للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا بِكَمَالِ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ وَهَذَا يُشْبِهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ظَاهِرَ الْقُرْآنِ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ عَلَى الْحَيْضِ الْأَقْرَاءَ وَعَلَى الْمُؤَيَّسَاتِ وَغَيْرِ البوالغ الشُّهُورَ فَقَالَ {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} فَإِذَا كَانَتْ تَحِيضُ فَإِنَّهَا تَصْبِرُ إلَى الْإِيَاسِ مِنْ الْمَحِيضِ بِالسِّنِّ الَّتِي مَنْ بَلَغَتْهَا مِنْ نِسَائِهَا أَوْ أَكْثَرِهِنَّ لَمْ تَحِضْ فَيَنْقَطِعُ عَنْهَا الْحَيْضُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَقَدْ قِيلَ إنَّ مُدَّتَهَا أَكْثَرُ الْحَمْلِ وَهُوَ أَرْبَعُ سِنِينَ وَلَمْ تَحِضْ كَانَتْ مُؤَيَّسَةً مِنْ الْمَحِيضِ فَاعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَقِيلَ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ثُمَّ تَعْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ

(قَالَ): وَالْحَيْضُ يَتَبَاعَدُ فَعِدَّةُ الْمَرْأَةِ تَنْقَضِي بِأَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ إذَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَلَا تَنْقَضِي إلَّا بِثَلَاثِ سِنِينَ وَأَكْثَرَ إنْ كَانَ حَيْضُهَا يَتَبَاعَدُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَ فَيَعْتَدِدْنَ بِهِ وَإِنْ تَبَاعَدَ وَإِنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ الْحَمْلِ تُعْرَفُ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَكَمَ بِالْحَيْضِ فَلَا أُحِيلَهُ إلَى غَيْرِهِ.

فَلِهَذَا قُلْنَا عِدَّتُهَا الْحَيْضُ حَتَّى تُؤَيَّسَ مِنْ الْمَحِيضِ بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنْ تَصِيرَ إلَى السِّنِّ الَّتِي مَنْ بَلَغَهَا مِنْ أَكْثَرِ نِسَائِهَا لَمْ تَحِضْ.

وَقَدْ يُرْوَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِثْلُ هَذَا الْقَوْلِ.

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ جَدِّهِ هَاشِمِيَّةٌ وَأَنْصَارِيَّةٌ فَطَلَّقَ الْأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ فَمَرَّتْ بِهَا سَنَةٌ ثُمَّ هَلَكَ وَلَمْ تَحِضْ فَقَالَتْ أَنَا أَرِثُهُ لَمْ أَحِضْ فَاخْتَصَمُوا إلَى عُثْمَانَ فَقَضَى لِلْأَنْصَارِيَّةِ بِالْمِيرَاثِ فَلَامَتْ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ فَقَالَ هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّك هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا يَعْنِي عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -.

أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي بَكْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ حِبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَتَهُ فَمَكَثَتْ سَبْعَةَ عَشْرَ شَهْرًا لَا تَحِيضُ يَمْنَعُهَا الرَّضَاعُ أَنْ تَحِيضَ ثُمَّ مَرِضَ حِبَّانَ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا بِسَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ فَقُلْت لَهُ إنَّ امْرَأَتَك تُرِيدُ أَنْ تَرِثَ فَقَالَ لِأَهْلِهِ احْمِلُونِي إلَى عُثْمَانَ فَحَمَلُوهُ إلَيْهِ فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ امْرَأَتِهِ وَعِنْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ مَا تَرَيَانِ؟ فَقَالَا نَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ إنْ مَاتَ، يَرِثُهَا إنْ مَاتَتْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقَوَاعِدِ الَّتِي قَدْ يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْأَبْكَارِ اللَّاتِي لَمْ يَبْلُغْنَ الْمَحِيضَ. ثُمَّ هِيَ عَلَى عِدَّةِ حَيْضِهَا مَا كَانَ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ فَرَجَعَ حِبَّانُ إلَى أَهْلِهِ فَأَخَذَ ابْنَتَهُ فَلَمَّا فَقَدَتْ الرَّضَاعَ حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ حَاضَتْ حَيْضَةً أُخْرَى ثُمَّ تُوُفِّيَ حِبَّانُ مِنْ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّالِثَةَ فَاعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَوَرِثَتْهُ

أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي امْرَأَةِ حِبَّانَ مِثْلُ خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ.

أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ الْمَرْأَةُ تَطْلُقُ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنْ يَكُونَ الْمَحِيضُ قَدْ أَدْبَرَ عَنْهَا وَلَمْ يَبِنْ لَهُمْ ذَلِكَ كَيْفَ تَفْعَلُ؟ (قَالَ): كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إذَا يَئِسَتْ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ قُلْت مَا يَنْتَظِرُ بَيْنَ ذَلِكَ؟ قَالَ إذَا يَئِسَتْ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ: أَتَعْتَدُّ أَقْرَاءَهَا مَا كَانَتْ إنْ تَقَارَبَتْ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ الْمُثَنَّى عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ فِي امْرَأَةٍ طَلُقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا فَقَالَ أَمَّا أَبُو الشَّعْثَاءِ فَكَانَ يَقُولُ أَقْرَاؤُهَا حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ يَئِسَتْ مِنْ الْمَحِيضِ.

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ الْأَقْرَاءُ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ طَلُقَتْ فَارْتَفَعَ مَحِيضُهَا أَوْ حَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ لَمْ تَحِلَّ إلَّا بِحَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ وَإِنْ بَعُدَ ذَلِكَ، فَإِذَا بَلَغَتْ تِلْكَ السِّنَّ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ تَبْلُغُهَا.

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>