للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَرَاضَيَا بِهِ.

كِتَابُ الْحُكْمِ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ وَمَسْأَلَةُ مَالِ الْحَرْبِيِّ

أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: الْحُكْمُ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حُكْمَانِ فَمَنْ غَزَا مِنْهُمْ أَهْلَ الْأَوْثَانِ وَمَنْ عَبَدَ مَا اسْتَحْسَنَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ كَانُوا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ الْجِزْيَةَ، وَيُقَاتِلُهُمْ إذَا قَوِيَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَقْتُلَهُمْ أَوْ يُسْلِمُوا وَذَلِكَ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} الْآيَتَيْنِ وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ الْمُحَارَبِينَ قُوتِلُوا حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، فَإِذَا أَعْطَوْهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلِمِينَ قَتْلُهُمْ وَلَا إكْرَاهُهُمْ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ} الْآيَةَ وَإِذَا قُوتِلَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ وَأَهْلُ الْكِتَابِ قُتِلُوا وَسُبِيَتْ ذَرَارِيُّهُمْ وَمَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ وَالْمَحِيضَ مِنْهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ الْبَوَالِغُ وَغَيْرُ البوالغ ثُمَّ كَانُوا جَمِيعًا فَيْئًا يُرْفَعُ مِنْهُمْ الْخُمُسُ وَيُقَسَّمُ الْأَرْبَعَةُ الْأَخْمَاسِ عَلَى مَنْ أَوْجَفَ عَلَيْهِمْ بِالْخَيْلِ وَالرِّكَابِ، فَإِنْ أَثْخَنُوا فِيهِمْ وَقَهَرُوا مَنْ قَاتَلُوهُ مِنْهُمْ حَتَّى تَغَلَّبُوا عَلَى بِلَادِهِمْ قُسِّمَتْ الدُّورُ وَالْأَرَضُونَ قَسْمَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ تُخَمَّسُ وَتَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِمَنْ حَضَرَ، وَإِذَا أُسِرَ الْبَالِغُونَ مِنْ الرِّجَالِ فَالْإِمَامُ فِيهِمْ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُمْ إنْ لَمْ يُسْلِمَ أَهْلُ الْأَوْثَانِ أَوْ يُعْطِ الْجِزْيَةَ أَهْلَ الْكِتَابِ، أَوْ يَمُنُّ عَلَيْهِمْ أَوْ يُفَادِيَهُمْ بِمَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْهُمْ أَوْ بِأَسْرَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُطْلِقُونَ لَهُمْ أَوْ يَسْتَرِقُّهُمْ فَإِنْ اسْتَرَقَّهُمْ أَوْ أَخَذَ مِنْهُمْ مَالًا فَسَبِيلُهُ سَبِيلُ الْغَنِيمَةِ يُخَمَّسُ وَيَكُونُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِأَهْلِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ حَكَمْت فِي الْمَالِ وَالْوِلْدَانِ وَالنِّسَاءِ حُكْمًا وَاحِدًا وَحَكَمْت فِي الرِّجَالِ أَحْكَامًا مُتَفَرِّقَةً، قِيلَ «ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى قُرَيْظَةَ وَخَيْبَرَ فَقَسَّمَ عَقَارَهُمَا مِنْ الْأَرَضِينَ وَالنَّخْلِ قِسْمَةَ الْأَمْوَالِ وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وِلْدَانَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهَوَازِنَ وَنِسَاءَهُمْ فَقَسَّمَهُمْ قِسْمَةَ الْأَمْوَالِ وَأَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ بَدْرٍ فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَّ عَلَيْهِ بِلَا شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ فِدْيَةً وَمِنْهُمْ مَنْ قَتَلَهُ، وَكَانَ الْمَقْتُولَانِ بَعْدَ الْإِسَارِ يَوْمَ بَدْرٍ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَكَانَ مِنْ الْمَمْنُونِ عَلَيْهِمْ بِلَا فِدْيَةٍ أَبُو عَزَّةَ الْجُمَحِيُّ تَرَكَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبَنَاتِهِ وَأَخَذَ عَلَيْهِ عَهْدًا أَنْ لَا يُقَاتِلَهُ فَأَخْفَرَهُ وَقَاتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا يَفْلِتَ فَمَا أُسِرَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ رَجُلًا غَيْرَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اُمْنُنْ عَلَيَّ وَدَعْنِي لِبَنَاتِي وَأُعْطِيك عَهْدًا أَنْ لَا أَعُودَ لِقِتَالِك فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَمْسَحْ عَلَى عَارِضَيْك بِمَكَّةَ تَقُولُ قَدْ خَدَعْت مُحَمَّدًا مَرَّتَيْنِ فَأَمَرَ بِهِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، ثُمَّ أَسَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ الْحَنَفِيَّ بَعْدُ فَمَنَّ عَلَيْهِ ثُمَّ عَادَ ثُمَامَةُ بْنُ أَثَالٍ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إسْلَامُهُ» أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَى رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلَيْنِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْمِدَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ قَتْلِهِمْ. أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى الَّذِينَ بَعَثَ إلَى ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَا يَعْمِدُونَ بِقَتْلٍ وَلِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَشُنُّوا عَلَيْهِمْ الْغَارَةَ لَيْلًا وَنَهَارًا فَإِنْ أَصَابُوا مِنْ النِّسَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>