للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ حِينَ سَقَطَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلُودُ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ فَيُنْتَسَبَ إلَى وَاحِدٍ فَمِيرَاثُهُ مَوْقُوفٌ حَتَّى يَصْطَلِحَا فِيهِ وَإِنْ مَاتَا أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَ أَنْ يَنْتَسِبَ الْمَوْلُودُ إلَى أَحَدِهِمَا وُقِفَ لَهُ مِنْ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثُ ابْنٍ تَامٍّ وَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا أَخَذَ الْمِيرَاثَ وَرُدَّ مَا وُقِفَ مِنْ مِيرَاثِ الْآخَرِ عَلَى وَرَثَتِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ وَلَوْ تَرَكَ ثَلَثَمِائَةِ دِينَارٍ فَقَسَمَهَا ابْنَانِ لَهُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسِينَ وَمِائَةً ثُمَّ يُقِرُّ أَحَدُهُمَا بِرَجُلٍ فَيَقُولُ هَذَا أَخِي وَيُنْكِرُهُ الْآخَرُ فَاَلَّذِي أَحْفَظُ مِنْ قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ نَسَبَهُ لَا يَلْحَقُ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمَالِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا وَذَلِكَ أَنَّ الْأَخَ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بِدَيْنٍ وَلَا وَصِيَّةٍ إنَّمَا زَعَمَ أَنَّ لَهُ حَقَّ مِيرَاثٍ وَإِذَا كَانَ لَهُ حَقٌّ بِأَنْ يَكُونَ وَارِثًا وَرِثَ كَمَا يَرِثُ وَعَقَلَ فِي الْجِنَايَةِ فَلَمَّا كَانَ هَذَا لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ مِيرَاثٌ إلَّا بِأَنْ يَثْبُتَ لَهُ نَسَبٌ وَهَذَا أَصَحُّ مَا فِيهِ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ " قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّبِيعُ " لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَأْخُذُ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْئًا لِأَنَّ الْمَالَ فَرْعُ النَّسَبِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَهُوَ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ لِلْأَصْلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَيَأْخُذُ خَمْسِينَ دِينَارًا مِنْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ وَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ أَقَرَّ بِنَسَبِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ إلَّا مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَأَسْقَطَا إقْرَارَهُ عَلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيُقَاسِمُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ مَا فِي يَدَيْهِ نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَإِيَّاهُ فِي مَالِ أَبِيهِ سَوَاءٌ وَهَذَا أَبْعَدُ عِنْدَنَا مِنْ الصَّوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَكُلُّهَا إذَا سَمِعَهَا السَّامِعُ رَأَى لَهُ مَذْهَبًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يُقْسَمُ صِنْفٌ مِنْ الْمَالِ مَعَ غَيْرِهِ - لَا يُقْسَمُ عِنَبٌ مَعَ خَلِّهِ وَلَا أَصْلٌ مَعَ أَصْلِ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ يَحْيَا بِغَيْرِ مَا يَحْيَا بِهِ غَيْرُهُ لَمْ يُقْسَمْ مَعَهُ لِأَنَّهَا مُخْتَلِفَةُ الْأَثْمَانِ مُتَبَايِنَةٌ فَلَا يُقْسَمُ نَضْحٌ مَضْمُومًا إلَى عَثْرِي وَلَا عَثْرِي مَضْمُومًا إلَى بَعْلٍ وَلَا بَعْلٌ مَضْمُومًا إلَى نَخْلٍ يُشْرَبُ بِنَهْرٍ مَأْمُونِ الِانْقِطَاعِ لِأَنَّ أَثْمَانَهَا مُتَبَايِنَةٌ. وَالْبَعْلُ الَّذِي أُصُولُهُ قَدْ بَلَغَتْ الْمَاءَ. فَاسْتَغْنَى عَنْ أَنْ يُسْقَى وَالنَّضْحُ مَا يُسْقَى بِالْبِئْرِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا تُضَعَّفُ الْغَرَامَةُ عَلَى أَحَدٍ فِي شَيْءٍ إنَّمَا الْعُقُوبَةُ فِي الْأَبْدَانِ لَا فِي الْأَمْوَالِ وَإِنَّمَا تَرَكْنَا تَضْعِيفَ الْغَرَامَةِ مِنْ قِبَلِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى فِيمَا أَفْسَدَتْ نَاقَةُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ حِفْظَهَا بِالنَّهَارِ. وَمَا أَفْسَدَتْ الْمَوَاشِي بِاللَّيْلِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى أَهْلِهَا» فَإِنَّمَا يَضْمَنُونَهُ بِقِيمَةٍ لَا بِقِيمَتَيْنِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ».

أَدَبُ الْقَاضِي وَمَا يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ قَالَ أُحِبُّ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ بَارِزٍ لِلنَّاسِ لَا يَكُونُ دُونَهُ حِجَابٌ وَأَنْ يَكُونَ مُتَوَسِّطًا لِلْمِصْرِ وَأَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ لِكَثْرَةِ مَنْ يَغْشَاهُ لِغَيْرِ مَا بُنِيَتْ لَهُ الْمَسَاجِدُ وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي أَوْفَقِ الْأَمَاكِنِ بِهِ وَأَحْرَاهَا أَنْ لَا يُسْرِعَ مَلَالَتُهُ فِيهِ.

(قَالَ): وَإِذَا كَرِهْت لَهُ أَنْ يَقْضِيَ فِي الْمَسْجِدِ فَلَأَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ يُعَزِّرَ أَكْرَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانُ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَقْضِي الْقَاضِي أَوْ لَا يُحَاكِمُ الْحَاكِمُ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يَقْضِيَ الرَّجُلُ وَهُوَ غَضْبَانُ وَكَانَ مَعْقُولًا فِي الْغَضَبِ تَغَيُّرُ الْعَقْلِ وَالْفَهْمِ فَأَيُّ حَالٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>