أَكَذَبَتْ نَفْسَهَا فَرَجَعَتْهُ عَلَيْهَا ثَابِتَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ إنْ ارْتَجَعَهَا فَقَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَأُحْلِفَتْ فَنَكَلَتْ فَحَلَفَ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ وَلَوْ أَقَرَّتْ أَنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا كَانَتْ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ جَحَدَتْهُ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ.
عِدَّةُ الَّتِي يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ وَاَلَّتِي لَمْ تَحِضْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): سَمِعْت مَنْ أَرْضَى مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: إنَّ أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ الْعِدَدِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فَلَمْ يَعْلَمُوا مَا عِدَّةُ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا أَقْرَاءَ لَهَا وَهِيَ الَّتِي لَا تَحِيضُ وَلَا الْحَامِلُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرَهُ {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} فَجَعَلَ عِدَّةَ الْمُؤَيَّسَةِ وَاَلَّتِي لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَقَوْلُهُ {إِنِ ارْتَبْتُمْ} فَلَمْ تَدْرُوا مَا تَعْتَدُّ غَيْرُ ذَاتِ الْأَقْرَاءِ.
وَقَالَ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَالَ وَهَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ يُشْبِهُ مَا قَالُوا
وَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُطَلِّقَ الَّتِي لَا تَحِيضُ لِلسُّنَّةِ فَطَلَّقَهَا أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ لَيْسَ فِي وَجْهِ طَلَاقِهَا سُنَّةٌ إنَّمَا السُّنَّةُ فِي الَّتِي تَحِيضُ وَكَذَلِكَ لَيْسَ فِي وَقْتِ طَلَاقِ الْحَامِلِ سُنَّةٌ وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ كَمَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ فَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ آخِرِهِ اعْتَدَّتْ شَهْرَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ وَإِنْ كَانَ الْهِلَالَانِ مَعًا تِسْعًا وَعِشْرِينَ وَشَهْرًا ثَلَاثِينَ لَيْلَةً فِي أَيِّ الشَّهْرِ طَلَّقَهَا وَذَلِكَ أَنَّا نَجْعَلُ عِدَّتَهَا مِنْ سَاعَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْهِلَالِ بِيَوْمٍ عَدَدْنَا لَهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ فَإِذَا أَهَلَّ الْهِلَالُ عَدَدْنَا لَهَا هِلَالَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ ثُمَّ عَدَدْنَا لَهَا تِسْعًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً حَتَّى تُكْمِلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَيْلَةً بِالْيَوْمِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ الْهِلَالَيْنِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْهِلَالِ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَعَشْرٍ أَكْمَلْنَا ثَلَاثِينَ بَعْدَ هِلَالَيْنِ وَحَلَّتْ وَأَيُّ سَاعَةٍ طَلَّقَهَا مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِأَنْ تَأْتِيَ عَلَيْهَا تِلْكَ السَّاعَةُ مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي يُكْمِلُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ بِذَلِكَ الْيَوْمِ فَتَكُونُ قَدْ أَكْمَلَتْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا عَدَدًا وَشَهْرَيْنِ بِالْأَهِلَّةِ وَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ فِي الطَّلَاقِ الَّذِي لَيْسَ بِبَائِنٍ حَتَّى تَمْضِيَ جَمِيعُ عِدَّتِهَا.
وَلَوْ طَلَّقَهَا وَلَمْ تَحِضْ فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ حَتَّى أَكْمَلَتْهَا ثُمَّ حَاضَتْ مَكَانَهَا كَانَتْ عِدَّتُهَا قَدْ انْقَضَتْ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ إكْمَالِهَا طُرْفَةُ عَيْنٍ فَأَكْثَرُ خَرَجَتْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ لِأَنَّهَا لَمْ تُكْمِلْ مَا عَلَيْهَا مِنْ الْعِدَّةِ بِالشُّهُورِ حَتَّى صَارَتْ مِمَّنْ لَهُ الْأَقْرَاءُ وَاسْتَقْبَلَتْ الْأَقْرَاءَ وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِهَا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إلَّا بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ الْمَرْأَةُ تَطْلُقُ وَلَمْ تَحِضْ فَتَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ فَتَحِيضُ بِعِدِّ مَا يَمْضِي شَهْرَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ (قَالَ): لِتَعْتَدَّ حِينَئِذٍ بِالْحَيْضِ وَلَا يُعْتَدُّ بِالشَّهْرِ الَّذِي قَدْ مَضَى (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ ارْتَفَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ بَعْدَ أَنْ حَاضَتْ كَانَتْ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا حَتَّى تَبْلُغَ أَنْ تُؤَيَّسَ مِنْ الْمَحِيضِ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَلَغَتْ السِّنَّ الَّتِي يُؤَيَّسُ مِثْلُهَا فِيهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَتَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ
(قَالَ): وَأَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت بِهِ مِنْ النِّسَاءِ حِضْنَ نِسَاءُ تِهَامَةَ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ، فَلَوْ رَأَتْ امْرَأَةٌ الْحَيْضَ قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ فَاسْتَقَامَ حَيْضُهَا اعْتَدَّتْ بِهِ وَأَكْمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي ثَلَاثِ حِيَضٍ فَإِنْ ارْتَفَعَ عَنْهَا الْحَيْضُ وَقَدْ رَأَتْهُ فِي هَذِهِ السِّنِينَ فَإِنْ رَأَتْهُ كَمَا تَرَى الْحَيْضَةَ وَدَمُ الْحَيْضَةِ بِلَا عِلَّةٍ إلَّا كَعِلَلِ الْحَيْضَةِ وَدَمِ الْحَيْضَةِ ثُمَّ ارْتَفَعَ لَمْ تَعْتَدَّ إلَّا بِالْحَيْضِ حَتَّى تُؤَيَّسَ مِنْ الْمَحِيضِ فَإِنْ رَأَتْ دَمًا يُشْبِهُ دَمَ الْحَيْضَةِ لِعِلَّةٍ فِي هَذِهِ السِّنِّ اكْتَفَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إذَا لَمْ يَتَتَابَعْ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السِّنِّ وَلَمْ تَعْرِفْ أَنَّهُ حَيْضٌ لَمْ يَكُنْ حَيْضًا إلَّا أَنْ تَرْتَابَ فَتَسْتَبْرِئَ نَفْسَهَا مِنْ الرِّيبَةِ، وَمَتَى رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ التِّسْعِ سِنِينَ فَهُوَ حَيْضٌ إلَّا أَنْ تَرَاهُ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَهَا فِي فَرْجِهَا مِنْ جُرْحٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute