الرَّفِيقُ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الْغُسْلِ بِالسِّدْرِ، وَهُوَ تَنْظِيفٌ وَتَمْشِيَةٌ لَهُ (قَالَ): وَيُتْبَعُ مَا بَيْنَ أَظْفَارِهِ بِعُودٍ لَيِّنٍ يُخَلِّلُ مَا تَحْتَ أَظْفَارِ الْمَيِّتِ مِنْ وَسَخٍ وَفِي ظَاهِرِ أُذُنَيْهِ وَسِمَاخِهِ (قَالَ): والمهنى يُحْلَقُونَ فَإِنْ كَانَ بِأَحَدٍ مِنْهُمْ وَسَخٌ مُتَلَبِّدٌ رَأَيْت أَنْ يُغَسَّلَ بِالْأُشْنَانِ، وَيُتَابَعَ دَلْكُهُ لِيُنْقَى الْوَسَخُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: لَا أَرَى أَنْ يُحْلَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ شَعْرٌ، وَلَا يُجَزَّ لَهُ ظُفُرٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ بِذَلِكَ بَأْسًا، وَإِذَا حُنِّطَ الْمَيِّتُ وُضِعَ الْكَافُورُ عَلَى مَسَاجِدِهِ وَالْحَنُوطُ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ (قَالَ): وَإِنْ وُضِعَ فِيهِمَا وَفِي سَائِرِ جَسَدِهِ كَافُورٌ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ (قَالَ): وَيُوضَعُ الْحَنُوطُ، وَالْكَافُورُ عَلَى الْكُرْسُفِ ثُمَّ يُوضَعُ عَلَى مَنْخَرَيْهِ وَفِيهِ وَأُذُنَيْهِ وَدُبُرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ جِرَاحٌ نَافِذَةٌ وُضِعَ عَلَيْهَا (قَالَ): فَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْ مَيْتَتِهِ أَوْ مَيِّتِهِ أَنْ يَأْتِيَ عِنْدَ التَّحْرِيكِ إذَا حُمِلَا شَيْئًا لِعِلَّةٍ مِنْ الْعِلَلِ اسْتَحْبَبْت أَنْ يَشُدَّ عَلَى سُفْلِيّهمَا مَعًا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ يُمْسِكُ شَيْئًا إنْ أَتَى مِنْ ثَوْبٍ صَفِيقٍ فَإِنْ خَفَّ فَلِبْدٌ صَفِيقٌ (قَالَ): وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ الْمَيِّتُ تَبْخِيرٌ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ غُسْلِهِ لِيُوَارِيَ رِيحًا إنْ كَانَتْ مُتَغَيِّرَةً، وَلَا يُتْبَعُ بِنَارٍ إلَى الْقَبْرِ.
(قَالَ): وَأَحَبُّ إلَيَّ إنْ رَأَى مِنْ الْمُسْلِمِ شَيْئًا أَنْ لَا حَدَّثَ بِهِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ حَقِيقٌ أَنْ يَسْتُرَ مَا يَكْرَهُ مِنْ الْمُسْلِمِ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُغَسِّلَ الْمَيِّتَ إلَّا أَمِينٌ عَلَى غُسْلِهِ (قَالَ): وَأَوْلَى النَّاسِ بِغُسْلِهِ أَوْلَاهُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِنْ وَلِيَ ذَلِكَ غَيْرُهُ فَلَا بَأْسَ، وَأُحِبُّ أَنْ يَغُضَّ الَّذِي يَصُبُّ عَلَى الْمَيِّتِ بَصَرَهُ عَنْ الْمَيِّتِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ غُسْلِهِ وَاحِدٌ أَعَانَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ (قَالَ): ثُمَّ إذَا فُرِغَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ جُفِّفَ فِي ثَوْبٍ حَتَّى يَذْهَبَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الرُّطُوبَةِ ثُمَّ أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ (قَالَ): وَأُحِبُّ لِمَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ أَنْ يَغْتَسِلَ، وَلَيْسَ بِالْوَاجِبِ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ فِي تَرْكِ الْغُسْلِ مِنْهَا «لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ»، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَ الْمُسْلِمُ إذَا قَرَابَتِهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، وَيَتْبَعَ جَنَائِزَهُ، وَيَدْفِنَهُ وَلَكِنْ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ، وَذَلِكَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِغَسْلِ أَبِي طَالِبٍ» وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعَزَّى الْمُسْلِمُ إذَا مَاتَ قَالَ الرَّبِيعُ: إذَا مَاتَ أَبُوهُ كَافِرًا.
بَابٌ فِي كَمْ يُكَفَّنُ الْمَيِّتُ
أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَيُكَفَّنُ الْمَيِّتُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ، وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُقَمَّصَ، وَلَا يُعَمَّمَ» أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا كُفِّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا «لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَفَّنَ يَوْمَ أُحُدٍ بَعْضَ الْقَتْلَى بِنَمِرَةٍ» وَاحِدَةٍ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِيهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ نُقَصِّرَ عَنْهُ، وَعَلَى أَنَّهُ يُجْزِئُ مَا وَارَى الْعَوْرَةَ.
(قَالَ): فَإِنْ قُمِّصَ أَوْ عُمِّمَ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يُجَاوَزَ بِالْمَيِّتِ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ فَيَكُونَ سَرَفًا (قَالَ): وَإِذَا كُفِّنَ مَيِّتٌ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ أُجْمِرَتْ بِالْعُودِ حَتَّى يُعْبَقَ بِهَا الْمِجْمَرُ ثُمَّ يُبْسَطُ أَحْسَنُهَا وَأَوْسَعُهَا أَوَّلَهَا، وَيُدَرُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْحَنُوطِ ثُمَّ بُسِطَ عَلَيْهِ الَّذِي يَلِيهِ فِي السَّعَةِ ثُمَّ ذُرَّ عَلَيْهِ مِنْ حَنُوطٍ ثُمَّ بُسِطَ عَلَيْهِ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ ذُرَّ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ حَنُوطٍ ثُمَّ وُضِعَ الْمَيِّتُ عَلَيْهِ مُسْتَلْقِيًا، وَحُنِّطَ كَمَا وَصَفْت لَك وَوُضِعَ عَلَيْهِ الْقُطْنُ كَمَا وَصَفْتُهُ لَك ثُمَّ يَثْنِيَ عَلَيْهِ صَنِفَةِ الثَّوْبِ الَّذِي يَلِيهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ يَثْنِي عَلَيْهِ صَنِفَتهُ الْأُخْرَى عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ كَمَا يَشْتَمِلُ الْإِنْسَانُ بِالسَّاجِ (يَعْنِي الطَّيْلَسَانَ) حَتَّى تُوَازِيَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute