للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ، أَوْ خَرِسَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ فُلَانًا شَاءَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنْ حَلَفَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا، وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ لَمْ يَحْنَثْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ، وَإِنْ مَاتَ فُلَانٌ، أَوْ خَرِسَ أَوْ غَابَ عَنَّا مَعْنَى فُلَانٍ حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ يَمِينِهِ حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِنْثِ مَشِيئَةُ فُلَانٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا، وَكَذَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ فُلَانٌ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ، وَإِنْ غَابَ عَنَّا مَعْنَى فُلَانٍ فَلَمْ نَعْرِفْ شَاءَ، أَوْ لَمْ يَشَأْ لَمْ يَفْعَلْ فَإِنْ فَعَلَهُ لَمْ أُحْنِثْهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ شَاءَ.

لَغْوُ الْيَمِينِ

قِيلَ لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّا نَقُولُ إنَّ الْيَمِينَ الَّتِي لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَإِنْ حَنِثَ فِيهَا صَاحِبُهَا إنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ إلَّا أَنَّ لَهَا وَجْهَيْنِ وَجْهٌ يُعْذَرُ فِيهِ صَاحِبُهُ وَيُرْجَى لَهُ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ فِيهَا إثْمٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ فِيهَا عَلَى إثْمٍ وَلَا كَذِبٍ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ عَلَى الْأَمْرِ لَقَدْ كَانَ وَلَمْ يَكُنْ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ جُهْدَهُ وَمَبْلَغَ عِلْمِهِ فَذَلِكَ اللَّغْوُ الَّذِي وَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ الْمُؤْنَةَ عَنْ الْعِبَادِ وَقَالَ {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ}، وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّهُ إنْ حَلَفَ عَامِدًا لِلْكَذِبِ اسْتِخْفَافًا بِالْيَمِينِ بِاَللَّهِ كَاذِبًا فَهَذَا الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ كَفَّارَةٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْرِضُ مِنْ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ كَفَّارَةٌ وَإِنَّهُ لَيُقَالُ لَهُ تَقَرَّبْ إلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْت مِنْ خَيْرٍ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ ذَهَبْت أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ إلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ فِي ثَبِيرَ فَسَأَلْنَاهَا عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} قَالَتْ هُوَ: لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَغْوُ الْيَمِينِ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَوْلُ الرَّجُلِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَلَى اللَّجَاجِ، وَالْغَضَبِ، وَالْعَجَلَةِ لَا يَعْقِدُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَعَقْدُ الْيَمِينِ أَنْ يُثْبِتَهَا عَلَى الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ الشَّيْءَ فَيَفْعَلَهُ، أَوْ لَيَفْعَلَنَّهُ فَلَا يَفْعَلْهُ، أَوْ لَقَدْ كَانَ وَمَا كَانَ فَهَذَا آثِمٌ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِمَا وَصَفْت مِنْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ جَعَلَ الْكَفَّارَاتِ فِي عَمْدِ الْمَأْثَمِ فَقَالَ تَعَالَى {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} وَقَالَ {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} إِلَى {بَالِغَ الْكَعْبَةِ} وَمِثْلُ قَوْلِهِ فِي الظِّهَارِ {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}، ثُمَّ أَمَرَ فِيهِ بِالْكَفَّارَةِ وَمِثْلُ مَا وَصَفْت مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ».

الْكَفَّارَةُ قَبْلَ الْحِنْثِ وَبَعْدَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَأَرَادَ أَنْ يَحْنَثَ، فَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى يَحْنَثَ وَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ بِإِطْعَامٍ رَجَوْت أَنْ يَجْزِيَ عَنْهُ وَإِنْ كَفَّرَ بِصَوْمٍ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّا نَزْعُمُ أَنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَقًّا عَلَى الْعِبَادِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَالْحَقُّ الَّذِي فِي أَمْوَالِهِمْ إذَا قَدَّمُوهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>