يَكُنْ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَإِنَّ عَامَّةَ أَصْحَابِنَا يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ لَهَا مِنْهُ الْمِيرَاثَ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ وَقَدْ خَالَفَنَا فِي هَذَا بَعْضُ النَّاسِ بِأَقَاوِيلَ فَقَالَ أَحَدُهُمْ: لَا يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ فِي عِدَّةٍ وَلَا فِي غَيْرِ عِدَّةٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ تَرِثُهُ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَرَوَاهُ عَنْ عُمَرَ بِإِسْنَادٍ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَقَالَ غَيْرُهُ: تَرِثُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا تَرِثُ مَبْتُوتَةٌ فِي عِدَّةٍ كَانَتْ أَوْ غَيْرِ عِدَّةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَرِثُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ آلَى مِنْهَا لَمْ يَكُنْ مُوَلِّيًا وَإِنْ تَظَاهَرَ لَمْ يَكُنْ مُتَظَاهِرًا وَإِذَا قَذَفَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَهَا وَيَبْرَأَ مِنْ الْحَدِّ وَإِنْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا فَلَمَّا أَجْمَعُوا جَمِيعًا أَنَّهَا خَارِجَةٌ مِنْ مَعَانِي الْأَزْوَاجِ لَمْ تَرِثْهُ.
وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فِي صِحَّتِهِ ثَلَاثًا فَجَحَدَ ذَلِكَ الزَّوْجُ وَادَّعَتْهُ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ بَعْدَ أَنْ اسْتَحْلَفَهُ الْقَاضِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: لَا مِيرَاثَ لَهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهَا الْمِيرَاثُ إلَّا أَنْ تُقِرَّ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَلْبَتَّةَ فَأَحْلَفَهُ الْقَاضِي بَعْدَ إنْكَارِهِ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَحِلَّ لَهَا أَنْ تَرِثَ مِنْهُ شَيْئًا إنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهَا صَادِقَةٌ وَلَا فِي الْحُكْمِ بِحَالٍ لِأَنَّهَا تُقِرُّ أَنَّهَا غَيْرُ زَوْجَةٍ فَإِنْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ حَلَّ لَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ تَرِثَهُ.
وَإِذَا خَلَا الرَّجُلُ بِامْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ وَهِيَ مَرِيضَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا.
فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَبِهِ يَأْخُذُ: وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهَا الْمَهْرُ كَامِلًا.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ ضَمَمْت إلَيْك امْرَأَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَطَلَّقَهَا فَبَانَتْ مِنْهُ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى ثُمَّ تَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: لَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَمْ يَضُمَّهَا إلَيْهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ ضَمَمْت إلَيْك امْرَأَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ نَكَحَ غَيْرَهَا ثُمَّ نَكَحَهَا بَعْدُ نِكَاحًا جَدِيدًا فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهَا وَهُوَ لَمْ يَضُمَّ إلَيْهَا امْرَأَةً إنَّمَا ضَمَّهَا هِيَ إلَى امْرَأَةٍ.
وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ: إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى وَدَخَلَ بِهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: هِيَ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةً وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا مَهْرٌ وَنِصْفٌ، نِصْفٌ مِنْ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ وَمَهْرٌ بِالدُّخُولِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهَا نِصْفُ مَهْرٍ بِالطَّلَاقِ وَلَيْسَ لَهَا بِالدُّخُولِ شَيْءٌ وَمِنْ حُجَّتِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَدِمَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَدَخَلَ بِامْرَأَتِهِ ثُمَّ أَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ فَأَمَرَهُ أَنْ يَخْطُبَهَا فَخَطَبَهَا وَأَصْدَقَهَا صَدَاقًا مُسْتَقْبَلًا وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ جَعَلَ فِي ذَلِكَ الْوَطْءِ صَدَاقًا وَمِنْ حُجَّةِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَدْ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْجِمَاعِ فَوَجَبَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَجَامَعَهَا بِشُبْهَةٍ فَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَلَوْ لَمْ أَجْعَلْ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ جِمَاعٍ يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ فَفِيهِ صَدَاقٌ لَا بُدَّ مِنْ الصَّدَاقِ إذَا دَرَأْت الْحَدَّ وَجَبَ الصَّدَاقُ وَإِذَا لَمْ أَجْعَلْ الصَّدَاقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute