لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَا الْحَمْلِ.
(قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ) وَفِيهَا قَوْلٌ: أَنَّ لَهَا النَّفَقَةَ بِالْحَمْلِ وَإِنْ كَانَ نِكَاحًا فَاسِدًا لِأَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَلَمَّا كَانَ إذَا طَلَّقَهَا غَيْرَ حَامِلٍ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً فَبَرِئَتْ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ عَلِمْنَا أَنَّهُ جُعِلَتْ النَّفَقَةُ لَوْ أَقَرَّ بِالْحَمْلِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ مُطَلَّقَةٍ يَمْلِكُ زَوْجُهَا الرَّجْعَةَ كَانَتْ عِدَّتُهَا الشُّهُورَ فَحَاضَتْ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ اسْتَقْبَلَتْ الْحَيْضَ ثُمَّ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ اسْتَبْرَأَتْ نَفْسَهَا مِنْ الرِّيبَةِ وَكَانَتْ لَهَا النَّفَقَةُ حَتَّى تَطْعَنَ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنْ ارْتَابَتْ أَمْسَكَتْ عَنْ النِّكَاحِ وَوَقَفَ عَنْ نَفَقَتِهَا فَإِنْ بَانَ بِهَا حَبَلٌ كَانَ الْقَوْلُ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِيمَنْ بَانَ بِهَا حَبَلٌ بِالنَّفَقَةِ حَتَّى يَبِينَ أَوْ الْوَقْفِ حَتَّى تَضَعَ فَإِنْ انْفَشَّ مَا ظَنَّ مِنْ حَمْلِهَا رَدَّتْ مِنْ النَّفَقَةِ مَا أَخَذَتْ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ.
(قَالَ): وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا الشُّهُورَ فَارْتَابَتْ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفَانِ، وَلَوْ كَانَتْ عِدَّتُهَا الشُّهُورَ فَارْتَابَتْ أَمْسَكَتْ عَنْ الرِّيبَةِ فَإِنْ حَاضَتْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الثَّلَاثَةِ حَتَّى تَنْقَضِيَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَإِنْ ارْتَابَتْ بِحَمْلٍ أَمْسَكَتْ وَلَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهَا حَتَّى يَبِينَ ثُمَّ يَكُونَ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْحَمْلِ إذَا بَانَ سَوَاءٌ مَنْ رَأَى أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ أَمْسَكَ حَتَّى تَضَعَ ثُمَّ أَعْطَاهَا نَفَقَةً مِنْ يَوْمِ قَطَعَ النَّفَقَةَ عَنْهَا إلَى أَنْ وَضَعَتْ، وَمَنْ رَأَى أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا إذَا بَانَ الْحَمْلُ أَعْطَاهَا النَّفَقَةَ مُنْذُ أَمْسَكَ عَنْهَا إلَى أَنْ بَانَ بِهَا الْحَمْلُ وَمِنْ حِينِ بَانَ الْحَمْلُ إلَى أَنْ تَضَعَ فَإِنْ بَطَلَ الْحَمْلُ رَدَّتْ النَّفَقَةَ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأَشْهُرِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا حَتَّى تَضَعَ آخِرَ حَمْلِهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ وَضْعِ وِلَادِهَا أَيَّامٌ.
(قَالَ): وَإِنْ كَانَ بِهَا حَبَلٌ وَلَا يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا مِنْ حِينِ طَلَّقَهَا حَتَّى جَاوَزَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ فَلَمْ تَلِدْ رَدَّتْ النَّفَقَةَ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا لِأَنَّا لَا نُلْحِقُ بِهِ الْحَمْلَ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا مِنْهُ.
امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ} قَالَ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الزَّوْجِ نَفَقَةَ امْرَأَتِهِ وَحَكَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَحْكَامًا مِنْهَا اللِّعَانُ وَالظِّهَارُ وَالْإِيلَاءُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُسْلِمُونَ فِيمَا عَلِمْته فِي أَنَّ ذَلِكَ لِكُلِّ زَوْجَةٍ عَلَى كُلِّ زَوْجٍ غَائِبٍ وَحَاضِرٍ. وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنْ لَا عِدَّةَ عَلَى زَوْجَةٍ إلَّا مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقٍ. وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ} إلَى قَوْلِهِ {فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ}.
(قَالَ): فَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ لَوْ غَابَا أَوْ أَحَدُهُمَا بَرًّا أَوْ بَحْرًا عُلِمَ مَغِيبُهُمَا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَمْ يُسْمَعْ بِهِمَا بِخَبَرٍ أَوْ أَسَرَهُمَا الْعَدُوُّ فَصَيَّرُوهُمَا إلَى حَيْثُ لَا خَبَرَ عَنْهُمَا لَمْ نُوَرِّثْ وَاحِدًا مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ إلَّا بِيَقِينِ وَفَاتِهِ قَبْلَ صَاحِبِهِ. فَكَذَلِكَ عِنْدِي امْرَأَةُ الْغَائِبِ أَيَّ غِيبَةٍ كَانَتْ مِمَّا وَصَفْت أَوْ لَمْ أَصِفْ بِإِسَارِ عَدُوٍّ أَوْ بِخُرُوجِ الزَّوْجِ ثُمَّ خَفِيَ مَسْلَكُهُ أَوْ بِهُيَامٍ مِنْ ذَهَابِ عَقْلٍ أَوْ خُرُوجٍ فَلَمْ يُسْمَعْ لَهُ ذِكْرٌ أَوْ بِمَرْكَبٍ فِي بَحْرٍ فَلَمْ يَأْتِ لَهُ خَبَرٌ أَوْ جَاءَ خَبَرٌ أَنْ غَرِقَا كَأَنْ يَرَوْنَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِيهِ وَلَا يَسْتَيْقِنُونَ أَنَّهُ فِيهِ لَا تَعْتَدُّ امْرَأَتُهُ وَلَا تَنْكِحُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَهَا يَقِينُ وَفَاتِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ مِنْ يَوْمِ اسْتَيْقَنَتْ وَفَاتَهُ وَتَرِثُهُ، وَلَا تَعْتَدُّ امْرَأَةٌ مِنْ وَفَاةٍ وَمِثْلُهَا يَرِثُ إلَّا وَرِثَتْ زَوْجَهَا الَّذِي اعْتَدَّتْ مِنْ وَفَاتِهِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَهُوَ خَفِيُّ الْغَيْبَةِ بَعْدُ أَيْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ كَانَتْ أَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ تَظَاهَرَ أَوْ قَذَفَهَا لَزِمَهُ مَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْحَاضِرَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ امْرَأَةُ رَجُلٍ يَقَعُ عَلَيْهَا مَا يَقَعُ عَلَى الزَّوْجَةِ تَعْتَدُّ لَا مِنْ طَلَاقٍ وَلَا وَفَاةٍ كَمَا لَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute