الْمَعْنَى الَّذِي قُلْت قَدْ بَيَّنَ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ غَيْرِهِ؟ قُلْت: «قُرِّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَبٌّ فَامْتَنَعَ مِنْ أَكْلِهَا، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ أَحَرَامٌ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا، وَلَكِنْ أَعَافُهَا لَمْ تَكُنْ بِبَلَدِ قَوْمِي فَاجْتَرَّهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَأَكَلَهَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْظُرُ»، وَإِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَيْسَتْ حَرَامًا فَهِيَ حَلَالٌ، وَإِذَا أَقَرَّ خَالِدًا بِأَكْلِهَا، فَلَا يَدَعُهُ يَأْكُلُ حَرَامًا، وَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ تَرْكَهُ إيَّاهَا أَنَّهُ عَافَهَا. لَا حَرَّمَهَا.
أَكْلُ لُحُومِ الْخَيْلِ
أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «أَطْعَمَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لُحُومَ الْخَيْلِ، وَنَهَانَا عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ». أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ: «نَحَرْنَا فَرَسًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكَلْنَاهُ»، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ: أَكَلْت فَرَسًا عَلَى عَهْدِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَوَجَدْته حُلْوًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): كُلُّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الْخَيْلِ مِنْ الْعِرَابِ وَالْمَقَارِيفِ وَالْبَرَاذِينِ، فَأَكْلُهَا حَلَالٌ.
أَكْلُ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنِ ابْنَيْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَامَ خَيْبَرَ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): سَمِعْت سُفْيَانَ يُحَدِّثُ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَالْحَسَنُ ابْنَا مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، وَكَانَ الْحَسَنُ أَرْضَاهُمَا، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَتَانِ. إحْدَاهُمَا تَحْرِيمُ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَالْأُخْرَى، إبَاحَةُ لُحُومِ حُمُرِ الْوَحْشِ، لِأَنَّهُ لَا صِنْفَ مِنْ الْحُمُرِ إلَّا الْأَهْلِيُّ وَالْوَحْشِيُّ، فَإِذَا قَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّحْرِيمِ قَصَدَ الْأَهْلِيَّ، ثُمَّ وَصْفُهُ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَخْرَجَ الْوَحْشِيَّ مِنْ التَّحْرِيمِ وَهَذَا مِثْلُ نَهْيِهِ عَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ. فَقَصَدَ بِالنَّهْيِ.
قَصْدَ عَيْنٍ دُونَ عَيْنٍ. فَحَرَّمَ مَا نَهَى عَنْهُ. وَحَلَّ مَا خَرَجَ مِنْ تِلْكَ الصِّفَةِ سِوَاهُ. مَعَ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إبَاحَةُ أَكْلِ حُمُرِ الْوَحْشِ. أَمَرَ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَقْسِمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا قَتَلَهُ أَبُو قَتَادَةَ بَيْنَ الرُّفْقَةِ. وَحَدِيثُ طَلْحَةَ أَنَّهُمْ أَكَلُوا مَعَهُ لَحْمَ حِمَارٍ وَحْشِيٍّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَخَلْقُ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يُبَايِنُ خَلْقَ الْحُمُرِ الْوَحْشِيَّةِ مُبَايَنَةً يَعْرِفُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِهَا. فَلَوْ تَوَحَّشَ أَهْلِيٌّ لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ.
وَكَانَ عَلَى الْأَصْلِ فِي التَّحْرِيمِ. وَلَوْ اسْتَأْهَلَ وَحْشِيٌّ لَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ وَكَانَ عَلَى الْأَصْلِ فِي التَّحْلِيلِ. وَلَا يَذْبَحُهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ اسْتَأْهَلَ. وَلَوْ نَزَا حِمَارٌ أَهْلِيٌّ عَلَى فَرَسٍ أَوْ فَرَسٌ عَلَى أَتَانٍ أَهْلِيَّةٍ، لَمْ يَحِلَّ أَكْلُ مَا نَتَجَ بَيْنَهُمَا. لَسْت أَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى أَيِّهِمَا النَّازِي. لِأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُمَا. فَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَكُونَ لَحْمُهُمَا مَعًا حَلَالًا. وَكُلُّ مَا عُرِفَ فِيهِ حِمَارٌ أَهْلِيٌّ مِنْ قِبَلِ أَبٍ أَوْ أُمٍّ. لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ بِحَالٍ أَبَدًا. وَلَا أَكْلُ نَسْلِهِ. وَلَوْ نَزَا حِمَارٌ وَحْشِيٌّ عَلَى فَرَسٍ. أَوْ فَرَسٌ عَلَى أَتَانٍ وَحْشِيٍّ حَلَّ أَكْلُ مَا وُلِدَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا مُبَاحَانِ مَعًا. وَهَكَذَا لَوْ أَنَّ غُرَابًا أَوْ ذَكَرَ حِدَأٍ أَوْ بُغَاثًا تَجَثَّمَ حُبَارَى. أَوْ ذَكَرُ حُبَارَى أَوْ طَائِرٌ يَحِلُّ لَحْمُهُ تَجَثَّمَ غُرَابًا أَوْ حِدَأً أَوْ