أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَيُّمَا امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ بَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ حَلَّتْ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ عُمَرَ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَرْأَةِ قَدْ بَلَغَتْ السِّنَّ الَّتِي مَنْ بَلَغَهَا مِنْ نِسَائِهَا يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ فَلَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَلِكَ وَجْهُهُ عِنْدَنَا
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ طَلُقَتْ فَاعْتَدَّتْ بِالشُّهُورِ ثُمَّ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تُكْمِلَ بِالشُّهُورِ فَسَقَطَتْ عِدَّةُ الشُّهُورِ وَاسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ فَإِنْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَقَدْ قَضَتْ عِدَّتَهَا وَإِنْ لَمْ تَحُضْهَا حَتَّى مَرَّتْ عَلَيْهَا بَعْدَ الْحَيْضَةِ الْأُولَى تِسْعَةُ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ بِالشُّهُورِ، وَإِنْ جَاءَتْ عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَقَدْ أَكْمَلَتْ عِدَّتَهَا لِأَنَّهَا مِنْ اللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تُكْمِلَ الثَّلَاثَةَ الْأَشْهُرَ فَقَدْ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ فَتَسْتَقْبِلُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ فَقَدْ أَكْمَلَتْ وَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهَا اعْتَدَّتْ، فَإِذَا مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ ثُمَّ ثَلَاثَةٌ بَعْدَهَا حَلَّتْ، وَلَوْ حَاضَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَعْتَدَّ بَعْدُ بِالشُّهُورِ (قَالَ): وَاَلَّذِي يُرْوَى عَنْ عُمَرَ عِنْدِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَالَهُ فِي الْمَرْأَةِ قَدْ بَلَغَتْ السِّنَّ الَّتِي يُؤَيَّسُ مِثْلُهَا مِنْ الْمَحِيضِ فَأَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى مَعْنَاهُ فِي اللَّائِي لَمْ يُؤَيَّسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَلَا يَكُونَانِ مُخْتَلِفَيْنِ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا الْمُطَلَّقَاتِ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} الْآيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ بِالتَّنْزِيلِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُطَلَّقَةِ أَنْ تَكْتُمَ مَا فِي رَحِمِهَا مِنْ الْمَحِيضِ وَذَلِكَ أَنْ يَحْدُثَ لِلزَّوْجِ عِنْدَ خَوْفِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا رَأْيٌ فِي ارْتِجَاعِهَا أَوْ يَكُونَ طَلَاقُهُ إيَّاهَا أَدَبًا لَهَا لَا إرَادَةَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ فَلْتُعْلِمْهُ ذَلِكَ لِئَلَّا تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَلَا يَكُونُ لَهُ سَبِيلٌ إلَى رَجْعَتِهَا وَكَانَ ذَلِكَ يَحْتَمِلُ الْحَمْلَ مَعَ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْحَمْلَ مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَرْحَامِهِنَّ، وَإِذَا سَأَلَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ الْمُطَلَّقَةَ أَحَامِلٌ هِيَ أَوْ هَلْ حَاضَتْ؟ فَبَيِّنٌ عِنْدِي أَنْ لَا يَحِلَّ لَهَا أَنْ تَكْتُمَهُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا أَحَدًا رَأَتْ أَنَّهُ يُعْلِمُهُ إيَّاهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا وَلَا أَحَدٌ يُعْلِمُهُ إيَّاهُ فَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ أَخْبَرَتْهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهَا لِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ اسْمُ الْكِتْمَانِ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُخْبِرُ الزَّوْجَ لِمَا لَهُ فِي إخْبَارِهِ مِنْ رَجْعَةٍ أَوْ تَرْكٍ كَمَا يَقَعُ الْكِتْمَانُ عَلَى مَنْ كَتَمَ شَهَادَةً لِرَجُلٍ عِنْدَهُ، وَلَوْ كَتَمَتْهُ بَعْدَ الْمَسْأَلَةِ الْحَمْلَ وَالْأَقْرَاءَ حَتَّى خَلَتْ عِدَّتُهَا كَانَتْ عِنْدِي آثِمَةً بِالْكِتْمَانِ إذْ سُئِلَتْ وَكَتَمَتْ وَخِفْت عَلَيْهَا الْإِثْمَ إذَا كَتَمَتْهُ وَإِنْ لَمْ تُسْأَلْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إنَّمَا جَعَلَهَا لَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ مَا قَوْلُهُ {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} قَالَ الْوَلَدُ لَا تَكْتُمُهُ لِيَرْغَبَ فِيهَا وَمَا أَدْرِي لَعَلَّ الْحَيْضَةَ مَعَهُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءً أَيَحِقُّ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهُ بِحَمْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا يَسْأَلُهَا عَنْهُ لِيَرْغَبَ فِيهَا (قَالَ): تُظْهِرُهُ وَتُخْبِرُ بِهِ أَهْلَهَا فَسَوْفَ يَبْلُغُهُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّ مُجَاهِدًا قَالَ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} الْمَرْأَةُ الْمُطَلَّقَةُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَقُولَ أَنَا حُبْلَى وَلَيْسَتْ بِحُبْلَى وَلَا لَسْت بِحُبْلَى وَهِيَ حُبْلَى وَلَا أَنَا حَائِضٌ وَلَيْسَتْ بِحَائِضٍ وَلَا لَسْت بِحَائِضٍ وَهِيَ حَائِضٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَهَذَا - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ لَمَعَانٍ مِنْهَا أَنْ لَا يَحِلَّ الْكَذِبُ وَالْآخَرُ أَنْ لَا تَكْتُمَهُ الْحَبَلَ وَالْحَيْضَ لَعَلَّهُ يَرْغَبُ فَيُرَاجِعُ وَلَا تَدَّعِيهِمَا لَعَلَّهُ يُرَاجِعُ وَلَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ بِالرَّجْعَةِ لَوْلَا مَا ذَكَرَتْ مِنْ الْحَمْلِ وَالْحَيْضِ فَتَغُرُّهُ وَالْغُرُورُ لَا يَجُوزُ.
أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْت إنْ أَرْسَلَ إلَيْهَا فَأَرَادَ ارْتِجَاعَهَا فَقَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي وَهِيَ كَاذِبَةٌ فَلَمْ تَزَلْ تَقُولُهُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا؟ قَالَ: لَا وَقَدْ خَرَجَتْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): هَذَا كَمَا قَالَ عَطَاءٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهِيَ آثِمَةٌ إلَّا أَنْ يَرْتَجِعَهَا فَإِنْ ارْتَجَعَهَا وَقَدْ قَالَتْ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute