لَهُ مَطِيَّةً فَأَمَّا خَيْلٌ تَتَنَاتَجُ فَنَأْخُذُ مِنْهَا كَمَا أَخَذَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَدْ ذَهَبَ هَذَا الْمَذْهَبَ بَعْضُ الْمُفْتِينَ وَلَوْ ذَهَبْتُمْ هَذَا الْمَذْهَبَ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ يُحْتَمَلُ فَإِنْ لَمْ تَقُولُوا وَصِرْتُمْ إلَى اتِّبَاعِ مَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةً وَجُمْلَةُ كُلِّ شَيْءٍ عَلَيْهِ فَهَكَذَا فَاصْنَعُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَخْتَلِفُ أَقَاوِيلُكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
بَابٌ فِي الصَّلَاةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ صَلَّى بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ فَلَمْ يَقْرَأْ فِيهَا فَلَمَّا انْصَرَفَ قِيلَ لَهُ: مَا قَرَأَتْ قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ؟ قَالُوا: حَسَنًا قَالَ: فَلَا بَأْسَ، قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ مَنْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ وَلَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إلَّا بِقِرَاءَةٍ قَالَ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ هَذَا عَنْ عُمَرَ وَصَلَاتُهُ بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَزَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَمْ يَرَ إذَا كَانَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ حَسَنًا بَأْسًا وَلَا تَجِدُونَ عَنْهُ شَيْئًا أَحْرَى أَنْ يَكُونَ إجْمَاعًا مِنْهُ وَمِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَيْهِ عَادَةً مِنْ هَذَا إذَا كَانَ عِلْمُ الصَّلَاةِ ظَاهِرًا فَكَيْفَ خَالَفْتُمُوهُ فَإِنْ كُنْتُمْ إنَّمَا ذَهَبْتُمْ إلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ» فَيَنْبَغِي أَنْ تَذْهَبُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ هَذَا الْمَذْهَبَ فَإِذَا جَاءَ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تَدَعُوهُ لِشَيْءٍ إنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ كَمَا قُلْتُمْ هَهُنَا وَهَذَا مَوْضِعٌ لَكُمْ فِيهِ شُهُودٌ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ لَوْ ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ بِأَنْ تَقُولُوا: لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ لِمَنْ كَانَ ذَاكِرًا وَالنِّسْيَانُ مَوْضُوعٌ كَمَا أَنَّ نِسْيَانَ الْكَلَامِ عِنْدَكُمْ مَوْضُوعٌ فِي الصَّلَاةِ فَإِذَا أَمْكَنَكُمْ أَنْ تَقُولُوا هَذَا فِي الصَّلَاةِ فَلَمْ تَقُولُوهُ وَصِرْتُمْ إلَى جُمْلَةِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرَكْتُمْ مَا رَوَيْتُمْ عَنْ عُمَرَ وَمَنْ خَلْفَهُ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ لِجُمْلَةِ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَكَيْفَ لَمْ تَصْنَعُوا هَذَا فِيمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْصُوصًا بَيِّنًا لَا يَحْتَمِلُ مَا خَالَفَهُ مِثْلَ مَا احْتَمَلَ هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ بِالنِّسْيَانِ؟
بَابٌ فِي قَتْلِ الدَّوَابِّ الَّتِي لَا جَزَاءَ فِيهَا فِي الْحَجِّ
سَأَلْتُ الشَّافِعِيَّ عَنْ قَتْلِ الْقُرَادِ وَالْحَلَمَةِ فِي الْإِحْرَامِ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِقَتْلِهِ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَإِنَّمَا يَفْدِي الْمُحْرِمُ مَا قَتَلَ مِمَّا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَقُلْت لَهُ: مَا الْحُجَّةُ فِيهِ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ «رَأَى عُمَرَ يُقَرِّدُ بَعِيرًا لَهُ فِي طِينٍ بِالسُّقْيَا» فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّ صَاحِبَنَا يَقُولُ: لَا يَنْزِعُ الْحَرَامُ قُرَادًا وَلَا حَلَمَةً وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَ أَنْ يَنْزِعُ الْمُحْرِمُ قُرَادًا أَوْ حَلَمَةً مِنْ بَعِيرٍ قَالَ: وَكَيْفَ تَرَكْتُمْ قَوْلَ عُمَرَ وَهُوَ يُوَافِقُ السُّنَّةَ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَمَعَ عُمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ؟ فَإِنْ كُنْتُمْ ذَهَبْتُمْ إلَى التَّقْلِيدِ فَلِعُمَرَ بِمَكَانِهِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَفَضْلِ عِلْمِهِ وَمَعَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُوَافَقَةُ السُّنَّةِ أَوْلَى أَنْ تُقَلِّدُوهُ (قَالَ): وَقَدْ تَتْرُكُونَ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ وَلِرَأْيِ غَيْرِ ابْنِ عُمَرَ فَإِذَا تَرَكْتُمْ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طِيبِ الْمُحْرِمِ لِقَوْلِ عُمَرَ وَتَرَكْتُمْ عَلَى عُمَرَ تَقْرِيدَ الْبَعِيرِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَعَلَى ابْنِ عُمَرَ فِيمَا لَا يُحْصَى لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ فَالْعِلْمُ إلَيْكُمْ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ صَارَ فَلَا تَتَّبِعُونَ مِنْهُ إلَّا مَا شِئْتُمْ وَلَا تَقْبَلُونَ إلَّا مَا هَوَيْتُمْ وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِذَا زَعَمْتُمْ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ يُخَالِفُ عُمَرَ فِي هَذَا وَغَيْرِهِ فَكَيْفَ زَعَمْتُمْ أَنَّ الْفُقَهَاءَ بِالْمَدِينَةِ لَا يَخْتَلِفُونَ وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْهُمْ الِاخْتِلَافَ وَغَيْرُكُمْ يَرْوِيهِ عَنْهُمْ فِي أَكْثَرِ خَاصِّ الْفِقْهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: لَا يَصْدُرَنَّ أَحَدٌ مِنْ الْحَاجِّ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute