للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَكَلَ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ كَانَ عَبْدًا لَا يَكُونُ مُكَاتَبًا حَتَّى يَنْكُلَ السَّيِّدُ وَيَحْلِفَ الْعَبْدُ مَعَ نُكُولِ سَيِّدِهِ.

وَلَوْ ادَّعَى عَبْدٌ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِكِتَابَتِهِ وَلَمْ تَقُلْ الْبَيِّنَةُ: عَلَى كَذَا وَإِلَى وَقْتِ كَذَا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، وَلَمْ تُثْبِتْ فِي كَمْ يُؤَدِّيهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَتْ: كَاتَبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مُنَجَّمَةٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَمْ تَقُلْ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُهَا أَوْ أَقَلُّ، أَوْ أَكْثَرُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ حَتَّى تُوَقِّتَ الْمَالَ وَالسِّنِينَ وَمَا يُؤَدَّى فِي كُلِّ سَنَةٍ، فَإِذَا نَقَصَتْ الْبَيِّنَةُ مِنْ هَذَا شَيْئًا سَقَطَتْ وَحَلَفَ السَّيِّدُ، وَكَانَ الْعَبْدُ مَمْلُوكًا، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ، وَكَانَ مُكَاتَبًا عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ.

وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَاتَبَهُ فَأَدَّى إلَيْهِ فَعَتَقَ، فَقَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ سَيِّدَهُ أَقَرَّ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ وَأَنَّهُ أَدَّى إلَيْهِ وَجَحَدَ السَّيِّدُ، أَوْ ادَّعَى أَنَّ الْكِتَابَةَ فَاسِدَةٌ أَعْتَقْته عَلَيْهِ وَأَحْلَفْت الْعَبْدَ عَلَى فَسَادِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا حَلَفَ السَّيِّدُ وَتَرَادَّا الْقِيمَةَ

جِمَاعُ أَحْكَامِ الْمُكَاتَبِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): يُرْوَى أَنَّ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ أُوقِيَّةٍ فَأَدَّاهَا إلَّا عَشْرَ أَوَاقٍ فَهُوَ رَقِيقٌ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَبِهَذَا نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ مَنْ لَقِيت، وَهُوَ كَلَامُ جُمْلَةٍ، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -: عَبْدٌ فِي شَهَادَتِهِ وَمِيرَاثِهِ وَحُدُودِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَجُمْلَةِ جِنَايَتِهِ بِأَنْ لَا تَعْقِلَهَا عَاقِلَةُ مَوْلَاهُ، وَلَا قَرَابَةُ الْعَبْدِ وَلَا يَضْمَنَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ فِي جِنَايَتِهِ مَا بَلَغَتْ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَهُوَ عَبْدٌ فِي الْأَكْثَرِ مِنْ أَحْكَامِهِ وَلَيْسَ كَالْعَبْدِ فِي أَنَّ لِسَيِّدِهِ بَيْعَهُ، وَلَا أَخْذَ مَالِهِ مَا كَانَ قَائِمًا بِالْكِتَابَةِ.

وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بِأَدَاءِ آخِرِ نُجُومِهِ فَلَوْ كَاتَبَ رَجُلٌ عَبْدَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ مُنَجَّمَةٍ فِي كُلِّ سَنَةٍ عَلَى أَنَّك مَتَى أَدَّيْت نَجْمًا عَتَقَ مِنْك بِقَدْرِهِ فَأَدَّى نَجْمًا عَتَقَ كُلُّهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ بِمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْكِتَابَةُ فَاسِدَةً.

وَمَنْ قَذَفَ مُكَاتَبًا كَانَ كَمَنْ قَذَفَ عَبْدًا، وَإِذَا قَذَفَ الْمُكَاتَبُ حُدَّ حَدَّ عَبْدٍ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا أَتَى الْمُكَاتَبُ مِمَّا عَلَيْهِ فِيهِ حَدٌّ فَحَدُّهُ حَدُّ عَبْدٍ.

وَلَا يَرِثُ الْمُكَاتَبُ، وَلَا يُورَثُ بِالنَّسَبِ وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَرِثَ هُوَ بِالرِّقِّ وَمِثْلُ أَنْ يَرِثَ الْمُكَاتَبُ بِالرِّقِّ أَنْ يَكُونَ لَهُ عَبْدٌ فَيَمُوتَ فَيَأْخُذَ الْمُكَاتَبُ مَالَ عَبْدِهِ كَمَا كَانَ يَبِيعُ رَقَبَتَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لَهُ.

وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ شَيْءٌ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ فَقَدْ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ، وَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ إذَا قَالَ فِي حَيَاتِهِ: قَدْ عَجَزْت بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ تَرْكَهَا أَوْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ السَّيِّدُ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ كَانَ إذَا مَاتَ أَوْلَى أَنْ تَبْطُلَ الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ بِحَيٍّ فَيُؤَدِّيَ إلَى السَّيِّدِ دَيْنَهُ عَلَيْهِ وَمَوْتُهُ أَكْثَرُ مِنْ عَجْزِهِ وَلَا مَزِيَّةَ لِلْمُكَاتَبِ تَفْضُلُ بَيْنَ الْمُقَامِ عَلَى كِتَابَتِهِ وَالْعِتْقِ.

وَإِذَا مَاتَ فَخَرَجَ مِنْ الْكِتَابَةِ أَحَطْنَا أَنَّهُ عَبْدٌ وَصَارَ مَالُهُ لِسَيِّدِهِ كُلُّهُ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ بَنُونَ وُلِدُوا مِنْ جَارِيَةٍ لَهُ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ، أَوْ بَنُونَ بَلَغُوا يَوْمَ كَاتَبَ وَكَاتَبُوا مَعَهُ وَقَرَابَةٌ لَهُ كَاتَبُوا مَعَهُ فَجَمِيعُ مَالِهِ لِسَيِّدِهِ.

وَلَوْ قَالَ سَيِّدُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ قَدْ وَضَعْت الْكِتَابَةَ عَنْهُ، أَوْ وَهَبْتهَا لَهُ أَوْ أَعْتَقْته لَمْ يَكُنْ حُرًّا، وَكَانَ الْمَالُ مَالَهُ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ لِمَيِّتٍ مَالَ نَفْسِهِ.

وَلَوْ قَذَفَهُ رَجُلٌ وَقَدْ مَاتَ وَلَمْ يُؤَدِّ لَمْ يُحَدَّ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ وَلَمْ يَعْتِقْ.

فَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ فَعَلَى سَيِّدِهِ كَفَنُهُ وَقَبْرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَبْدُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَحْضَرَ الْمَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>