وَأَعْطَيْنَاكَ فِيمَا بَقِيَ الْعَقْلَ وَإِنْ شِئْت فَلَكَ الْعَقْلُ وَإِنْ كَانَ إنَّمَا قَطَعَهَا وَهِيَ مُخَرَّمَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زَيْنٌ عِنْدَهُمْ كَالثَّقْبِ لَا عَيْبَ فِيهِ وَلَا جِنَايَةَ.
وَإِذَا قَلَعَ رَجُلٌ سِنَّ رَجُلٍ قَدْ ثُغِرَ قُلِعَتْ سِنُّهُ فَإِنْ كَانَ الْمَقْلُوعَةُ سِنُّهُ لَمْ يُثْغَرْ فَلَا قَوَدَ حَتَّى يُثْغَرَ فيتتام طَرْحُ أَسْنَانِهِ وَنَبَاتُهَا فَإِذَا تَتَامَّ وَلَمْ تَنْبُتْ سِنُّهُ سُئِلَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَنْ الْأَجَلِ الَّذِي إذَا بَلَغَهُ وَلَمْ تَنْبُتْ سِنُّهُ لَمْ تَنْبُتْ فَبَلَغَهُ فَإِذَا بَلَغْنَاهُ وَلَمْ تَنْبُتْ أَقَدْنَاهُ مِنْهُ فَإِذَا بَلَغْنَاهُ وَقَدْ نَبَتَ بَعْضُهَا أَوْ لَمْ يَنْبُتْ فَلَا قَوَدَ، وَلَهُ مِنْ الْعَقْلِ بِقَدْرِ مَا قَصُرَ نَبَاتُهَا يُقَدَّرُ إنْ كَانَتْ ثَنِيَّةً بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي تَلِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ بَلَغَتْ نِصْفَهَا أُخِذَ لَهُ بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ وَإِنْ بَلَغَتْ ثُلُثَهَا أُخِذَ لَهُ ثُلُثُ عَقْلِ سِنٍّ وَإِنْ قَلَعَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ سِنًّا زَائِدَةً أَوْ قَطَعَ لَهُ أُصْبُعًا زَائِدَةً أَوْ كَانَتْ لَهُ زَنَمَةٌ تَحْتَ أُذُنِهِ زَائِدَةٌ فَقَطَعَهَا رَجُلٌ فَسَأَلَ الْقَوَدَ فَلَا قَوَدَ وَفِيهَا حُكُومَةٌ وَإِنْ كَانَ لِلْقَاطِعِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ هَذَا مِثْلُهُ فَفِيهِ الْقَوَدُ سِنًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ سِنٍّ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ زَنَمَةٍ وَهَكَذَا لَوْ خُلِقَتْ لَهُ أُصْبُعٌ لَهَا طَرَفَانِ فَقُطِعَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَلَا قَوَدَ وَفِيهَا حُكُومَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أُصْبُعٌ مِثْلُهَا فَيُقَادَ مِنْهُ: وَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ أُصْبُعَ رَجُلٍ وَلَهَا طَرَفَانِ أَوْ أُنْمُلَةٌ وَلَهَا طَرَفَانِ وَلَمْ يُخْلَقْ لِلْقَاطِعِ تِلْكَ الْخِلْقَةَ فَسَأَلَ الْمَقْطُوعُ الْقَوَدَ فَهُوَ لَهُ وَزِيَادَةُ حُكُومَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ طَرَفَاهَا أَشَلَّاهَا فَأَذْهَبَا مَنْفَعَتَهَا فَلَا قَوَدَ.
وَإِنْ كَانَ لِلْقَاطِعِ مِثْلُهَا وَلَيْسَتْ شَلَّاءَ أُقِيدَ وَلَا حُكُومَةَ، وَلَوْ كَانَتْ لِأُصْبُعِ الْقَاطِعِ طَرَفَانِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأُصْبُعِ الْمَقْطُوعِ فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّ أُصْبُعَ الْقَاطِعِ كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْ أُصْبُعِ الْمَقْطُوعِ ا. هـ
أَمْرُ الْحَاكِمِ بِالْقَوَدِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعْرِفَ مَوْضِعَ رَجُلٍ مَأْمُونٍ عَلَى الْقَوَدِ وَإِذَا أَمَرَهُ بِهِ أَحْضَرَ عَدْلَيْنِ عَاقِلَيْنِ فَأَمَرَهُمَا أَنْ يَتَعَاهَدَا حَدِيدَهُ وَلَا يَسْتَقِيدُ إلَّا وَحَدِيدُهُ حَدِيدٌ مُسْقَى لِئَلَّا يُعَذَّبَ الْمُسْتَقَادُ مِنْهُ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُسْتَقِيدَ أَنْ يَخْتِمَ عَلَى حَدِيدِهِ لِئَلَّا يَحْتَالَ فَيُسَمَّ فَيَقْتُلَ الْمُسْتَقَادَ مِنْهُ أَوْ يُزْمِنَهُ، وَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِحَدِيدِهِ عِلَّةٌ مِنْ ثَلَم وَلَا وَهَنٍ فَيُبْطِئُ فِي رَأْسٍ وَلَا وَجْهٍ حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِ عَذَابًا، وَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَأْمُرَ الْعَدْلَيْنِ إذَا أَقَادَ تَحْتَ شَعْرٍ فِي وَجْهٍ أَوْ رَأْسٍ أَنْ يَأْمُرَ بِحِلَاقِ الرَّأْسِ أَوْ مَوْضِعِ الْقَوَدِ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُ قِيَاسَ شَجَّةَ الْمُسْتَقَادِ لَهُ وَيُقَدِّرُ رَأْسَهُ ثُمَّ يَضَعُ مِقْيَاسَهَا فِي مَوْضِعِهِ مِنْ رَأْسِ الشَّاجِّ ثُمَّ يُعَلِّمُهُ بِسَوَادٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُسْتَقِيدُ بِشِقِّ مَا شَرَطَ فِي الْعَلَامَتَيْنِ حَتَّى يَسْتَوْظِفَ الشَّجَّةَ وَيَأْخُذَانِهِ بِذَلِكَ فِي عَرْضِهَا وَعُمْقِهَا وَيَنْظُرَ فَإِنْ كَانَ شَقًّا وَاحِدًا أَيْسَرَ عَلَيْهِ فَعَلَ وَإِنْ كَانَ شَقُّهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ أَيْسَرَ عَلَيْهِ فَعَلَ، وَإِنْ قِيلَ شَقُّهُ وَاحِدَةً أَيْسَرَ عَلَيْهِ أَجْرَى يَدَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِذَا خِيفَتْ زِيَادَتُهُ أَمَرَ أَنْ يُحَرِّفَهَا مِنْ الطَّرَفِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ إلَى مَوْضِعٍ لَا يُخَافُ فَعَلَهُ فَإِذَا قَارَبَ مُنْتَهَاهَا أَبْطَأَ بِيَدِهِ لِئَلَّا يَزِيدَ شَيْئًا. فَإِنْ أَقَادَ وَعَلَى الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ شَعْرٌ فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَعْنِي بِذَلِكَ شَعْرَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ فَأَمَّا إنْ كَانَ الْقَوَدُ فِي جَسَدٍ وَكَانَ شَعْرُ الْجَسَدِ خَفِيفًا لَا يَحُولُ دُونَ النَّظَرِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَحْلِقَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا حَلَقَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُؤْمَرُ بِالْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَيُضْبَطُ لِئَلَّا يَضْطَرِبَ فَتَذْهَبَ الْحَدِيدَةُ حَيْثُ لَا يُرِيدُ الْمُقْتَصُّ فَإِنْ أَغْفَلَ ضَبْطَهُ أَوْ ضَبَطَهُ مَنْ لَا يَقْوَى مِنْهُ عَلَى الِاضْطِرَابِ فِي يَدَيْهِ فَاضْطَرَبَ وَالْحَدِيدَةُ مَوْضُوعَةٌ فِي رَأْسِهِ فِي مَوْضِعِ الْقَوَدِ فَذَهَبَتْ الْحَدِيدَةُ مَوْضِعًا آخَرَ فَهُوَ هَدَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَصَّ لَهُ لَمْ يَتَعَدَّ مَوْضِعَ الْقِصَاصِ، وَإِنَّ ذَهَابَهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ بِفِعْلِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute