وَلَدُ الْمُدَبَّرِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا أَذِنَ الرَّجُلُ لِمُدَبَّرِهِ فَنَكَحَ قَبْلَ التَّدْبِيرِ، أَوْ بَعْدَهُ فَسَوَاءٌ، وَمَا وَلَدَ لَهُ فَحُكْمُ الْمَوْلُودِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ حُكْمُ الْأُمِّ الَّتِي وَلَدَتْهُ إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَانَ حُرًّا وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً كَانَ عَبْدًا، كَمَا يَكُونُ هَذَا فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ غَيْرِ الْمُدَبَّرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَلَا لِلْمُدَبَّرِ وَلَا مَنْ لَمْ تَكْمُلْ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ أَنْ يَنْكِحَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَسَرَّى بِحَالٍ وَإِذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ بِالتَّسَرِّي فَتَسَرَّى دَرَأْنَا عَنْهُ الْحَدَّ بِالشُّبْهَةِ وَأَلْحَقْنَا بِهِ الْوَلَدَ وَفَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا مَتَى عَلِمْنَا، فَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ وَمَلَكَ الْمُدَبِّرُ الْأَمَةَ لَمْ تَكُنْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِذَلِكَ الْوَلَدِ بِحَالٍ؛ لِأَنَّهُ وَطْءٌ فَاسِدٌ لَا وَطْءَ مِلْكٍ صَحِيحٍ وَلَا تَكُونُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ وَالْوَطْءُ مِنْ مَالِكٍ لَهَا حُرٍّ كَامِلِ الْحُرِّيَّةِ.
وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ وَوَطْؤُهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلِسَيِّدِ الْمُدَبَّرَةِ أَنْ يَطَأَهَا؛ لِأَنَّهَا عَلَى الرِّقِّ (قَالَ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ دَبَّرَ جَارِيَتَيْنِ لَهُ، فَكَانَ يَطَؤُهُمَا وَهُمَا مُدَبَّرَتَانِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ أَمَةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ تَدْبِيرِهَا فِي بَقِيَّةِ عُمُرِهَا وَهِيَ مُدَبَّرَةٌ فَسَوَاءٌ، وَالْقَوْلُ فِيهِمْ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ كِلَاهُمَا لَهُ مَذْهَبٌ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَإِنَّ سَيِّدَ الْمُدَبَّرَةِ لَمَّا دَبَّرَهَا وَلَمْ يَرْجِعْ فِي التَّدْبِيرِ فَكَانَتْ مَمْلُوكَةً مَوْقُوفَةَ الْعِتْقِ مَا لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا مُدَبِّرُهَا بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مِلْكِهِ، وَكَانَ الْحُكْمُ فِي أَنَّ وَلَدَ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ بِمَنْزِلَتِهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً كَانَ حُرًّا وَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً كَانَ عَبْدًا لَا وَقْفَ فِيهَا غَيْرُ الْمِلْكِ كَانَ مَمْلُوكًا كَانَ وَلَدُ الْمُدَبَّرَةِ بِمَنْزِلَتِهَا يَعْتِقُونَ بِعِتْقِهَا وَيَرِقُّونَ بِرِقِّهَا، وَقَدْ قَالَ هَذَا بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ انْبَغَى أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ رَجَعَ السَّيِّدُ فِي وَلَدِهَا كَانَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ رُجُوعًا فِي تَدْبِيرِ أُمِّهِمْ، وَكَذَلِكَ إنْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِهَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعًا فِي تَدْبِيرِ مَنْ وَلَدَتْ وَهِيَ مُدَبَّرَةٌ، وَالرُّجُوعُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ مِلْكِهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي تَدْبِيرِهَا وَلَا يَكُونُ رُجُوعُهُ فِي تَدْبِيرِهَا رُجُوعًا فِي تَدْبِيرِ وَلَدِهَا، وَإِنَّمَا ثَبَتَ لَهُمْ التَّدْبِيرُ بِأَنَّ أُمَّهُمْ مُدَبَّرَةٌ فَحَكَمْنَا أَنَّهُمْ كَمَنْ اُبْتُدِئَ تَدْبِيرُهُ وَلَمْ يُحْكَمْ لَهُمْ أَنَّهُمْ كَعُضْوٍ مِنْهَا، فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ؟ قِيلَ: أَلَا تَرَى أَنَّ قِيمَتَهُمْ لَوْ كَانَتْ مِثْلَ قِيمَتِهَا أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ قُوِّمُوا كَمَا تُقَوَّمُ أُمُّهُمْ وَلَمْ يَعْتِقُوا بِغَيْرِ قِيمَةٍ كَمَا لَا تَعْتِقُ أُمُّهُمْ بِغَيْرِ قِيمَةٍ، فَإِذَا حَكَمْنَا بِهَذَا جَعَلْنَا حُكْمَهُمْ كَحُكْمِ أَنْفُسِهِمْ وَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِهَا وَلَوْ جَعَلْت حُكْمَهُمْ حُكْمَ أُمِّهِمْ وَجَعَلْت الْقِيمَةَ لَهَا دُونَهُمْ وَلَمْ أَجْعَلْ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهِمْ دُونَهَا وَجَعَلْنَاهُ إذَا رَجَعَ فِيهَا رَاجِعًا فِيهِمْ وَجَعَلْنَاهُمْ رَقِيقًا لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا وَأَبْطَلْنَا تَدْبِيرَهُمْ إذَا لَمْ تَعْتِقْ أُمُّهُمْ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَسَوَاءٌ كَانَ وَلَدُهَا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا، فَإِنْ وَلَدَتْ ذُكُورًا، أَوْ إنَاثًا فَأَوْلَادُ الْإِنَاثِ بِمَنْزِلَةِ أُمَّهَاتِهِمْ سَوَاءٌ، وَالْقَوْلُ فِي الرُّجُوعِ فِيهَا وَفِيهِمْ وَتَرْكِ الرُّجُوعِ وَالرُّجُوعِ فِي أُمَّهَاتِهِمْ دُونَهُمْ وَفِيهِمْ دُونَ أُمَّهَاتِهِمْ كَالْقَوْلِ فِي بَنَاتِ الْمُدَبَّرَةِ نَفْسِهَا، وَوَلَدُ الذُّكُورِ بِمَنْزِلَةِ أُمَّهَاتِهِمْ إنْ كُنَّ حَرَائِرَ كَانُوا أَحْرَارًا وَإِنْ كُنَّ إمَاءً كَانُوا إمَاءً لِمَنْ مَلَكَ أُمَّهَاتِهِمْ (قَالَ): وَإِذَا دَبَّرَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ أَوْلَادًا بَعْدَ التَّدْبِيرِ فَالْقَوْلُ فِيهَا وَفِيهِمْ كَمَا وَصَفْت، فَإِنْ رَجَعَ فِي تَدْبِيرِهَا، ثُمَّ وَلَدَتْ أَوْلَادًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ رَجَعَ فَالْوَلَدُ فِي مَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ مُدَبَّرٌ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ قَدْ أَحَاطَ أَنَّ التَّدْبِيرَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بَعْدَ الرُّجُوعِ فَالْوَلَدُ وَلَدٌ مَمْلُوكٌ لَا تَدْبِيرَ لَهُ إلَّا أَنْ يُحْدِثَ لَهُ السَّيِّدُ تَدْبِيرًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ):
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute