إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى لِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ مُفْتَرِقَيْنِ فَلَا يُجْزِئُهَا أَنْ تَأْتِيَ بِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى لِأَنَّهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ مَاتَ أَوَّلًا فَاعْتَدَّتْ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَوَضَعَتْ حَمْلَهَا حَلَّتْ مِنْ الَّذِي حَمَلَتْ مِنْهُ وَهُوَ الزَّوْجُ الْآخَرُ فَاعْتَدَّتْ مِنْ الْأَوَّلِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَطِيعُ تَقْدِيمَ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهَا عِدَّةُ حَمْلٍ مِنْ الْآخَرِ.
(قَالَ): وَلَكِنْ لَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ قَبْلُ فَاعْتَدَّتْ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ رَأَتْ أَنَّ بِهَا حَمْلًا قِيلَ لَهَا تَرَبَّصِي فَإِنْ تَرَبَّصَتْ وَهِيَ تَرَاهَا حَامِلًا ثُمَّ مَرَّتْ بِهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَهِيَ تَحِيضُ فِي ذَلِكَ وَتَرَاهَا تَحِيضُ عَلَى الْحَمْلِ ثُمَّ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَبَانَ لَهَا أَنْ لَا حَمْلَ بِهَا فَقَدْ أَكْمَلَتْ عِدَّتَهَا مِنْهُمَا جَمِيعًا وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَأْنِفَ عِدَّةً أُخْرَى تَحِدُّ فِيهَا كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَا تَعْلَمُ هِيَ حَتَّى مَرَّتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قِيلَ لَهَا لَيْسَ عَلَيْك اسْتِئْنَافُ عِدَّةٍ أُخْرَى. وَهَكَذَا لَوْ مَاتَا مَعًا وَلَمْ تَعْلَمْ حَتَّى مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَثَلَاثُ حِيَضٍ بَعْدَ يَقِينِ مَوْتِهِمَا مَعًا لَمْ تَعُدْ لِعِدَّةٍ وَلَوْ مَاتَ الزَّوْجُ الْآخَرِ اعْتَدَّتْ مِنْهُ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَإِنْ أَكْمَلَتْهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَإِنْ لَمْ تُكْمِلْهَا اسْتَقْبَلَتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ مِنْ يَوْمِ مَاتَ الْآخَرُ لِأَنَّهَا عِدَّةٌ صَحِيحَةٌ. ثُمَّ اعْتَدَّتْ حَيْضَتَيْنِ تَكْمِلَةَ الْحِيَضِ الَّتِي قَبْلَهَا مِنْ نِكَاحِ الْآخَرِ.
وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةَ الْمَفْقُودِ مَاتَتْ عِنْدَ الزَّوْجِ الْآخَرِ ثُمَّ قَدِمَ الْأَوَّلُ أَخَذَ مِيرَاثَهَا وَإِنْ لَمْ تَدَعْ شَيْئًا لَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْمَهْرِ شَيْئًا إذَا لَمْ يَجِدْ امْرَأَتَهُ بِعَيْنِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي مَهْرِهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَهَلْ قَالَ غَيْرُك هَذَا؟ قِيلَ: نَعَمْ وَرُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ هَذَا أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ فَإِنْ قَالَ: فَهَلْ تَحْفَظُ عَمَّنْ مَضَى مِثْلَ قَوْلِك فِي أَنْ لَا تَنْكِحَ امْرَأَةُ الْمَفْقُودِ حَتَّى تَسْتَيْقِنَ مَوْتَهُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَسَدِيِّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ: إنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ هُشَيْمِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ إذَا قَدِمَ وَقَدْ تَزَوَّجَتْ امْرَأَتُهُ هِيَ امْرَأَتُهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ وَلَا تُخَيَّرُ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ عَنْ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَكَمِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا فَقَدَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا لَمْ تَتَزَوَّجْ حَتَّى تَعْلَمَ أَمْرَهُ.
عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ يَمْلِكُ زَوْجُهَا رَجْعَتَهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ رَجْعَتَهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَوَرِثَتْ وَلَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا إذَا كَانَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا فَإِذَا مَاتَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا: وَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَجْتَنِبَ طِيبًا وَلَا لَهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَنْزِلِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهَا وَلَيْسَ لَهُ مِنْهَا وَلَا لَهَا مِنْهُ مِنْ نَظَرٍ وَلَا مِنْ تَلَذُّذٍ وَلَا مِنْ خَلْوَةٍ شَيْءٌ حَتَّى يُرَاجِعَهَا وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ تَحْرِيمَ الْمَبْتُوتَةِ حَتَّى يُرَاجِعَهَا، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ فِي مَسْكَنِ حَفْصَةَ وَكَانَتْ طَرِيقَهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَكَانَ يَسْلُكُ الطَّرِيقَ الْأُخْرَى مِنْ أَدْبَارِ الْبُيُوتِ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ عَلَيْهَا حَتَّى رَاجَعَهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ مَا يَحِلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute