جِنَايَةُ الْمُرْتَدِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا جَنَى الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ عَلَى آدَمِيٍّ جِنَايَةً عَمْدًا فِي مِثْلِهَا قِصَاصٌ فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ أَوْ يَأْخُذَ قَدْرَ الْجِنَايَةِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَمَا اكْتَسَبَ بَعْدَهَا وَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهَا وَكَذَلِكَ مَا أَحْرَقَ وَأَفْسَدَ لِآدَمِيٍّ كَانَ فِي مَالِهِ لَا تُسْقِطُهُ عَنْهُ الرِّدَّةُ (قَالَ): وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَهِيَ فِي مَالِهِ كَمَا تَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَى أَجَلِهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حَالَّةٌ وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ عَنْهُ شَيْئًا جَنَاهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ نَفْسًا فَهِيَ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ فَإِنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ فَهِيَ حَالَّةٌ. وَلَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ فَإِنْ كَانَتْ عَمْدًا فَهِيَ كَجِنَايَتِهِ وَهُوَ مُرْتَدٌّ وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَهِيَ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَزِمَتْهُمْ إذْ جَنَى وَهُوَ مُسْلِمٌ. وَلَوْ ارْتَدَّ وَقَتَلَ فَأَرَادَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ الْقَتْلَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِذَا قَتَلَهُ وَهُوَ عَلَى الرِّدَّةِ فَمَالُهُ لِمَنْ وَصَفْته مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ أَوْ جَرَحَ أَقْصَصْنَا مِنْهُ ثُمَّ قَتَلْنَاهُ عَلَى الرِّدَّةِ فَإِنْ عَجَّلَ الْإِمَامُ فَقَتَلَهُ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ مَاتَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْقِصَاصِ فَلِوَلِيِّ الدَّمِ وَالْجَرْحِ عَمْدًا عَقْلُ النَّفْسِ وَالْجِرَاحُ فِي مَالِ الْجَانِي الْمُرْتَدِّ، وَلَوْ كَانَ الْجَانِي الْمُرْتَدُّ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَجَنَى عَلَى مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْقَوَدُ كَانَ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْخِيَارُ فِي الْقَوَدِ أَوْ أَخْذِ الْعَقْلِ فَإِنْ أَرَادَ الْقَوَدَ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَرَادَ الْعَقْلَ فَهُوَ لَهُ فِي رَقَبَةِ الْجَانِي إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ فَإِنْ فَدَاهُ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ إلَّا أَنْ يَتُوبَ فَيُبَاعَ وَيُعْطَى وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قِيمَةُ جِنَايَتِهِ وَيُرَدُّ الْفَضْلُ إنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ الْجِنَايَةِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَوْ جَنَى وَهُوَ مُرْتَدٌّ عَبْدٌ ثُمَّ عَتِهَ فَاخْتَارَ وَلِيُّ الدَّمِ الْعَقْلَ وَلَمْ يَتَطَوَّعْ مَوْلَاهُ بِأَنْ يَفْدِيَهُ بِيعَ مُرْتَدًّا مَعْتُوهًا فَأُعْطِيَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ قِيمَةَ جِنَايَتِهِ وَرُدَّ فَضْلٌ إنْ كَانَ فِي ثَمَنِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِذَا أَفَاقَ وَلَمْ يَتُبْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ وَلَا يُبَاعُ إلَّا بِالْبَرَاءِ مِنْ الرِّدَّةِ وَالْعَتَهِ وَمَا أَحْدَثَ الْعَبْدُ مِنْ الْجِنَايَةِ فِي الرِّدَّةِ مُخَالَفَةً مَا أَحْدَثَ مِنْ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ لَا تَسْقُطُ عَنْ صَبِيٍّ وَلَا مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَا عَبْدٍ لِأَنَّهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالدَّيْنُ يَسْقُطُ عَنْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَعَنْ الْعَبِيدِ مَا كَانُوا فِي الرِّقِّ لِأَنَّهُ بِإِذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ.
الْجِنَايَةُ عَلَى الْمُرْتَدِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَجَنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ جِنَايَةً فَإِنْ كَانَتْ قَتْلًا فَلَا عَقْلَ وَلَا قَوَدَ وَيُعَزَّرُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ الْوَالِيَ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ قَتْلُهُ حَتَّى يُسْتَتَابَ وَإِنْ كَانَتْ دُونَ النَّفْسِ فَكَذَلِكَ. وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجِنَايَةِ فَالْجِنَايَةُ هَدَرٌ لِأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ مَمْنُوعَةٍ بِأَنْ يُحْكَمَ فِيهَا بِعَقْلٍ أَوْ قَوَدٍ وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ مُرْتَدًّا فَقَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ تَابَ ثُمَّ قَطَعَ رِجْلَهُ كَانَ لَهُ الْقَوَدُ فِي الرَّجُلِ إنْ شَاءَ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَيْهِ مُسْلِمًا وَلَوْ مَاتَ كَانَتْ لَهُمْ نِصْفُ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِنَايَتَيْنِ جِنَايَةٌ مَمْنُوعَةٌ وَجِنَايَةٌ غَيْرُ مَمْنُوعَةٍ.
الدَّيْنُ عَلَى الْمُرْتَدِّ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُرْتَدِّ دَيْنٌ بِبَيِّنَةٍ قَبْلَ الرِّدَّةِ ثُمَّ ارْتَدَّ قُضِيَ عَنْهُ دَيْنُهُ إنْ كَانَ حَالًّا وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ فَهُوَ إلَى أَجَلِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ فَيَحِلَّ بِمَوْتِهِ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَقَرَّ بِهِ قَبْلَ الرِّدَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute