أَجَازَهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَوْ رَأَيْت حُجَّتَهُ بِأَنَّ دَمَهُ لَا يُكَافِئُ دَمَهُ فَإِنْ كَانَ إنَّمَا عَنَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ مُكَافَأَةَ الدَّمِ بِالدِّيَةِ فَالْعَبْدُ الَّذِي يُقَاتِلُ هُوَ عِنْدَهُ قَدْ يَبْلُغُ هُوَ بِدِيَتِهِ دِيَةَ حُرٍّ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمِ وَيَجْعَلُهُ أَكْثَرَ مِنْ دِيَةِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَمَانُ يَجُوزُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَالْعَبْدُ يُقَاتِلُ خَارِجًا مِنْ الْحُرِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ يُجِيزُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَالْعَبْدُ لَا يُقَاتِلُ دَاخِلًا فِي الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ يُجِيزُهُ عَلَى الْقِتَالِ فَهُوَ يُجِيزُ أَمَانَ الْمَرْأَةِ وَهِيَ لَا تُقَاتِلُ وَأَمَانُ الرَّجُلِ الْمَرِيضِ وَالْجَبَانِ وَهُوَ لَا يُقَاتِلُ وَمَا عَلِمْته بِذَلِكَ يَحْتَجُّ إلَّا لِلْأَوْزَاعِيِّ عَلَى نَفْسِهِ وَصَاحِبِهِ حَتَّى سَكَتَ وَإِنْ كَانَ يُجِيزُ الْأَمَانَ عَلَى الدِّيَاتِ انْبَغَى أَنْ لَا يُجِيزَ أَمَانَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ دِيَتَهَا نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَالْعَبْدُ لَا يُقَاتِلُ يَكُونُ أَكْثَرَ دِيَةً عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا مِنْ الْحُرَّةِ أَضْعَافًا فَإِنْ قَالَ هَذَا لِلْمَرْأَةِ دِيَةٌ فَكَذَلِكَ ثَمَنُ الْعَبْدِ لِلْعَبْدِ دِيَةٌ فَإِنْ أَرَادَ مُسَاوَاتَهُمَا بِثَمَنِ الْحُرِّ فَالْعَبْدُ يُقَاتِلُ يَسْوَى خَمْسِينَ دِرْهَمًا عِنْدَهُ جَائِزُ الْأَمَانِ وَالْعَبْدُ لَا يُقَاتِلُ ثَمَنَ عَشَرَةِ آلَافٍ إلَّا عَشَرَةً غَيْرُ جَائِزَةٍ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ عَنْ الْمَرْأَةِ.
وَطْءُ السَّبَايَا بِالْمِلْكِ
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا كَانَ الْإِمَامُ قَدْ قَالَ مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ جَارِيَةً لَا يَطَؤُهَا مَا كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَهُ أَنْ يَطَأَهَا وَهَذَا حَلَالٌ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ وَطِئُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَصَابُوا مِنْ السَّبَايَا فِي غَزَاةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ قَبْلَ أَنْ يَقْفِلُوا وَلَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ سَرِيَّةً مَا أَصَابَتْ وَلَا يُنَفِّلَ سِوَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ مَا أَعْظَمَ قَوْلَ الْأَوْزَاعِيِّ فِي قَوْلِهِ هَذَا حَلَالٌ مِنْ اللَّهِ أَدْرَكْت مَشَايِخَنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ فِي الْفُتْيَا أَنْ يَقُولُوا هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ إلَّا مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَيِّنًا بِلَا تَفْسِيرٍ. حَدَّثَنَا ابْنُ السَّائِبِ عَنْ رَبِيعِ بْنِ خَيْثَمٍ وَكَانَ مِنْ أَفْضَلِ التَّابِعِينَ أَنَّهُ قَالَ إيَّاكُمْ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ إنَّ اللَّهَ أَحَلَّ هَذَا أَوْ رَضِيَهُ فَيَقُولَ اللَّهُ لَهُ لَمْ أُحِلَّ هَذَا وَلَمْ أَرْضَهُ، وَيَقُولَ إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَيَقُولَ اللَّهُ كَذَبْت لَمْ أُحَرِّمْ هَذَا وَلَمْ أَنَّهُ عَنْهُ. وَحَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ حَدَّثَ عَنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا إذَا أَفْتَوْا بِشَيْءٍ أَوْ نَهَوْا عَنْهُ قَالُوا هَذَا مَكْرُوهٌ وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ فَأَمَّا نَقُولُ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ فَمَا أَعْظَمَ هَذَا. قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَأَمَّا مَا ذَكَرَ الْأَوْزَاعِيُّ مِنْ الْوَطْءِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ بِغَيْرِ خَصْلَةٍ يُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَطَأَ مِنْ السَّبْيِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجُوهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ. أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَشْيَاخِنَا عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُوطَأَ السَّبْيُ مِنْ الْفَيْءِ فِي دَارِ الْحَرْبِ. أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ الزُّهْرِيِّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَّلَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ سَيْفَ ابْنَ أَبِي الْحَقِيقِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَالْخُمُسِ» وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ أَرَأَيْت رَجُلًا أَغَارَ وَحْدَهُ فَأَرَقَّ جَارِيَةً أَيُرَخَّصُ لَهُ فِي وَطْئِهَا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُحْرِزْهَا؟ فَكَذَلِكَ الْبَابُ الْأَوَّلُ. وَأَمَّا النَّفَلُ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّهُ بَعْدَ الْخُمُسِ فَقَدْ نَقَضَهُ بِمَا رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبْعَ وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ هَذَا بَعْدَ الْخُمُسِ وَصَدَقَ وَقَدْ بَلَغَنَا هَذَا وَلَيْسَ فِيهِ الْخُمُسُ فَأَمَّا النَّفَلُ قَبْلَ الْخُمُسِ فَقَدْ «نَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنِيمَةَ بَدْرٍ فِيمَا بَلَغَنَا قَبْلَ أَنْ تُخَمَّسَ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْفَيْءَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَدَفَعَ إلَى رَجُلٍ فِي سَهْمِهِ جَارِيَةً فَاسْتَبْرَأَهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطَأَهَا وَبِلَادُ الْحَرْبِ لَا تُحَرِّمُ الْحَلَالَ مِنْ الْفُرُوجِ الْمَنْكُوحَةِ وَالْمَمْلُوكَةِ وَقَدْ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزَاةِ الْمُرَيْسِيعِ بِامْرَأَةٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute