عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَخَذَهَا مِنْ الْبَرْبَرِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْأَلَ عُمَرُ عَنْ الْمَجُوسِ وَيَقُولَ مَا أَدْرِي كَيْفَ أَصْنَعُ بِهِمْ، وَهُوَ يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ تُؤْخَذَ الْجِزْيَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ لَا يَسْأَلُ عَمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ، وَلَكِنَّهُ سَأَلَ عَنْ الْمَجُوسِ إذْ لَمْ يَعْرِفْ مِنْ كِتَابِهِمْ مَا عَرَفَ مِنْ كِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حَتَّى أُخْبِرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَخْذِهِ الْجِزْيَةَ وَأَمْرِهِ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ فَيَتَّبِعُهُ، وَفِي كُلِّ مَا حَكَيْت مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسَعُهُ أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ.
تَفْرِيعُ مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَكُلُّ مَنْ دَانَ وَدَانَ آبَاؤُهُ، أَوْ دَانَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدِنْ آبَاؤُهُ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَيَّ كِتَابٍ كَانَ قَبْلَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ وَخَالَفَ دِينَ أَهْلِ الْأَوْثَانِ قَبْلَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ أَهْلِ الْأَوْثَانِ وَعَلَى الْإِمَامِ إذَا أَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ، وَهُوَ صَاغِرٌ أَنْ يَقْبَلَهَا مِنْهُ عَرَبِيًّا كَانَ أَوْ عَجَمِيًّا
وَكُلُّ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ، وَلَا يَدِينُ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ مِمَّنْ كَانَ عَرَبِيًّا، أَوْ عَجَمِيًّا، فَأَرَادَ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُ الْجِزْيَةُ وَيُقَرَّ عَلَى دِينِهِ، أَوْ يَحْدُثَ أَنْ يَدِينَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْجِزْيَةَ، وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَاتِلَهُ حَتَّى يُسْلِمَ كَمَا يُقَاتِلُ أَهْلَ الْأَوْثَانِ حَتَّى يُسْلِمُوا.
قَالَ: وَأَيُّ مُشْرِكٍ مَا كَانَ إذَا لَمْ يَدَعْ أَهْلَ دِينِهِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَهُوَ كَأَهْلِ الْأَوْثَانِ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَعْبُدَ الصَّنَمَ وَمَا اسْتَحْسَنَ مِنْ شَيْءٍ وَمَنْ يُعَطِّلُ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ.
وَمَنْ غَزَا الْمُسْلِمُونَ مِمَّنْ يَجْهَلُونَ دِينَهُ فَذَكَرُوا لَهُمْ أَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ سُئِلُوا مَتَى دَانُوا بِهِ وَآبَاؤُهُمْ، فَإِنْ ذَكَرُوا أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْيِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبِلُوا قَوْلَهُمْ إلَّا أَنْ يَعْلَمُوا غَيْرَ مَا قَالُوا، فَإِنْ عَلِمُوا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَأْخُذُوا مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ، وَلَمْ يَدَعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا، أَوْ يَقْتُلُوا، وَإِنْ عَلِمُوهُ بِإِقْرَارٍ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَقَرَّ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَدِنْ، وَلَمْ يَدِنْ آبَاؤُهُ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا فِي وَقْتٍ يَذْكُرُونَهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَرْنَاهُمْ عَلَى دِينِهِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ، وَلَا يَكُونُ الْإِمَامُ أَخَذَهَا إلَّا أَنْ يَقُولَ آخُذُهَا مِنْكُمْ حَتَّى أَعْلَمَ إنْ لَمْ تَدِينُوا وَآبَاؤُكُمْ هَذَا الدِّينَ إلَّا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا عَلِمْته لَمْ آخُذْهَا مِنْكُمْ فِيمَا أَسْتَقْبِلُ وَنَبَذْت إلَيْكُمْ فَإِمَّا أَنْ تُسْلِمُوا وَإِمَّا أَنْ تُقْتَلُوا فَإِذَا أَخْبَرَنَا مِنْ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْهُمْ قَوْمًا عُدُولًا فَاثْبُتُوا لَنَا عَلَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَخَذْت مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ بِقَوْلِهِمْ بِأَنْ لَمْ يَدِينُوا دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِحَالٍ إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ، وَإِنْ شَهِدَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ الْمُسْلِمُونَ، أَوْ اثْنَانِ مِنْهُمْ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ إنْ لَمْ يَدِينُوا دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا فِي وَقْتِ كَذَا وَأَنَّ آبَاءَهُمْ كَانُوا يَدِينُونَ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ نَبَذْت إلَى مَنْ بَلَغَ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَدِنْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا فِي وَقْتِ كَذَا وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ، قَالَ: وَلَمْ يَنْبِذْ إلَى صِغَارِهِمْ إذْ كَانَ آبَاؤُهُمْ دَانُوا دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ.
وَلَوْ أَنَّ هَؤُلَاءِ النَّفَرَ الْعُدُولَ شَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا دَانُوا دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الْفُرْقَانِ كَانَ إقْرَارًا مِنْهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا أَجْعَلُهُ شَهَادَةً عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلَا أَقْبَلُ الشَّهَادَةَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ إلَّا بِأَنْ يُثْبِتُوهَا عَلَيْهِ أَنَّ الْفُرْقَانَ نَزَلَ، وَلَا يَدِينُ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِذَا فَعَلُوا لَمْ أَقْبَلْ مِنْهُ الْجِزْيَةَ، وَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ دِينُهُ دِينَ آبَائِهِ إذَا بَلَغَ إنَّمَا يَكُونُ مُقَرًّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute